رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اللوغوس λόγος - هل اللوغوس هو العقل ؟
قد اختلط عند الكثيرين مفهوم اللوغوس واستندوا في الشرح والتفسير على المعنى الفلسفي للكلمة، فهناك خلط واضح ما بين الإنجيل والفلسفة، لأن مصدر مقولة أن الابن هو العقل التي يشرحها بعض شراح الكتاب المقدس عن دون قصد، هو مصدر فكري فلسفي، لأن مستحيل أن نبدل كلمة λόγος لوغوس في إنجيل يوحنا التي تُرجمت بالكلمة ونستبدلها بكلمة العقل، فمن المحال أن نقول في البدء كان العقل عوض الكلمة، أو نقول المسيح الكلمة عقل الآب، هذا القول ربما البعض يقوله لتسهيل الشرح مع أنه لاهوتياً خطأ كلفظ !!! ومستحيل أن ندمج الاثنين معاً (أي الكلمة والعقل)، لأن فلسفياً: الكلمة وليدة العقل المفكر، أي يسبقها التفكير، وفي الله الثالوث القدوس لا يوجد سابق ولا لاحق، لئلا لا يكون إله واحد بسيط في طبيعته ... وأول من شرح معنى اللوغوس بأنه عقل الله هو العلامة اليهودي فيلون ( 30 ق.م – 50 ب.م )، وشرحه ما هو إلا عبارة عن محاولة الربط بين الدين والفلسفة اليونانية: وقد تحدث عن اللوغوس على وجهين: الوجة الأول – من حيث أنه هو عقل الله الباطن، ويحوي في داخله مثال العالم، وهو يُشبه العقل الباطن في الإنسان، ويدعوه Logos endiathetosوبالنسبة للوجه الأول لشرح اللوغوس عند فيلون، فأن اللوغوس يكون واحداً مع الكيان الإلهي غير المرئي . وبالنسبة للوجه الثاني لشرح اللوغوس عند فيلون، فإن اللوغوس يحيط بكل أعمال وإعلانات الله في العالم وهو بداية الخليقة، وهو صورة الله الوسيط بين الله والعالم !!! عموماً بدون تطويل لكي لا ندخل في مهاترات الفلاسفة تفسد بساطة الإيمان الحي بالله الكلمة، لأني لا أنوي أن اكتب بحث تاريخي ولا فلسفي، إنما أوضح فقط أن القديس يوحنا الرسول لم يتعلم من فيلون أو استقى من الفلسفة اليونانية شيئاً على الإطلاق كما يدَّعي بعض الغير فاهمي الحق المعلن في ملء الزمان، فان كان قد كتب لفظة اللوغوس، ولكنه ابتعد تماماً عن المعنى الفلسفي لأن اللوغوس عند القديس يوحنا هو شخص المسيح الكلمة المتجسد، وليس مجرد فكر فلسفي أو شيء عقلي، بل هو الكلمة المشخصة، أي شخص وليس مجرد كلمة منطوقة وليدة عقل، وقد أدركه القديس يوحنا من أقواله وتعاليمه شخصياً، فقد رآه ولمسته يديه من جهة كلمة الحياة، فهو هنا يشهد عن الحياة التي أُظهرت لنا وليس عن فكر أو عقل، أو أي نوع من أنواع الفلسفة، بل ببساطة الروح كتب في سمو فائق يفوق كل عقول الفلاسفة وشرحهم المطول والمعقد، بل تكلم عن الكلمة كشخص حي وحضور مُحيي، قيامة وحياة لكل من يقرب منه ويؤمن، غير منفصل عن الآب ولا كمجرد كلمة منطوقة ولا مجرد عقل كان الآب به يفكر !!! لذلك لا يَصح أن نُشبه اللوغوس " بالعقل " أو " بالفكر " أو " بالفعل " أو "بالقول" ، لأن مفهوم الإنسان للفكر والفعل يختلف عن مضمونهم الإلهي في اللوغوس تمام الاختلاف، والقديس يوحنا كتب في مستهل الإنجيل قائلاً: " في البدء كان الكلمة " أي قبل أن يوجد التفكير العقلي للإنسان وقبل الفعل المتولد من القوة المخلوقة عند الإنسان، والمسيح له المجد لم يستخدم الفكر أو الفعل على مستوى الضعف الإنساني، بل نطق وتكلم على مستواه الإلهي: " كان يعلمهم كمن له سلطان " ( مر1: 22 )؛ " لم يتكلم قط إنساناً هكذا مثل هذا الإنسان " ( يو 7: 46 )؛ " الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة " (يو 6 : 63) المسيح له المجد لم يكن بل ولن يكون أبداً بل وعلى الإطلاق، إنسان العقل ولا إنسان الإلهام، ولم يكن إنسان القوة الخارقة ولا مجرد نطق وقول، بل هو إله العقل والقوة ورب الفكر والفعل حتى في أعلى صورها أو كل ما يمكن أن نتخيله عنها، أي أن فكر المسيح الذي كان يُعلَّم وكل أعامله التي عملها، لم تكن تنتمي للزمن أو للخليقة بل كانت إلهية وكائنة في كيانه منذ الأزل: " أنا من البدء ما أكلمكم أيضاً به " ( يو 8: 25 )، " لو لم أكن قد عملت بينهم أعمالاً لم يعملها غيري لم تكن لهم خطية " ( يو 15 : 24 ). عموماً مستحيل أن ننطلق في معرفة شخص المسيح الكلمة المتجسد من خلال عقل الإنسان وتصوراته، بل ننطلق من الإنجيل، من كشف ذاته بنفسه ومن خلال أعماله وأقواله وأفعاله، ومن خلال سر الافخارستيا كشركه في جسده المبذول والمُحيي، وشهادة الروح القدس له ... فلا يصلح أبداً أن نتجه لشرح اللوغوس مبتدئين بلوغوس الفلاسفة يهوداً أم يونانيين أو حتى في الفكر الحديث أو الفهارس والمعاجم والقواميس، ولكن ينبغي أن لا نعرف اللوغوس إلا في يسوع المسيح له المجد، فمستحيل على العالم أو المصنوعات العظيمة التي في العالم التي تنطق بلاهوت صانعها وتوصلنا إلى معرفة الله والحياة الأبدية والخلاص الأبدي المعد للإنسان بحب الله وحنانه الفائق كل تصورات البشر. ولكن الذي عرفناه بيقين المعرفة هو أن يسوع المسيح وحده فقط هو الذي يُعرفنا بالله أبيه وبالحياة الأبدية والخلاص ... [ لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا إني خرجت من عندك وآمنوا أنك أنت أرسلتني ] (يو 17 : 8) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما معنى (اللوغوس) λόγος ؟ |
أنا اللوغوس والإبن الحقيقي |
(اللوغوس) |
نص الوهية اللوغوس |
اللوغوس |