منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03 - 05 - 2014, 06:27 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,139

صورة كنيسة الإسكندرية

وصف الدكتور يوسف زيدان كنيسة الإسكندرية بـ"الكنيسة التي أظلمت العالم"[99]!! وجعل منها رمزا للقسوة بل والإرهاب والجبروت والدمار! ووصف قادتها بدءًا من القديس مرقس الرسول، متخذًا صورة الأسد الذي كان رمزا وشعارًا للإنجيل للقديس مرقس، وأتخذ من معنى أسم القديس مرقس اللاتيني "المطرقة" إيحاء لما وصفه بقسوة وجبروت الكنيسة متمثلة في رجالها بدأ من البابا ثاوفيلوس (385-412م) خال البابا كيرلس عمود الدين (412-444م) وسابقه إلى كهنة الإسكندرية ورهبان وادي النطرون.. الخ ووصفهم بأوصاف لا تنطبق إلا على كهنة الشيطان! وجعل منهم أشرار الرواية! هذا الوصف الذي كان يوصف به الأشرار في الروايات القديمة التي عفا عليها الزمن والتي كانت تصور الشرير بحجم معين وملامح معينة ثبت علميًا أنها غير صحيحة وقد توقف كتُاب الرواية وكتُاب السيناريو في التليفزيون والسينما، عن استخدامها لمناقضتها للواقع! فراح يصور البابا كيرلس عمود الدين ورجال الدين المسيحي في عصره بكائنات فظة قاسية غليظة القلب، ضخام الأجسام، تكتنز أجسامهم لحما، وتهتز كروشهم المتخمة ولهم صوت أجش، وقد وصف أحدهم بقوله "قس ضخم، أجش الصوت"[100]! وأنهم "كالجراد، يأكلون كل ما هو يانع في المدينة، ويملئون الحياة كآبة"[101]! "كنيسة الإسكندرية بحسب المشهور من أخبارها قوية وحاسمة، ورجالها الآن اغلبهم قساة"[102]! والإيمان بالنسبة لهم "لا يكون إيمانا، إلا إذا كان يناقض العقل والمنطق"! كما "إنهم يتكاثرون حولنا كالجراد، يملأون البلاد مثل لعنة حلت بالعالم"[103]! وراح يقول بلسان الراهب: "على باب الكنيسة، استوقفني رجل يلبس ثوبا كنسيا ضيقًا، يكاد ينفزر معه بدنه الضخم. كانت هيئته غريبة: بدن مصارع مكسو بثياب قس! في عينيه حدة، وفي عبوس وجهة قسوة سياف لا وداعة قسوس. ولأن ملابسي تدعوه لاحتقاري، فقد نظر إلى باستهانة وهو عاقد ذراعيه على صدره"[104]! كما يصف البطريرك ثيوفيلوس بـ"الأسقف السابق ثيوفيلوس وأعماله العنيفة"[105]!
كما صور المسيحيون ورجال الدين المسيحي ككل بالوحوش الكاسرة والقتلة والمجرمون الذين يقتلون باسم ربهم العجيب "لا يرحمون ضعيف أو مقهور، وجوههم دائما مكفهرة، يقتلون كل من هو غير مسيحي، سواء كان يهودي أو وثني بلا شفقة ولا رحمة!"، وبالتعبير البلدي؛ عليهم غضب الله!

صورة كنيسة الإسكندرية
وهذا عكس الصورة الحقيقية التي كانت هي طابع رهبان مصر والإسكندرية والسمة العامة التي كانت تميزهم وهي الزهد والتقشف وكثرة الأصوام. د. زيدان يكتب هنا بوحي من عزازيله الشرير وشيطانه الذي لم يستطع إلهه المألوه أن يعينه عليه! ويبدو أنه متأثر هنا بشدة بالصور الهابطة والمفتعلة وغير المنطقية التي صور بها كتاب السيناريو ومخرجي السينما الأفلام الدينية التي كانت تصور الكفار والمشركين في شبه الجزيرة العربية وكأنهم كائنات شيطانية جاءت من كواكب أخرى لا يعيش فيها سوى الشياطين ذات الصور القبيحة كما تصورهم الروايات القديمة! هذه الصورة المقززة التي تحاول أن توهم المشاهد أن الكفار الذين كانوا يحاربون الأنبياء ما هم إلا أشخاص نهمون ذووا أجساد بدينة من كثرة نهمهم وأن أديانهم كانت تدعوهم لذلك! وكأن لا عقول لهم ولا فكر ولا مبدأ! وعكس ذلك على رجال كنيسة الإسكندرية والذي يبدو أنه يراهم هكذا!
