ملف خاص.. "الراجل اللي ورا الرئيس".. اللواء عباس كامل في ظهر "السيسي".. و"مؤنس" يحرك "صباحي"
كل مرشح لـ"الرئاسة" له رجاله، ومن بين رجاله عقل يفكر له، يختفي في الكواليس، ويحرّك كل خيوط اللعبة، ويرسم للمرشح نفسه تحركاته وحركاته وقراراته وانفعالاته، ويحدد له أصحابه وأعداءه.
يسمى "الرجل الثاني"، وحين ينجح المرشح في الانتخابات، ويدخل قصر "الرئاسة"، يسمّى "الراجل اللي ورا الرئيس".. ومِن بين مَنْ تركوا سباق الرئاسة، وانسحبوا منه مبكرًا، وجه قرّر له الرجل الثاني أن ينسحب.. فانسحب.. وكان هذا الرجل خالد علي، ورجله الثاني عادل واسيلي، الذي صارحه بأن "الانتخابات ليست في صالحك، ولن نستطيع جمع التوكيلات في 10 أيام.. انسحب أفضل".
وهناك رجل آخر ركن رجله الثاني (على جنب) حين قرر الانسحاب، فقد كان الشيخ حاتم عنان، شقيق الفريق سامي عنان، رجله الثاني، وقائد مفاوضاته مع الصوفيين والشيعة ورجال الأعمال.. لكن "الفريق" حين انسحب، قرَّر منفردًا حتى دون أن يستشيره أو يطلب رأيه.. وكان ورائه الكاتب الصحفي مصطفى بكري.
إن كانت هناك وجوه ظاهرة للكاميرات من الحملات الانتخابية، فهي مجرد وجوه تمشي على خط مرسوم لها، وتقرأ من ورقة مكتوبة مقدَّمًا.. حتى المرشح لـ"الرئاسة" ينفذ ما يطلب منه فريق عمله، ورجله الثاني، فالصورة عنده الثاني أوضح، ورؤيته أبعد، وأحباله أطول.. والحكايات والأسرار بين الراجل الثاني والرجل الأول قديمة.. فقد كان جمال عبد الناصر (الراجل اللي ورا) محمد نجيب.. ولأنه يعرف كل شيء خانه في آخر لحظة، وحبسه في قصر بـ"المرج".. وكان "هيكل" عرّاب عبد الناصر، وكان موسى صبري في ظهر السادات، وخاف "مبارك" أن يطلب مساعدة رجل ثانٍ حتى لا يقع في مصير "نجيب".
والحكايات مستمرة، فالرئيس القادم لا بد أن يكون له رجلًا ثانيًا: اللواء عباس كامل في ظهر "السيسي"، وشيخ شباب "التيار الشعبي"، حسام مؤنس، يحرك حمدين صباحي.. وقراءة الفنجال لا تتنبأ بالرؤساء ورجالهم.. لكن الانتخابات تقرر من يدخل القصر رئيسًا، ومن يدخله كـ(راجل ورا الرئيس)!
اللواء عباس كامل.. الراجل اللي ورا "السيسي"
يشبه دون كورليوني (مارلون براندو) في فيلم "الأب الروحي".. يقف في ظهر المشير عبد الفتاح السيسي منذ أن كان مديرًا للمخابرات الحربية ثم وزيرًا للدفاع، الذي كان مديرًا لمكتبه في "المخابرات"، وظلَّ مديرًا لمكتبه في وزارة الدفاع بالعباسية. هو اللواء عباس كامل، كان رفيق "المشير" في لحظاته الصعبة دائمًا: عَزْل المشير طنطاوي، عَزْل "مرسي"، فضّ "رابعة"، وربما يظلّ رفيقه، ومدير مكتبه في قصر "الاتحادية" حين يصبح "السيسي" رئيسًا.
للمرة الأولى.. ظهر اسم اللواء عباس كامل.. حين سرَّبت شبكة "رصد" أجزاء من حوار "السيسي" مع الكاتب الصحفي ياسر رزق، وكان السؤال عن عدد القتلى في فض اعتصام "رابعة"، فردّ "المشير": أسألوا عباس !.
في الليلة التي قرر فيها المشير السيسي التراجع عن الترشح لـ"الرئاسة"، كان اللواء عباس حاضرًا، وبعقلية رجل مخابرات عنده قدرة تنظيمية رهيبة عدّد له مجموعة احتمالات إذا لم يترشَّح. ما بين عودة "الإخوان"، ونجاح مرشح أمريكا، وغضب شعبي، وثورة ثالثة، ومن هنا اقتنع "المشير" بالترشح.
حملات شعبية تؤيد "السيسي" لـ"الرئاسة" وكلها تعمل تحت إشراف اللواء عباس، الذي يتابعها وينسق بينها وتحت يده مجموعات عمل، ومن المنتظر أن تستقيل مجموعة من موظفي الحكومة من مناصبهم للاشتراك في حملة "السيسي"، وآخر ما قام به إنه طلب عبر وسيط من أعضاء اتحاد طلاب جامعة القاهرة أن يتولوا دعم "المشير" في القاهرة.
