هوذا واقف وراء حائطنا يتطلع من الكوى، يوصوص من الشبابيك "هوذا واقف وراء حائطنا".. قد يكون ذلك الحائط رمز لضعفنا وتهاوننا وفتورنا – إنه حائطنا نحن وليس حائطه هو.. إنه يمنع تمتعنا بالرب كما ينبغي، ومع ذلك فهو واقف وراء حائطنا.. إن عين الإيمان تستطيع أن تراه والأذن الروحية تستطيع أن تسمعه "هأنذا واقف على الباب أقرع" (رؤ3: 20). وقد تكون هذه العبارة "واقف وراء حائطنا.." وصفًا لحالة مؤمني العهد القديم – عهد الناموس والظلال – فلم يكن لهم امتياز النظر إلى مجد الرب بوجه مكشوف.. لقد كانوا يرونه من خلال كوى الرموز والطقوس والفرائض – ولقد كان الحجاب الذي يفصل بين قدس الأقداس والقدس بمثابة الحائط الذي من ورائه ينظر الرب إلى قديسيه في ذلك العهد.. ولكنه لم يكن لهم نور الإنجيل ولا معرفة الخلاص الكامل – ذلك الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء. الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلنا.. الذين أعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرنا بها نحن الآن بواسطة الذين بشرونا في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها (1بط1:10-12). والمسيح أوضح الفارق الكبير بين ما رآه وسمعه أبرار العهد القديم وما رأته وسمعته خاصته "طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه. لأني أقول لكم إن أنبياء كثيرين وملوكًا أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا" (لو10:23، 24). ويرى البعض أن "حائطنا" هنا إشارة إلى حالتنا الحاضرة، أعني وجودنا في هذه الأجساد الضعيفة بالمقابلة مع ما ستكون عليه عند مجيء الرب في مجيئه الثاني، وتغيير أجسادنا لنكون على صورة جسد مجده "فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز" – إننا نراه الآن بالإيمان فقط، كما من كوى وشبابيك، ولكن بعد قليل "سنراه كما هو" سنراه "حينئذ وجهًا لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت" (1كو13:12).. على أنه من امتيازنا أننا وإن كما لا نراه الآن (بالجسد) ولكننا نحبه. ذلك وإن كنا لا نراه الآن لكن نؤمن به فنبتهج بفرح لا ينطق به ومجيد (1بط 1:8). كذلك فإن أسفار العهد القديم المقدسة تعتبر بمثابة الكوى والشبابيك بما تتضمنه من مواعيد ورموز وذبائح وتقديمات ونبوات، منها يمكن رؤية المسيح، وبواسطتها يعلن هو ذاته لكل قلب متيقظ. وإنه من تلك الكوى لعيون مؤمنة تقية أن تراه كرئيس الكهنة بثياب المجد والجلال المسربل بهما وتراه كحمل الله المرفوع على صليب الجلجثة، وكالملك الممسوح في أمجاد ملكه العتيد.