ونقول له يا أستاذ الفلسفة أن من يسميهم المؤمنون بالكفار لم يكونوا شياطين متجسدة بل كانت لهم عقائد وأديان ورثوها عن آبائهم وتربوا عليها وكانوا يرون أنها الحق كما ترى أنت في إيمانك، أيًا كان، من وجهة نظر الأخر، أنه الحق!
بل أن الصورة التي تصور بها الأفلام القديمة كفار قريش وشبه الجزيرة العربية في الأفلام والمسلسلات الدينية أفضل بكثير مما صورته لقادة الكنيسة! علما بأنك تعاملت مع الرهبان وبعض قادة الكنيسة وكنت صديقا لبعضهم فهل رأيت فيهم هذه الصورة؟! أم أنك انقلبت عليهم هكذا بدون مقدمات وانسقت وراء عزازيلك وشيطانك الشرير فغرر بك وصور لك ما كتبته؟! وأن ما خطته يداك لا يمكن أن تكون قد استقيته إلا من الأفلام الدينية العربية القديمة ووصفها الهابط لمن يوصفون بالكفر والشرك! فمن الواضح جدًا أن عزازيلك الذي هو شيطانك، الذي لم يعينك إلهك المألوه عليه، أو عقلك الباطن، والذي لم يفارقك طوال الرواية تمكن منك جيدًا فصرت كصدى لأفكاره ووحيه وخياله!
وراح د. زيدان يقارن بوحي من عزازيله أو شيطانه، الذي من الواضح أن إلهه المألوه لم يعينه عليه، فافلت الزمام من قلمه، يقارن بين سمو المسيحية التي شوهها بتصويره الباطل لرجالها ومقارنتهم بالعشيقات الوثنيات اللواتي جعل راهبه، الذي اخترعه له عزازيله، يمارس معهن الجنس المحرم الذي أحله د. زيدان بوحي من عزازيله أو شيطانه، واعتبره الجنة الموعودة، جنة عزازيل د. زيدان وشيطانه! بل وتفضيله لأولئك العشيقات اللواتي يقدمن الحب والجنس المحرم والمتعة المحرمة، بعيدا عن الزواج، على المسيحيين ورجال الدين المسيحي دائمًا! وعلى سبيل المثال عندما يقارن بين أم الراهب المسيحية والمتزوجة من مسيحي وبين عشيقة راهبه أو عزازيله أوكتافيا فيقول: "أمي التي تنام كل ليلة، في حضن رجل آثمة يداه. أنني اكرهه واكرهها. الكراهية ستقتلني، أنا الذي يجب عليه أن يحب أعداءه، ويحسن لمن أساء إليه، كي يكون مسيحيا حقا، ومحبا حقا... لم أر المحبة الحقة، إلا في امرأة وثنية لقيتني صدفة علي شاطئ البحر، وأدخلتني جنتها ثلاث ليال سويا، وأربعة أيام لا تنسي... لو عدت إلى اوكتافيا ثانية، هل ستقبلني، أم تصفني ثانية بالوضاعة والحقارة؟"[106].
ولا ندري ما هي المحبة الحقيقية التي أعطتها لها عشيقته والتي يقصدها؟! هل هي ممارسة الجنس المحرم بدون زواج ولا قيود، وكسر نذره كراهب؟ ومخالفة الوصية القائلة "لا تزن" (خر20:4)، والمعروف أن الزنا وشهوة الزنا بالنسبة للراهب يعتبر من أكثر الخطايا التي يحاربها بشدة! بل وبالنسبة لله فهو يحرم الإنسان، في حالة عدم التوبة، من الحياة الأبدية، حيث يقول الكتاب "من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه" (مت5:28)، "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني" (رؤ21:8)،بل ولا ندرى أن كان هذا، من وجهة نظر عزازيل د. زيدان وشيطانه، يجعلها مفضلة على أمه المتزوجة وتعيش مع زوجها، بصرف النظر عما زعمه من سكوتها على مقتل زوجها، أبيه، هذا القتل الوهمي الذي لا وجود له في الحقيقة والتاريخ والذي أختلقه وهم وخيال وعزازيل د. يوسف زيدان وشيطانه الشرير؟! أم لأنها أنسته نذره وبتوليته اللذين نزرهما لله؟! أم لأنها نزعت من قلبه كل أثر لوجود الله في حياته؟!
