رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يهوديت 9 - تفسير سفر يهوديت صلاة يهوديت وتواضعها أمام الله ليؤكد خطوتها1 سَقَطَت يَهوديتُ على وَجهِها وأَلْقَت رَمادًا على رأسِها وخَلَعتِ المِسْحَ الَّذي كانَت تَرتَديه، وكانتِ السَّاعةُ ساعةَ تَقدِمةِ بَخورِ ذلك المساءِ في بَيتِ اللهِ في أُورَشليم. وصَرَخَت يَهوديتُ صُراخًا عَظيمًا إِلى الرَّبِّ وقالَت: 2 أَيُّها الرَّبُّ، إِلهُ شِمْعونَ أَبي يا مَن سَلَّمَ إِلى يَدِه سَيفًا لِيَنتَقِمَ مِن غُرَباءَ حَلُّوا إِزارَ عَذْراءَ لِعارِها وعَرَّوا فَخذَها لِخِزْيِها ودَنَّسوا بَطنَها لِهَوانِها. لِأَنَّكَ قُلتَ: لا يَكونُ كذلك. ولكِنَّهم فَعَلوا. 3 لِذلكَ أَسلَمتَ رُؤَساءَهم إِلى القَتْل ومَضجَعُهمُ المَفْضوحُ بِخِداعِهِم خُدِعَ حتَّى الدَّم. وضَرَبتَ العَبيدَ إلى جانِبِ المُقتَدِرين واِلمُقتَدِرينَ مع عَبيدِهم 4واُسلَمتَ نِساءَهم إِلى السَّبْيِ وبَناتِهم إِلى الجَلاء وجَميع أَسْلابِهم إِلى اَقتِسامِ البَنينَ المَحْبوبينَ اليكَ الَّذينَ غارُوا غَيرَتَكَ ومَقَتوا نَجاسةَ دَمِهم واَستَغاثوا بِكَ. اللَّهُمَّ، يا إِلهي آستَجِبْني أَنا الأَرْمَلة)). كانت يهوديت قد عزفت عن العالم، وأدارت ظهرها لمباهجه ولذاته، مختلية بنفسها مع الله، تصرف وقتها في الصلاة والتأمل المقرون بالصوم، كانت يهوديت جميلة الصورة جيدة الفهم (مثل سوسنة وابيجايل) على جانب كبير من الثراء، ولكنها اختارت حياة تشبه الرهبنة، ذلك في علية تشبه قلالى الرهبان، فوق سطح منزلها، تستمتع من خلالها بالتأمل والنظر إلى الأفق الممتد في مساحة جبلية وأخرى خضراء، كما يتسنى لها التطلع إلى الهيكل في اتجاهه - عن بعد. و كانت العلية كحجرة مستقلة فوق أسطح المنازل اليهودية، أمر مألوف، كما يتضح ذلك من (1 مل 17: 19، 2 مل 4: 10، قض 3: 20). و أما بخصوص النسك فقد اعتاد اليهود أن يصوموا يوم الكفارة بصفة إلزامية دائمة إضافة إلى الأصوام الاختيارية، فقد كانوا يصومون مثلًا من أجل سقوط الأمطار 1، كما كان اليهود الأتقياء يصومون يومى الأثنين والخميس من كل أسبوع حتى الساعة السادسة مساءًا 2. كان ذلك وقت تقديم البخور في الهيكل (راجع خر 30: 8) حين ألقيت يهوديت بنفسها على الأرض، تستمد معونة من الله، فقد اقتربت مهمتها، وكأنها بذلك تأخذ من الله إشارة البدء (راجع 2 صم 13: 19، أش 61: 3) لقد غارت غيرة الرب وكأنها ورثت هذه الغيرة عن شمعون جدها حيث تنتمي إلى سبطه. إِلهُ شِمْعونَ: شمعون هو ابن يعقوب بن ليئة (تك 9: 33) وكان سبط شمعون هو أصغر الأسباط عند امتلاك الأرض (عد 1: 22، 26: 12 - 14) وقد قام