قوانين الرهبنة وقوانين كل دير
على الرغم من أن هناك قوانين عامة للرهبنة، تسير جميع الأديرة بموجبها، إلا أن تناول هذه القوانين من جهة التنفيذ، يتفاوت من دير إلى دير آخر بحسب ظروفه، وبالتالي وفي هذا الصدد فهناك تفاصيل تختص بقبول الراغبين في الرهبنة، وكذلك بالحياة الداخيلة في الدير، فمن رؤساء الأديرة من لا يحبذ رهبنة الأشقاء معللا ذلك بما قد تجلبه رابطة الدم من دالة قد تعطل خلاص الشقيقين أو سلبيات أخرى مثل التكتل والتعاطف وما إلى ذلك.
ومنهم من لا يرحب برهبنة الحاصلين على المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة معللا ذلك بضرورة أن يكون هناك تناسق وتناغم بين أفراد الجماعة الرهبانية على مستوى الثقافة والفكر، في حين يرى آخرون أنه لا مانع من ذلك بشرط تقدم السن قليلا حتى يصل إلى السن التقليدي لرهبنة الشاب (25-30 سنة) بحيث يكون الشخص قد عمل لعدة سنوات أكسبته خبرة وصقلت شخصيته.
ويتردد أن بعض الأديرة لا تقبل القادمين للرهبنة من بعض مدن بعينها، ولكنه لا يجب أن يؤخذ شخص بذنب آخر أو أن يسئ شخص واحد إلى شعب بكامله، ومن الجهة الأخرى ليس بالضرورة أن يكون جميع سكان وشبان بلد ما لهم نفس طباع ومنهج الشخص السيء، فإنه لا يجوز الحكم على جماعة من خلال شخص ولا الحكم على شخص من خلال تصرف (موقف). إن الأمر يتوقف على دراسة الشخص المتقدم نفسه ومدى صلاحيته للطريق ومجيء صدق رغبته، أما إن كان بعض رؤساء الأديرة يخشون من التكتل أيضا فهذا يتوقف على التدبير الداخلى للدير وانشغال الراهب الدائم ما بين الشركة والتدبير الخاص..
فى المقابل هناك أديرة تفتح الباب على مصراعيه لطالبي الرهبنة مكتفين بشرح وعورة الطريق وصعوبة الحياة ملقين المسئولية كاملة على كاهل راغب الرهبنة، وبالتالي يحملونه عبء اتخاذ القرار بالكامل، وهناك أديرة تتبع نظام التسهيل وأسلوب الترغيب والجذب إلى رهبنة الشبان حتى ولو أدى ذلك إلى ترك عدد منهم الدير فيما بعد (أحد الأديرة كان يضم في وقت ما 60 من الأخوة طالبي الرهبنة، بينما كانت هناك قائمة انتظار تحتوى على أسماء 300 شاب آخر). بينما يجب أن يكون القرار مشتركا بين الطرفين اللذين ستقوم الشركة بينهما، أي الدير والشخص، فلا يكفى أن يحسم الشخص الأمر على مستواه فقط وإنما يوضع في الاعتبار المكان الذي سيحيا فيه ولا يكفى أن يحسم الدير الأمر على مستواه فقط، حيث يأتي بعد ذلك الترغيب في الرهبنة ولكنه من المناسب أن يحسم الشخص الأمر على مستواه أولا ومن ثم يتقدم إلى الدير، والذي يبدأ عندئذ دوره في دراسة الأمر والموافقة في النهاية أو الاعتذار..
وأديرة تقبل السن الصغير، ربما العشرين أو بعده بقليل، وأخرى تحبذ الثلاثين وما يليها، ويرى الفريق الأول أن حديث السن يسهل تشكيله وأن استعداده للطاعة والنسك والجهاد يفوق المتقدم في السن، بينما يرى الفريق الآخر أن سن الثلاثين وما بعدها هي سن النضج.