وبالمثل عندما يتكلم عن لهفة الراهب لرؤية هيباتيا والتي يربط شوقه ومحبته لها ولهفته لجمالها بالمقارنة بمن يسميهم جماعة "محبي الآلام" والتي صورها عزازيله أو شيطانه لجماعة وصفها بالإرهابية! يقول: "لن أنجو من وشايات الجماعة الرهيبة المسماة محبي الآلام، وسوف القي بسببهم مصير أبي، ويسعدون هم مثلما سعدت امي.."[107]، بل ويصف الرهبنة والرهبان بأسوأ الصفات التي وصفت بها الأفلام القديمة كهنة عبدة الأوثان بصورة هابطة! ومن ثم راح يصف صوت راهب طاعن في السن بأنه مثل: "فحيح الأفاعي، وكانت لهجته لاذعة كلسع العقارب"[108]!
أما اكبر شخصية نالها بالإساءة والتشويه، وكأنه يوجد ثأرًا شخصيًا بينهما، د. زيدان والبابا كيرلس عمود الدين! والذي تكلم عنه كإرهابي وشرير قاسي القلب، متكبر ومغرور! فوصفه بالذي يحب أخوته اليهود لدرجة موتهم وطردهم خارج أسوار الإسكندرية [109]! كما يصف كنيسة الإسكندرية بـ"الكنيسة التي أظلمت العالم"[110]! ويقول عن البابا كيرلس بلسان أوكتافيا: "كيرلس.. عجلت الآلهة بنهاية أيامه السوداء، لقد جعل المدينة كئيبة كالخراب منذ تولى أمرهم"[111]! هل هذا قول أوكتافيا التي أنطقها به عزازيل د. زيدان وشيطانه الشرير أم رأيه الخاص الذي وضعه على لسانها؟! وفي مقارنة بين المسيح والبطريرك كيرلس يقول: "لما رأيت الأسقف أول مرة، هي شرفة واحدة، فوقها صليب ضخم من الخشب، معلق عليه تمثال يسوع المصنوع من الجص الملون. من جبهة المسيح المصلوب ويديه وقدميه، تتساقط الدماء الملونة بالأحمر القاني. نظرت إلى الثوب الممزق في تمثال يسوع، ثم إلى الرداء الموشي للأسقف... ملابس يسوع أسمال بالية ممزقة عن صدره ومعظم أعضائه، وملابس الأسقف محلاة بخيوط ذهبية تغطيه كله، وبالكاد تظهر وجهه. يد يسوع فارغة من حطام دنيانا، وفي يد الأسقف صولجان أظنه، من شدة بريقه، مصنوعا من الذهب الخالص. فوق رأس يسوع أشواك تاج الآلام، وعلي رأس الأسقف تاج ذهبي براق... بدا لي يسوع مستسلما وهو يقبل تضحيته بنفسه علي صليب الفداء، وبدا لي كيرلس مقبلا علي الإمساك بإطراف السماوات والأرض"[112]! وهنا يصور القديس كيرلس بصورة لم يقل بمثلها أي كاتب عبر التاريخ بل وعكس ما كتب عنه الكاتب والعالم الإنجليزي والمؤرخ والروائي وأستاذ الجامعة تشارلز كنجزلي، الذي استوحى د. زيدان منه فكرة روايته، والذي كتب في وصف القديس كيرلس والمكان الذي كان يعيش فيه: "كان أثاث الغرفة بسيطًا، وثياب البطريرك ومرافقوه خشنة عادية"[113]. وإلى جانب تجنيه على التاريخ الحقيقي للقديس كيرلس الذي وصفه بعكس صفاته سقط في خطأ لا يسقط فيه اصغر طفل مسيحي يدرس في مدارس الأحد وهو أنه تكلم عن وضع التماثيل في مقر البطريركية! في حين أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحرم استخدام التماثيل أو وضعها في الكنائس مطلقًا! كما يزعم أنه كان يمسك صولجانا ذهبيا في يديه وهذا من وحي خيالة لأن جميع بطاركة الكرازة المرقسية لا يمسكون صولجانًا بل عصا الرعاية! وهناك فرق كبير بين الصولجان الذي يشير للسلطة الأرضية والملكوت الأرضي، الذي يوحي به عزازيل د. زيدان وشيطانه الشرير لتعطش القديس كيرلس للسلطة الدنيوية بعكس ما يقوله التاريخ، وبين عصا الرعاية البسيطة التي ترمز لرعياته لشعبه!