شمعون بالأشتراك مع لاوي أخيه بالانتقام من بنى شكيم بسبب إهانتهم دينة أختهم مما تسبب عنه غضب يعقوب أبيهم (تك 34: 30، 49: 5 - 7) كذلك لم يرد موسى النبي أن يبارك سبط شمعون وسبط لاوي عند خروجهم من مصر (تث 33). و مع أنه كان سبطًا صغير الشأن هكذا، إلا أنه ينال اهتمامًا خصًا في سفر يهوديت، وعندما امتدحت يهوديت شمعون (المنحدرة من سبطه) فهي لم تمتدح أعمال القتل والغدر التي قام بها، ولكنها امتدحت غيرته على شعبه كما هو الحال معها هنا في أمر الأعداء الأشوريين (ص 9) وللعلامة أوريجانوس تعليق على ذكر سبط شمعون في سلسلة أنساب يهوديت، وهو أن الله أراد أيضًا أن يظهر أنه إله شمعون أيضًا وليس إله إبراهيم وإسحق ويعقوب فقط 3 تعرض يهوديت هنا للحادث المأسوى في شكيم، فعند مدينة شكيم خرجت ابنة يعقوب الوحيدة دينة (لتنتظر بنات الأرض) فرآها أمير المدينة ويدعى شكيم بن حمور، فأذلها وأفسد عفتها وطلب من يعقوب وأولاده أن يتزوجها فوافق إخواتها على ذلك بمكر، غير أنهم إشترطوا لكي يتم هذا الزواج أن يختتن كل رجال شكيم حتى يمكن مصاهرتهم (لأنهم لا يصاهرون الغُلف) فوافقوا، وانتهز كل من شمعون لاوي الفرصة وهجموا على المدينة في اليوم الثالث وقتلوا كل ذكر فيها وأيضًا حمور وشكيم إبنه (إذ كان الجميع مازالوا متوجعين) ثم استعادوا اختهما بعد أن نهبوا المدينة، ولكن يعقوب إستاء من مسلكهم هذا (تك 34: 1 - 30، 49: 5 - 7). و قد عرضت قضيتها في صورة شعرية رائعة، وهي هنا تضع اليهودية في المقارنة مقابل دينه، وتتذكر غيرة شمعون على دينة وتخليصه لها، إنها نفس الروح التي تحركت فيها الآن. 5 فأَنت صَنَعتَ أَحْداثَ الماضي والحاضِرِ والمُستَقبَل وقَدَّرتَ الحاضِرَ والمُسْتَقبَل وما قَدَّرتَه كان 6 وما أَرَدتَه كانَ فقال: ((هاءَنذا)). فإنَّ طُرُقَكَ جَميعَها مُهَيَّأة وحُكْمَكَ حُكم بصير. 7 ها إِنَّ الاشُّورِيينَ قد تَباهَوا بِجَيشِهم وآفتَخَروا بِأَفراسِهم وفُرْسانِهم وتَبهروا بِذِراعِ مُشاتِهم وتَوكَّلوا على التُرسِ والرُّمْحِ والقَوسِ والمِقْلاع ولم يَعلَموا أَنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ المُحَطِّمُ الحُروب. 8 الرَّبُّ هو آسمُكَ أَنتَ إِسحَقْ عُنفَهم بِقُدرَتكَ وحَطِّمْ قُوَّتَهم بِغَضَبِكَ لِأَنَّهم أَرادوا أَن يُدَنِّسوا مَكانَكَ المُقَدَّس ويُنَجِّسوا خَيمَةَ راحةِ آسمِكَ المَجيد ويَهدِموا بِالحَديدِ قَرنَ مَذبَحِكَ. 