وكشف الكاتب الصحفي مصطفى بكري أنه فوجئ باللواء عباس كامل، حين كان ضابطًا بالمخابرات الحربية، يتصل به في اليوم التالي لاتهام الإعلامي توفيق عكاشة للواء عبد الفتاح السيسي، بأنه "إخواني"، وكذّب هذه المعلومة، وقال له: "ما أذيع يستهدف قطع الطريق أمام اللواء السيسي لتولي منصب وزير الدفاع الذي يرشحه له المشير طنطاوي".
ويقول الدكتور محمد الباز، الكاتب الصحفي وأستاذ مساعد بإعلام القاهرة، إن “هناك رغبة في تقليل الفترة التي تفصل بين السيسي وزيرا للدفاع والسيسي مرشحا رئاسيا، فهذا يقلل الاحتكاك بينه وبين القوى السياسية والمرشحين السياسيين والإعلام داخل مصر وخارجها، إنها محاولة لتخفيف الضغط عليه، وهى فكرة التقطها اللواء عباس كامل، ويتابع تنفيذها بدقة متناهية".
المعلومات عن اللواء عباس كامل قليلة جدًا، أقل من المعلومات المتوفرة عن المشير السيسي شخصيًا، لكن المؤشرات تؤكد إنه رجل المرحلة المقبلة.. الراجل اللي ورا الرئيس عبد الفتاح السيسي!
"حسام مؤنس".. كلمة السر في ترشح "صباحي" للرئاسة
المعروف إنّ حمدين صباحي حين حضر حفل تأبين محمد الجندي في مركز إعداد القادة بالعجوزة لم يكن ينوي إعلان ترشحه للرئاسة.. لكن ما لا يعرفه أحد إن حسام مؤنس حشد أوتوبيسات من المحافظات لحضور الحفل، وإجبار "صباحي" على الترشح، ورتب مع محمد عبدالعزيز وحسن شاهين، قيادات "تمرد" التي تمردت على محمود بدر، للحضور، وعرض "مؤنس" على "صباحي" قبل الحفل صور الأوتوبيسات التي احتشدت من المحافظات لدرجة إن قاعات مركز إعداد القادة عجزت عن تحمل عدد الحضور.. وقال له قبل المؤتمر بدقائق "إن الناس عايزة حمدين رئيسًا".
وما لا يعرفه أحد أيضًا إن مجموعة من أمانة تنظيم "التيار الشعبي" رفضت ترشح صباحي للرئاسة، كان على رأسها حمدين نفسه وضمّت (خالد يوسف، وعبدالحكيم عبدالناصر، وتهاني الجبالي، وآخرين)، وكانت أسبابه إن الأجواء غير مناسبة لخوض معركة انتخابية.. إضافة إلى عدم تنظيم صفوف التيار (خاصة إن بعض أعضاء التيار انضموا لأنصار السيسي).
كان رأي "صباحي" إن خوض الانتخابات له سلبياته وإيجابياته، لكن سلبياته أكثر، وإن الأفضل مساعدة "السيسي" في حربه ضد الإرهاب ثم التنسيق معه في الانتخابات المقبلة.. هذا السيناريو رسمه حمدين صباحي لمستقبله السياسي، وقال لأحد المقربين منه: "خلّي السيسي يكمل ما بدأه".. لكن حسام مؤنس كان له رأي آخر.
كان "مؤنس" على رأس المجموعة التي ترى إن ترشح "صباحي" للرئاسة هو "الخلاص من حكم العسكر والإخوان"، وعدم ترشحه "عيب في حق التيار"، واستلم تفويضًا شفويًا من الشباب للحديث باسمهم.. خاصة إن جميعهم لم يقتنعوا بأسباب عدم الترشح.. وبالفعل استغلّ كل الظروف ليثبت لـ"صباحي" إنه "الرئيس المنتظر"، وحين امتنع "النسر" عن الرد على أي اتصالات تليفونية، حتى من أقرب المقربين إليه، انتهز الفرصة وزاره عدة مرات ليقنعه إن شعبية السيسي (في النازل)، ويقنعه بالترشح.. حتى نجح في ترتيب يوم حفل "إعداد القادة" بحضور عدد (جبار) انشرح له قلب "صباحي".. وفي ساعتها، وبدون ترتيب، أعلن ترشحه للرئاسة.. وهو ما صرح به أحد أعضاء لجنة التنظيم بحملة "صباحي" لـ"الفجر".
"مؤنس" لم يطلب أن يكون منسق حملة حمدين صباحي، ولم يجد نفسه في ذلك المكان بالصدفة.. قام بكل ما يمكن أن يقوم به من مهام منسق الحملة دون تكليف، وحصل عليه (بالأمر الواقع)، وفي رواية أخرى (بوضع اليد).
وتؤكد مصادر مقربة من "صباحي" أن استفراد حسام مؤنس بقرارات حمدين صباحي أغضب كبار أعضاء "التيار الشعبي".. خاصة في غياب عزازي علي عزازي بعد وفاته، وكان الوحيد الذي يحدث توازن بين شباب وعواجيز "التيار".. ما أدى إلى قيام "مؤنس" بالإشراف على تعديل البرنامج الانتخابي لـ"صباحي"، وفرض سرية تامة - حتى على أعضاء أمانة تنظيم التيار - على التعديلات التي يقوم بها المهندس زكريا الحداد، والسفير معصوم مرزوق، وباقي فريق تعديل البرنامج.
الفجر