كما وصف القديس كيرلس بالذي يكره العلم ويرفض العلماء! فعند الإجابة على سؤال يقول:
"- ومن هو أعظم المتبحرين في علوم الطب؟
- يا صاحب القداسة، يقال إنه مصري قديم اسمه أمنحوتب، أو هو اليوناني الشهير أبقرات. أم تراك يا أبت تقصد الذين جاءوا بعدهما من الأطباء الإسكندرانيين، من أمثال هيروفليوس، أو الذين درسوا بالإسكندرية من أمثال جالينوس؟
- خطأ.. إجاباتك كلها خاطئة، فالذين ذكرتهم كلهم وثنيون، ولم يستطع واحد منهم أن يبرئ المجذوم والأبرص، وأن يحيى بلمسة من يده إنسانًا ميتًا!
- عفوًا يا صاحب الغبطة، لكنني لم أفهم ما تقصد إليه.
- إن ربنا يسوع المسيح، أيها الراهب، هو بحر الطب. فتعلم منه، ومن سير القديسين والشهداء، واغتراب البركات بيد تقواك وإخلاصك"! ثم يكمل وصفه له بقوله: "وما هي يا صاحب القداسة، العلوم التي لا نفع لها. حتى أعرفها، وأحرص على الابتعاد عنها؟
- هي أيها الراهب، خزعبلات المهرطقين وأوهام المشتغلين بالفلك والرياضيات والسحر. فاعرف ذلك وابتعد عنه، لتقترب من سبل الرب وطرق الخلاص. إن كنت تريد تاريخًا؟ إليك التوراة وسفر الملوك. أو تريد بلاغة؟ إليك سفر الأنبياء. أو تريد شعرًا؟ إليك المزامير. وإن أردت الفلك والقانون والأخلاق، فإليك قانون الرب المجيد"[114]. والسؤال من أين أتيت بهذا الهراء يا دكتور؟! فقد أضلك عزازيلك وتحكم في كل أفكارك! فلا يوجد أي كتاب تاريخي واحد قال بمثل هذا الهراء، وقد كتب القديس كيرلس عشرات الكتب والرسائل اللاهوتية ولم يشر فيها لا من قريب أو من بعيد لمثل هذا الكلام المكذوب!
وهكذا وضع شيطان الكاتب أو عزازيله الشرير، ذو الخيال الشيطاني المريض، صورة وهمية من خياله الذي نتمنى أن يتخلص منه على يد طبيب متخصص في علاج من يسيطر عليه عزازيله! وتجاهل أن الكنيسة تؤكد دائما على حقيقة كون القديس لوقا، مدون الإنجيل الثالث، كان طبيبًا وحكيمًا ومؤرخًا ورسامًا، بل وكان معظم آباء الكنيسة من المدافعين في القرنين الثاني والثالث من أمثال يوستينوس (150 م.)، وكاتب الرسالة إلى ديوجانيس (120-150 م.)، وأريستيدس الأثيني (حوالي 140 م.)؛ وأثيناغوراس الأثيني (كتب حوالي 180م) وأكليمندس الإسكندري (150-215 م.) والعلامة هيبوليتوس الروماني (استشهد في 235 م.)، والعلامة ترتليان (160-230)، والعلاَّمة ثيؤغناسطس الإسكندري (متوفى سنة 282).. الخ. وكلهم كانوا من المدافعين والفلاسفة والذين ناقشوا المسيحية ودافعوا عنها وقدموها للعالم اليوناني بحسب ما تسلموها من التسليم الرسولي ولكن بأسلوب فلسفي يتناسب مع أصحاب الديانات والفلسفات التي كانت معاصرة. وفوق كل ذلك مدرسة الإسكندرية اللاهوتية التي نشأت في الإسكندرية صاحبة المدرسة العريقة والمكتبة العريقة والتي دمرها من لا يدركون قدرها ومضمونها ومحتواها! بل وأن كل علماء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية كانوا الشعلة المضيئة والمنار الذي اهتدت به كل سفن العالم المسيحي في القرون الأربعة الأولى، وأنها لم تقف في يوم من الأيام ضد العلم أو العلماء، وخاصة أن العلوم في عصرها كانت في بدايتها، وأن كان بعض البسطاء من عامة المسيحيين فهموا خطأ المخترعات العلمية الفلكية في عصرهم فهذا لا يحسب لا على الكنيسة ولا على القديس كيرلس لأن الكنيسة كانت منشغلة بأمور كانت تشغلها أكثر مثل مواجهة الوثنية واليهودية والهراطقة إلى جانب الاضطهاد المتكرر والمتواصل أو المتقطع للمسيحيين والمسيحية، سواء قبل قانون ميلان (313م) الخاص بالحرية الدينية أو بعده، إلى جانب الصراع المتواصل وغير المتوقف بين المسيحية والهراطقة مثل الآريوسية والنسطورية وما بينهما وما بعدهما.