9 أُنظُرْ إِلى كِبرِيائِهِم وأَنزِلْ غَضَبَكَ على رُؤُوسِهِم وآمنَحْ يَدي أَنا الأَرملَةَ القُوَّةَ الَّتي أَرتَقِبُها. 10 إِضرِبْ بِشَفَتَيَّ الخادِعَتَينِ العَبدَ إِلى جانِبِ الرَّئيس والرَّئيسَ إِلى جانِبِ خادِمِه وآسحَق تَعَجرُفَهم بِيَدِ أمْرَأَة. 11 لِأَنَّها لَيسَت قُوَّتُكَ بِالكَثرَة ولا قُدرَتُكَ بِالأَقوِياء بل إِنَّكَ إِلهُ الوُضَعاء ومُغيثُ الصِّغار ونَصيرُ الضُّعَفاء وحامي المُهمَلين ومُخلِّصُ اليائسين. من بين المواضع المتعددة في السفر، توضح هذه الفقرة إحدى صفات الله وهي السرمدية، صنع الماضي والحاضر والمستقبل، والقدرة المطلقة على كل شيء، مما يؤكد أن الله هو الذي رتب هذا الأمر وسمح لليهود بهذه الضيقة، وأن الأشوريين هم في يد الله ولن يدعهم الله يؤذون بنى إسرائيل إلا بسماحه (راجع أي 38: 3 - 5، مز 33: 11، 135: 6، أش 42: 9، 44: 7، 8، 46: 10، 48: 3، 49: 9 - 13). و قد اقتبس القديس باسيليوس الكبير، هذه الآيات ليؤيد حديثه عن قدرة الله الفائقة على كل الخليقة العاقلة منها وغير العاقلة 1. و لقد كانت القوة العسكرية للوثنيين على مدار التاريخ، سبب بركة لليهود، تدفعهم كثيرًا إلى اللجوء لله، متأكدين من خلاصه لهم رغم ضعفهم (مز 33: 16) وأحيانًا تتسبب في بعدهم عن الله، لعدم إيمانهم ورجوعهم إليه. و قد اعتبر اليهود على مر تاريخهم، أن الهيكل هو أغلى ما يملكون.. فحاربوا عنه إلى النهاية ولما أيقنوا باحتراقه زجوا بأنفسهم في النار فيه (مثلما حدث في سنة 70 م) ومثلما كانوا يصلون لأجل أولادهم ونسائهم إلا يهلكوا كانوا يتضرعون من أجل الهيكل والأقداس لئلا تتدنس، كما كان الشهداء المسيحيون يتمسكون حتى الموت بعفتهم، ومن هنا فقد عرف الأعداء مفتاح الضغط عليهم وإضعافهم، ففي القديم لجأ الوثنيون إلى تدنيس الهيكل حتى لا يكون هناك لدى اليهود ما يستبسلون لأجله (راجع 1 مكا 7: 35، 2 مكا 14: 33) كذلك في عصور الاستشهاد حاول المضطهدون تهديد عفة الشهداء والشهيدات، حتى يسهل بذلك إنكارهم للإيمان، إذ عرفوا مسبقًا أن قوة المسيحي في عفته، وقداسة هيكله! (جسده) ثم تستعرض يهوديت هنا أسلحة العدو، من تروس ومقاليع وأفراس وفرسان ورماح وأقواس، ولكن الله هو محطم الحروب كما في سائر حروبهم السابقة، إن قوة رب الجنود كانت أقوى من سيف جليات وجبروته (إن هؤلاء إنما يتوكلون على سلاحهم وجسارتهم أما نحن فنتوكل على الله القدير الذي يستطيع في لمحة أن يبيد الثائرين علينا بل العالم بأسره، (2 مكا 8: 18) راجع أيضًا (2 مل 19: 23، 24، مز 7، 8). إِضرِبْ بِشَفَتَيَّ الخادِعَتَينِ: حرفيًا (مكر شفتى) و(شفتاى التي للمكر) وهو تعبير عبري شائع 1. و قد تعجب النقاد من كيفية طلب يهوديت للبركة من الله على هذا المكر وعلى كونها ستعتبر عثرة لأليفانا، ولكن يجب الانتباه هنا، إلى أن هذه هي الوسيلة الوحيدةالمتاحة