رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فلسطين تحت حكم خلفاء الإسكندر لم يترك الإسكندر خليفة من نسله سوى الابن الذي أنجبته له أروكسانا زوجته التي من بكتريا، وكان ما يزل طفلًا، ويروى سفر المكابيين الأول أن الإسكندر عندما شعر بدنو أجله قسَم المملكة بين أربعة من قواده الأشرار "فدعا أشراف ضباطه الذين تربوا معه منذ الصبا، وكان الإسكندر قد ملك اثنتى عشرة سنة حين مات، فتولى ضباطه المُلك كل واحد في منطقته، ولبس كل منهم التاج بعد وفاته، وكذلك بنوهم من بعدهم سنين كثيرة فأكثروا من الشرور في الأرض (1مكا1: 6-9). ويفيد التاريخ المدني بأنه بعد صراع طويل استمر لسبع سنوات ظهر هؤلاء الأربعة البارزين وهم انتيجونوس Antigonus وهو الذي أخضع الأراضي الواقعة بين البحر المتوسط وحتى وسط آسيا الصغرى، ثم كاسندر Cassander والذي كان يحكم مقدونية، ثم بطليموس لاجى Lagi والذي حكم مصر وسورية الجنوبية، ثم ليسيماخوس Lysimachus حاكم ثراكية. وكان سلوقس Seleucus والذي لعب دورًا بارزًا في الأحداث التي جرت في فلسطين في الفترة التالية لذلك، هو أحد قواد بطليموس، وبينما مثل البطالمة (البطالسة) في مصر: "بطليموس"، فقد مثًل سلوقس عائلة السلوقيين في سورية، وقد ظل اثناهما يتنازعان الحكم، حيث قام بطليموس بعدة هجمات ضد منطقة جنوب سورية للاستيلاء على فلسطين، بينما حاول سلوقس في المقابل غزو الجنوب للفوز بفلسطين أيضا، وفي سفر دانيال نجد نبوة عن قيام الملوك الأربعة والصراع المستمر بينهم، هكذا: "ويقوم ملك جبار متسلط تسلطًا عظيمًا ويفعل حسب إرادته، وكقيامه تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع ولا لعقبه ولا حسب سلطانه الذي تسلط به لأن مملكته تنقرض وتكون لآخرين غير أولئك" (دانيال 11: 3، 4). ويعود سفر دانيال ليؤكد ذلك ويشير إلى نهاية مملكة الإسكندر وقيام الرومان: "فرفعت عيني ورأيت وإذا بكبش وقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيرًا، رأيت الكبش ينطح غربًا وشمالًا وجنوبًا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم، وبينما كنت متأملًا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رأيته واقفًا عند النهر وركض إليه بشدة قوته ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده" (دانيال 8: 3-7). ويروى كل من المؤرخين "أريان" و"كينتوس كورس":أن الإسكندر جعل الخلافة للأرشد منهم، وروى "ديودورس الصقلى" و"يستينوس" أنه دفع بخاتمه إلى "برديكاس" وأنه بعد وفاة الإسكندر وبينما كان القواد مجتمعين ليحدّدوا من يخلفه، دخل برديكاس عليهم وبيده خاتم الملك ووضعه على العرش المنصوب في ردهة الاجتماع، وكانت روكسانا زوجة الإسكندر حُبلى في الشهر الثامن، في حين كانت برسين زوجته الأخرى قد ولدت ابنًا أسمته "هرقل" ولكن الخلاف اشتد بين الجميع على النحو التالي: قد طلب الجميع أن يختاروا ملكًا يمتثل له الجميع، إلى أن تلد روكسانا، وكان برديكاس يأمل أن يفوز بلمُلك، ولكن "نيارك" (زوج أخت برسين) اعترضه، وراى الحضور أن يكون "هرقل" الطفل هو الملك الخليفة، ولكن بطلميوس اعترض ورفض أن يخضع المقدونيين لأي من الابنين، سواء أكان ابن برسين أو ابن روكسانا الذي لم يولد بعد، بل رأى أن يبقى العرش خاليًا وأن يُعهد بالولاية إلى من كانوا مشيرى الملك، فاستحسن وجهاء الدولة الرأي، غير أن الجنود استاءوا من ذلك وراوا أن يُعهد بتدبير المملكة إلى برديكاس وإلى "ليوناس" في أسيا، وإلى "انتيباتر وكراتر" في أوروبا، وذلك حتى تلد روكسانا ابنًا، وكان القائد "ملياكر" عدوًا لبرديكاس فأثار الجنود ضد الفرسان الموالين لبرديكاس (الجنود في الجيوش هم المشاه وهي جماعة تختلف عن الفرسان والذين يتميزون عليهم. ويقال في العادة "الرجال والفرسان" أي المشاة وراكبي الخيول.)