كما وصف، على لسان راهبه، الذي ألفه شيطانه وعزازيله، هيبا، تعامل كنيسة الإسكندرية مع خصومها اللاهوتيين بالأسد الذي ينشب بأنيابه ومخالبه في فريسة حتى يجهز عليها، فيقول: "بعدما أنتهي (نسطور) وقد هدا تماما، سألته متلطفا: ولماذا لا نترك لعوام أهل الديانة، والجهال، اعتقاداتهم المختلطة بالأوهام المريحة لهم، والمناسبة لإدراكهم. ونشرح الحقائق لعلماء اللاهوت ورجال الاكليروس، وكهنة الكنائس، لأن هؤلاء قادرون على فهم هذه المسائل اللاهوتية الدقيقة، ثم نترك العوام يفهمون منهم، جيلا من بعد جيل، من دون أن نصدمهم.
- ولماذا نلجأ لهذه المناورة
- مضطرون يا نيافة الأسقف، مضطرون. حتى نتفادى أنياب ومخالب الأسد المرقسى! أبتسم نسطور لدعابتي الرامزة، وقد أدرك بذهنه الملوح أنني أشير إلى ما ينتشر في الإسكندرية من إيمان بان القديس مرقس رسول الإسكندرية اتخذ من الأسد شعارا. أو بالأحرى، أعطاه الاسكندرانيون وأعطوا أنفسهم رمز الأسد بان رسموا القديس مرقس الرسول في كتبهم وعلى جدران بيوتهم، وهو يكتب الإنجيل والأسد رابض بجواره يتأمل ما يكتبه"[115].
وهنا سقط الكاتب في خطأ لا يقع فيه طفل من أطفال مدارس الأحد بالكنيسة وهو أن القديس مرقس لم يتخذ من الأسد شعارا ولا كنيسة الإسكندرية فعلت ذلك، بالمفهوم الذي قدمه شيطان أو عزازيل د. زيدان، بل أن آباء الكنيسة الأولى وصفوا الأناجيل الأربعة بالوصف الذي جاء في (رؤيا4:7) عن المخلوقات الحية التي تحيط بالعرش الإلهي "الكائن الحي الأول شبه أسد والكائن الحي الثاني شبه عجل والكائن الحي الثالث له وجه مثل وجه إنسان والكائن الحي الرابع شبه نسر طائر". فوصفوا الإنجيل للقديس متى بوصف الإنسان لأنه يقدم المسيح ابن الإنسان والإنجيل للقديس مرقس بالأسد لأنه يقدم المسيح في قوته والإنجيل للقديس لوقا بالثور لأنه يقدم المسيح باعتباره الفادي والإنجيل للقديس يوحنا بالنسر الذي يحلق في الفضاء لأنه يقدم المسيح في لاهوته. أي أن آباء الكنيسة هم من وصفوا الإنجيل للقديس مرقس بهذا الوصف لأن القديس مرقس يبدأ الإنجيل بقوله: "صوت صارخ في البرية"، وكأنه صوت أسد يدوي في البريّة كملك الحيوانات يهيئ الطريق لمجيء الملك الحقيقي ربنا يسوع المسيح. هذا وإذ جاء الإنجيل يُعلن سلطان الرب يسوع المسيح لذلك لاق أن يُرمز له بالأسد، إذ قيل عن الرب يسوع أنه "الأسد الخارج من سبط يهوذا" (رؤ5: 5). لذا قال أمبروسيوس من آباء القرن الرابع: "أن مار مرقس بدأ إنجيله بإعلان سلطان لاهوت السيد المسيح الخادم "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (1: 1)، لذلك بحق يرمز له بالأسد". كما أن أهل البندقيّة، بإيطاليا، يتشفعون بالقديس مرقس وقد جعلوا الأسد رمزًا لهم، وأقاموا أسدًا مجنحًا في ساحة مار مرقس بمدينتهم.