لخلاص شعبها ونفسها، ذلك في وقت كان معمولًا فيه بمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) كذلك فهي تعمل بتوكيل من الله (8: 33). والصورة المألوفة في العهد القديم، تدخل الله من خلال الحرب. و في النهاية تعتبر يهوديت، هلاك أليفانا وخلاص إسرائيل بيد امرأة لهو عمل يتمجد به الله، حيث سيكون للنصر قيمة كبيرة في ظل ظروف غير متكافئة (راجع أيضًا قض 4: 9، 17 - 22، 9: 53، 54) لأن الرب نصير الضعفاء أش 25: 4) قوتك ليست بالكثرة 1 صم 14: 6، 1 مكا 3: 18، 19) 12 نَعَم، نَعَم، يا إِلهَ أَبي وإِلهَ ميراثِ إِسْرائيل رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض وخالِقَ المِياه ومَلِكَ خَليقتِكَ كُلِّها اِستَجِبْ لِصَلاتي. 13 وهَبْ لِكلامي الخادِعِ أَن يَجرَحَ وُيؤلِمَ أُولئكَ الَّذينَ دَبروا المُؤامراتِ القاسِية على عَهدِكَ وبَيتِكَ المُقدَّس وقِمَّةِ صِهْيون والبَيتِ الَّذي يَملِكُه أَبناؤُكَ. 14 وهَبْ لِكُلِّ أُمَّةٍ وكُلِّ عَشيرةٍ أَن تَعرِفَ أَنَّكَ أَنتَ الإِله إِلهُ كُلِّ قُدرَةٍ وكُلِّ قُوَّة وأَن لَيسَ لِنَسْلِ إِسْرائيلَ مِن حامٍ سِواكَ)). إله السموات وخالق المياه: إشارة واضحة إلى نقص المياه وقدرة الله على أن يجعل السماء تمطر، من أجل الشعب الذي يعانى، أي أن سلاح الماء الذي يستخدمه الأعداء، هو في يد الله أيضًا. إن يهوديت أرادت هنا أيضًا، التبشير بيهوه بين الأمم من خلال النصر المزمع أن يجريه الله على يديها، حتى يعرف جميع الوثنيين أن الرب هو الإله وليس سواه. أخيرًا أرادت يهوديت أن تقول للرب، أنها اتكلت على رحمته، وأنه ليس لها قدرة شخصية ولا سلاح ولا معين سواه، ليعطها ما تقوله وشجاعة في خطواتها، وإقدامها على ما يجب أن تفعله. و عن الأرامل يرد في تعاليم الرسل عن يهوديت: (لذا كانت يهوديت مشهورة جدًا بحكمتها وقولها الشهير: الصلاة نهارًا وليلًا لأجل إسرائيل، هذه الأرملة التي كانت بمشيئتها تود أن تقدم وساطتها بدون انقطاع لهيكل الرب لأن عقلها ثابت في هذه الأشياء وحدها ولا يميل إلى النهم ولا النجاسة ولا الشهوات والأشياء الغالية الثمن وذلك لنقاوة عينيها ونظافة سمعها وطهارة يديها وهدوء قدميها ولأنها لم تكن تتكلم في التفاهات بل عن الأشياء المفيدة التي تساعد على البنيان وأيضًا كانت شجاعة غير مضطربة وهي دائمًا تطلب من الله أي شيء وتأتى إليها عطاياه وهباته) 1 |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يهوديت 16 - تفسير سفر يهوديت |
يهوديت 15 - تفسير سفر يهوديت |
يهوديت 14 - تفسير سفر يهوديت |
يهوديت 2 - تفسير سفر يهوديت |
يهوديت 1 - تفسير سفر يهوديت |