، ورشح لهم "أريداى أخ الإسكندر لأبيه لخلوّه من الدم البربري فاختاروه رغم عدم أهليته للحكم، فلما شرعوا في توليته اعترض وجهاء الدولة، ولكن الجنود نصّبوه بالقوة، فدارت حينئذ معركة بين الفريقين، وكان من الضروري حلّ النزاع، واتفق كل من الجنود والفرسان على أن يتقاسم كل من "اريداى" و"ابن روكسانا" (إن ولدت ذكرًا) المُلك، بينما يحكم أنتيباتر في أوروبا. في حين يدير "كراتر" الأمور بأمر أريداى، وأمّا برديكاس فليكن في منزلة الوزير الأول، وأما "ملياكر" فيعمل كنائب له (ولكنه لم يمض وقت طويل حتى قام برديكاس بقتل ملياكر). ثم ولدت ركسانا ابنا أسموه الإسكندر، وأقروا له بالملك مع أريداى، ولم يكن لكليهما إلا اسم ملك، إذ كان الأول طفلًا بينما كان الثاني غير كفء، وكانت الإدارة الفعلية لكبراء الدولة على النحو التالي: ليسيماخوس: ثراكية وما حولها. انتيباتر وكراتر: مقدونية وبلاد اليونان. بطلميوس: مصر وما فتحه الإسكندر في أفريقيا. لاوميدون: سورية وفينيقية. وأما بقية مدن آسيا فقد تُرك عليها الولاة الذين سبق فعيّنهم الإسكندر. وكان سلوقس بن أنطيوخس رئيسًا على الفرسان المتحدين، وللإسكندر بن انتيباتر الرئاسة على فرق الجيش، وأما برديكاس فاتخذ قيادة الجيش في آسيا، إضافة إلى الوصاية على الملكين والسلطان المطلق بحجة الخاتم الذي تركه الإسكندر معه. و قامت منازعات وحروب متواصلة بين جميع أولئك القادة والولاة، حيث رغب كل منهم في الاستقلال وتسمية نفسه ملكًا، بل أن روكسانا نفسها قامت بقتل ضرتها ساتيرا امرأة الاسمندر وابنة داريوس ملك الفرس، كما قتلت كذلك اختها دريباتيس أرملة افستيون. وليعذرنا القارئ في إيراد هذه التفاصيل، فقد أردنا تسليط الضوء على الوضع في تلك اليام وما جرى فيها من الصراع الذي نشب في المنطقة قبل ظهور المكابيين، حيث كانت فلسطين بحسب موقعها هدفًا لكل من أراد أن يحمل على الآخر سواء سورية وبابل في الشمال او مصر وافريقيا في الجنوب. لقد تحالف "برديكاس" و"أدمان" وإلي الكبادوك لمحاربة كل من بطليموس وإلى مصر وكراتر وانتيباتر والي مقدونية وانتيكون والي بمفيلية وفريجيا، ولكن برديكاس قتل غيلة على يد بعض جنوده بعد أن هزم بطليموس سنة 321 ق.م. فأقيم انتيباتر مكانه وقام كذلك أنتيكون والي (أنتيغونوس) قائدًا للجيش في آسيا وأوصياه بملاحقة أدمان حليف برديكاس، فاتصلت لذلك الحروب بينهما، أُسر على أثرها أدمان وقام انتيغونوس بقتله سنة 315 ق.م. فاهتز من ثم وضعف ركنًا من أركان الأسرة الملكية. ثم ما لبث أن مات أنتيباتر سنة 313 ق.م. وبينما كان يحتضر أوصى بالملك ل "بوليسبركون" والولاية كذلك على مقدونية، مفضلًا إياه على ابنه لما فيه خير المملكة، كما أوصى أن يكون ابنه نائبا له، فاستعان ب أوليمبيا ابنة الإسكندر الأكبر فأصبحت من ثم مقاليد الأمور في يدها، عند ذلك قامت بقتل " أريداي" الملك سنة 317 ق.م. بعد ست سنوات وأربعة أشهر قضاها في ملك شكلي، ثم ما لبثت أن قتلت زوجته ثم أحد أبناء أنتيباتر ثم مئة من رجال إسكندر بن انتيباتر.!! عند ذلك قام الإسكندر هذا متجهًا إلي مقدونية قاصدًا الانتقام من أولمبيا، فتحصنت في قلعة، ولكن الجنود انحازوا إلي عدوها، غير أنهم استحوا من قتلها بعد خروجها كأمر الإسكندر، وعندئذ أرسل الإسكندر إليها بعض من أقارب مَن قتلتهم فقتلوها، وكان ذلك في سنة 316 ق.م. وأراد أيضًا قتل روكسانا وولدها واللذين كانا متحصّنين معها ولكنه لم يستطيع. ثم تزوج الإسكندر من " تسالونيس" أخت الإسكندر الأكبر رغية منه في الحصول على تأييد الأكبرين طمعًا في الملك بعد ذلك واستعجل أمره في مقدونية وبلاد اليونان، بينما اشتدت شوكة أنتيغونوس في آسيا، وفرّ سلوقس والي بابل من قدامه إلى بطليموس في مصر، بينما كان إسكندر باكوس وابن روكسانا أسيرين في مقدونية. و في سنة 315 ق.