كما تجاهل الكاتب أو جهل حقيقة هامة أنستها له أوهامه أو أنساها له عزازيله الشرير، وهي أن كنيسة الإسكندرية برغم مكانتها وقوتها في تلك الفترة إلا أنها كانت إحدى الكراسي الرسولية الخمسة مع كنائس روما وإنطاكية وأُورشليم والقسطنطينية، وأن جميع هذه الكراسي الرسولية كانت قد تسلمت نفس التقليد الرسولي الذي تسلمته كنيسة الإسكندرية من الرسل مباشرة، وهؤلاء الرسل كانوا 12 (تلميذًا) + 70 (رسولًا) + أكثر من 500 أخ، أي حوالي 600 رسولًا، غير الذين تتلمذوا على أيديهم، كانوا شهودا للمسيح وكان لسان حالهم يقول مع القديس يوحنا: "الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فأن الحياة قد أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا" (1يو1:1-3)، ومع القديس بطرس "لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته" (2بط1:16). كما أن جميع قادة الهراطقة، في القرون الخمسة الأولى، لم يكونوا إلا مجرد أفراد عددهم لا يزيد على أصابع اليد، والذين اعتمدوا على فكرهم الخاص وتأثروا ببعض الفلسفات المعاصرة، مثل آريوس الذي تأثر بفكر معلمه لوسيان السوري بل وبدرجة أكبر بفكر الفيلسوف فيلو اليهودي السكندري الذي مزج بين الفلسفة اليونانية، خاصة الرواقية، واليهودية وتجاهل التقليد الرسولي للكنيسة وكان مؤيدوه من الأساقفة مثل يوسابيوس النيقوميدي وغيره من زملائه الذين تتلمذوا معه على يد لوسيان، ولذا وصفوا في بعض مراحل الحوار الأرثوذكسي الآريوسي باللوسيانيين نسبة على لوسيان! والذين لم يزد عددهم في مجمع نيقية عن سبعة أفراد من بين 318 أسقفًا، (أي اقل من 3%)، مثلوا جميع إيبارشيات وبلاد العالم المسيحي وكل الكراسي الرسولية في ذلك الوقت! وهؤلاء تراجعوا عن فكرهم اللوسياني الآريوسي في مجمع نيقية حتى ولو كان تراجعهم ظاهريا لأنهم لم يستطيعوا أن يواجهوا قوة حجة الكنيسة الرسولية متمثلة في الكنيسة الأرثوذكسية المصرية والتي أيدتها جميع الكنائس المسيحية بكراسيها الرسولية الخمس بما فيها الكنائس التابعة لها في كل بلاد دول حوض البحر المتوسط (في أوربا وآسيا وأفريقيا) وما بين النهرين (سوريا والعراق) وفارس والعربية وجنوب الهند، كما أعتمد نسطور على فكره الخاص وخاصة صعوبة استيعابه لحقيقة التجسد الإلهي وكيفية اتحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة الإنسانية للرب يسوع المسيح في بطن مريم العذراء، وأن الذي خرج وولد من رحمها هو الإله المتجسد، وأعتمد على فكره الخاص وتجاهل التسيلم الرسولي نهائيًا!
ويكمل د. زيدان أو شيطانه، عزازيله الشرير، وصفه السيئ لكنيسة الإسكندرية ويقول: "فالذي يخرج من الإسكندرية مغاضبًا أو مغضوبًا عليه، لا ينبغي له العودة إليها. تجارب الأيام دلت على ذلك وأكدته! فقد عاد إليها اوريجين بعدما ذهب عنها مغاضبًا، فإذاقة أسقف زمانه ديمتريوس الكرام كؤوس المرار. جرى ذلك قبل مائتي عام، ولم يكن أسقف المدينة أيامها بمثل قوة أسقفها اليوم، ولم تكن الإسكندرية وقتها تعرف بالمدينة العظمى، ولم تكن واجهات بيوتها وجدران كنائسها قد امتلأت بصور مرقس الإنجيلي وبجواره الأسد الرابض، ولم يكن اوريجين مسكينًا مثلى! ومع ذلك ذاق على أيديهم المرار والويل.. وبعده بثمانين عامًا، استدرج الاسكندرانيون الراهب آريوس إلى القسطنطينية من منفاه ببلاد القوط (إسبانيا) بعدما كان قد استقر هادئا هانئًا بأقصى العالم. استدرجوه، بعدما حرموه وعزلوه ومثلوا بسمعته. لم يرضوا له أن يموت في سلام. ولما انخدع وذهب ليلتقي بالأسقف إسكندر في بلاد قسطنطين الإمبراطور، أملًا في الوفاق وحل النزاع اللاهوتي الذي أغضب الإسكندرية، لقي آريوس مصيره المفجع ومات مسمومًا. ولم يكن أسقف الإسكندرية أيامها بمثل قوة أسقفها اليوم، ولا كان آريوس مسكينًا مثلى!"[116]!
وهو هنا يجزم بموت آريوس مسموما ويوحي بأن كنيسة الإسكندرية هي التي فعلت ذلك! وهذا الكلام لم يقل به أي مؤرخ سواء مسيحي أو غير مسيحي على الإطلاق بل هو خيال عزازيل د. يوسف زيدان وشيطانه الشرير!
ومن الواضح هنا أنه يدخل في مناطق يجهلها أو يستغلها بعكس حقيقتها وبدون الكشف عن خلفياتها التي أدت بها إلى ما آلت إليه؛ فقد تحدث عن اوريجانوس وصوره كشهيد مغضوب عليه وتجاهل أن الكنيسة لا تزال تحتفظ بكتاباته ومكانته برغم سقطاته الكثيرة التي سقط فيها بسبب تأثره الشديد بالفكر الغنوسي وجراءته الشديدة في الإعلان عن كل ما يفكر فيه علانية بصرف النظر عن مطابقته للتسليم الرسولي والكتاب المقدس، ومن ثم فقد سقط في أخطاء كثيرة مثل القول بأزلية المادة وأزلية الأرواح وأنها كانت موجودة منذ الأزل، ولأن المادة أزلية والروح أزلي وأن الله يخلق منذ الأزل، لذا فالإنسان خلق منذ الأزل كروح، ويكون الإنسان بهذا المفهوم أزلي وأن أزلية الله ما هي إلا واقع نظري أو منطقي، كما نادى بأن نهاية كل البشرية ستكون بحسب المسيح نهاية واحدة ومصير واحد بما فيها الشيطان نفسه! وهذه الأفكار فلسفية بل مزيج من الغنوسية وفكر أفلاطون مع محاولاته التوفيق بين قول الفلاسفة بأزلية المادة وقول الكتاب المقدس بخلق المادة! هذه الأفكار وغيرها جاءت صادمة للكنيسة ومضادة للتسليم الرسولي مما جعل بعض آباء الكنيسة يختلفون بشأن آرائه، لمدة سنوات طويلة، بين مؤيد لأفكاره مثل من تسموا بالأخوة الطوال[117]، ومعارض لها، مثل أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص، وبين من حاول أن يميز بين معتقداته وما قدمه للقراء من آراء افتراضية مثل القديس أثناسيوس الرسولي والقديس جيروم[118]. هذا إلى جانب فهمه الخاطئ لقول الرب يسوع المسيح: "لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم. ويوجد خصيان خصاهم الناس. ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات. من استطاع أن يقبل فليقبل" (مت19:22)، والتي قصد بها الرب يسوع المسيح المعنى الروحي فطبقها اوريجانوس على نفسه حرفيا فخصى نفسه مخالفا بذلك تعاليم الكنيسة.