م. تحالف بطليموس وكاسندر وإلى مقدونية وليسيماخوس والى ثراكية لمهاجمة أنتيغونوس الذي اشتاق إلى أن يصبح مثل الإسكندر الأكبر، فطلب بطليموس من أنتيغونوس الذي اشتاق إلى أن يصبح مثل الإسكندر الأكبر، فطلب بطليموس من أنيغونوس أن يتخلى عن جزء من البلاد الأسيوية التي أخضعها، وطلب سلوقس أن يأخذ بابل التي ُطرد منها قبلًا، وعندما لم يلتفت أنتيغونوس إلى مطالب بطليموس، اشتعلت الحرب بينهما واراد أنتيغونوس الاستعانة باليونان وبعض القبائل واشترى كذلك أسلحة ولكنه لم ينجح وهُزم من قبل بطليموس وسلوقس، وكان ديمتريوس بن أنتيغونوس هو قائد الجيش، وقد جرت هذه الواقعة في حرب بحرية في غزة سنة 312 ق.م. وتقدم المنتصرون أكثر وأخذوا المدن السورية الهامة ومنها صيدون. و في المقابل ينقل يوسيفوس عن المؤرخ "أجاثا ركيديل" Agatha rachidel وصفه لغز بطليموس لأورشليم، فيقول: "أن الشعب بينما كان يصلى في السبت دخل "بطليموس لاجوس Lagus " إلى المدينة وأخذها، وبذلك ظهر لدى اليهود "عيبًا خطيرًا" في السبت، فاتفقوا من ثم على جواز الحرب في السبت متى كانت دفاعًا عن النفس. وهو ما أكده بعد ذلك المكابيين، بعدما هاجمهم السلوقيين وقتلوا منهم ألفي نفس. و يرد في رسالة أرستياس عن بطليموس:".. لقد غمر جوف سورية وفنيقية بكاملها ليجرب بسالته، فقتل البعض وأسر البعض الآخر وأذلّ الكل وأخضعهم، لقد نقل إلى مصر مئة ألف شخص من اليهود إلى مصر، وجند منهم ثلاثيين ألفًا من رجال البأس وأعطاهم السلاح ووضعهم في حصون في مصر " وتدل الحفائر والكتابات والبرديات المصرية على وجود أعداد كبيرة من اليهود في مصر البطلمية، بعض من هؤلاء قد حاربوا سابقًا، ومن المحتمل أن يكون "بطليموس لاجوس" قد أتى بالكثير منهم. فى سنة 314 ق.م. حقق أنتيغونوس بعض النصر عندما فتح صور بعد حصارها خمسة عشر شهرًا، وفي سنة 313 ق.م. كانت لهم حروب في بلاد اليونان ولكنها لم تكن حروبًا فاصلة، غير أنه في سنة 312 ق.م. عهد أنتيغونوس إلى ديمتريوس أبنه أن يمنع المصريين من دخول سورية، ولكن بطليموس ومعه سلوقس كسرا جيشه عند غزة فتقهقر إلى أشدود ومنها إلى طرابلس، ومن ثم أسرع سلوقس إلى ولايته في بابل والتي كان طرد منها قبلًا، فلما سمع أنتيغونوس بانكسار جيش ابنه هبّ لنجدته بجيش كبير، فانسحب بطليموس إلى مصر وهكذا استمرت سورية في حوذة أنيغونوس، واستمرت هذه المناوشات مدة أربع سنوات دون حسم ومن ثم عقد الطرفان صلحًا سنة 311 ق.م. بشرط أن يبقى حكم مقدونية لـ كاسندر حتى يبلغ إسكندر اكوس ابن الإسكندر الأكبر رشده، وأن يستمر أنتيغونوس على ولاية أسيا الصغرى وسورية، وليسيماخوس على ثراكية، وبطليموس على مصر وما يليها مع قبرص ورودس، أما سلوقس فلم يرد ذكره لأنه كان يظن أنه منهزم مع أنه كان قد عاد إلى بابل، وقبله أهلها باحتفال كبير وانضم إليه كثيرون فاستفحل مره في بابل وشرقى الفرات. من هنا أو من سنة تولّيه الحكم ثانية في بابل يبدأ تاريخ السلوقيين والذي يسميه البعض تاريخ الإسكندر وكان المسيحيين وغيرهم يؤرخون به ويسمى في سفرى المكابيين تاريخ دولة اليونان، حيث تبتدئ السنة الأولى في خريف سنة 312 وتنتهي في الخريف سنة 311، وأما اليهود فيحسبون السنة الأولى باعتبارها تبدأ في الربيع سنة 312 وتنتهي في ربيع سنة 311 ق.م. ولكن يعوّل في التاريخ بالأكثر على الحساب الأول. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الإسكندر الأكبر |
الإسكندر الأكبر |
الإسكندر الأكبر |
خلفاء الإسكندر الأكبر |
المؤامرات والاقتتال بين خلفاء الإسكندر |