أما زعمه وإيحاؤه بأن كنيسة الإسكندرية استدرجت آريوس وقتلته بالسم فهذا افتراء على الكنيسة وتاريخها وكذب لم يقل به أي مؤرخ مسيحي أو غير مسيحي من الذين عاصروا الأحداث، بل أجمع المؤرخون أن موت آريوس كان عقابا إلهيا له لأنه مزق جسد المسيح وأدخل الكنيسة في صراعات عطلت كرازتها ورسالتها سنوات طويلة! فهو يقول زاعما في كذب واضح ومكشوف بل ومفضوح: "استدرج الاسكندرانيون الراهب آريوس إلى القسطنطينية من منفاه ببلاد القوط (إسبانيا) بعدما كان قد استقر هادئا هانئًا بأقصى العالم. استدرجوه، بعدما حرموه وعزلوه ومثلوا بسمعته. لم يرضوا له أن يموت في سلام. ولما انخدع وذهب ليلتقي بالأسقف إسكندر في بلاد قسطنطين الإمبراطور، أملًا في الوفاق وحل النزاع اللاهوتي الذي أغضب الإسكندرية، لقي آريوس مصيره المفجع ومات مسمومًا"! وهذا كذب مفضوح وافتراء على التاريخ وكنيسة الإسكندرية:
(1) فكنيسة الإسكندرية كانت رافضة بصورة مطلقة لعودة آريوس إلى الإسكندرية بأي شكل من الأشكال ولم تطالب بعودته ولم تستدرجه، كما افترى شيطان د. يوسف زيدان وعزازيله الشرير على الكنيسة! بل أن أنصاره وعلى رأسهم يوسابيوس النيقوميدي هم الذين سعوا بشدة وإلحاح عند الإمبراطور قسطنطين وجعلوا آريوس يتظاهر بقبوله لقانون الإيمان الأرثوذكسي، قانون مجمع نيقية وكتب إقرار بذلك بل وكتب قانونا ذكرنا نصه في حينه ولكن شعب الإسكندرية وأساقفتها رفضوه بصورة مطلقة وحدث بسبب ذلك اضطراب شديد، فطلب الإمبراطور من أليكساندر أسقف القسطنطينية أن يقبله حتى تحتذي به بقية الكنائس ولكن أليكساندر كان رافضا فهدده مناصرو آريوس بأن الإمبراطور سيعزله إذا لم يقبل آريوس، وهنا حدث اضطراب شديد وانتقلت الفوضى من الإسكندرية إلى القسطنطينية، وكما يقول عبد العزيز جمال الدين في تعليقه على كتاب تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع: "وتحرج موقفه (أي أليكساندر) أمام الإمبراطور الذي حدد يوما يتم فيه ذلك على مرأى من الجميع، وتعقدت المشكلة ولكنها لم تلبث أن حلت فجأة بوفاة آريوس في نفس اليوم من عام 334م. وعد خصومه وفاته دليلا على الغضب الإلهي، كما جرت بذلك أقلام مؤرخي الكنيسة جميعهم"[119].
(2) وكما هو واضح فأن كنيسة الإسكندرية كانت رافضة له ولم تستدرجه من الأساس بل أن من ألح في عودته هم أنصاره وحاولوا إعادته للإسكندرية بأمر الإمبراطور، بل وكان في القسطنطينية بأمر الإمبراطور، ومات وهو محاط بأنصاره ومحمي برجاله ورجال الإمبراطور، فكيف يزعم عزازيل د. يوسف زيدان وشيطانه الشرير زورا وبهتانًا بأن كنيسة الإسكندرية هي التي استدرجته وقتلته؟! أتق الله يا د. وأبعد عنك عزازيلك الذي من الواضح أن إلهك المألوه لم يعنيك عليه فغلبك وتغلب على فكرك! بل أنصحك أن تذهب لأحد كهنة كنيسة الإسكندرية ليصلي لك فربما يجعلك تنتصر على عزازيلك، الذي لم يستطع إلهك المألوه أن يعينك عليه، فتعود إلى صفاء نفسك!
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كنيسة الإسكندرية
آباء كنيسة الإسكندرية
كنيسة الإسكندرية بعد عهد جوستنيان
ما هي أقدم كنيسة في القاهرة؟ وما أقدم كنيسة بنيت في الإسكندرية؟
محامي كنيسة الإسكندرية لـ cnn اختصام مرسي ومدير المخابرات العامة في قضية تفجير كنيسة القديسين


الساعة الآن 10:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024