تأمل الأنبا بيشوي في عيد الميلاد 2003
تأمل أبينا الحبيب نيافة الأنبا بيشوى
فى عيد الميلاد المجيد لعام 2003
بناتنا الروحيات راهبات وطالبات الرهبنة بدير القديسة دميانة
مع تهنئتي لكم بعيد الميلاد المجيد أرجو لكم جميعاً شركة مقدسة مع مولود المذود العجيب.
لقد أخلى الابن الوحيد نفسه حينما ارتضى أن يأخذ صورة العبد (فى2: 7) ويخفى مجده المنظور الذي لا يحتمل أي إنسان أن يراه.
هل يحتمل أي ملك أن ينزل بإرادته إلى مستوى العبيد ويُعامل معاملة العبد ويُعاقب كمذنب بواسطة باقي عبيد الملك وهو برئ وهم مذنبون؟!
هل يحتمل أي ملك وهو الذي في سلطانه أن يُنهى حياة أي فرد من شعبه، أن يضع نفسه بإرادته تحت سلطان عبيده ليحاكموه ويحكموا عليه بالموت؟!
هل يحتمل أي عالم أن يعامل كجاهل ويجلس في فصول محو الأميّة؟ وهل يحتمل أي غنى أن يصير شحاذًا بإرادته؟!
هل يقبل القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يلتحق كمجند تحت التدريب ويقف للخدمة في باب أصغر ضابط في كتيبته؟!
هل يقبل أي أسقف أن يعامل في طقس إيبارشيته كمرتل، أو كقارئ، أو كعلماني يقف في طابور لينال أحد أسرار الكنيسة من كاهن من أصغر كهنته. وقد يصل الأمر إلى طرده خارجاً وهو مظلوم؟!
كل هذه الأمثلة لا ترقى إطلاقاً إلى مستوى إخلاء الله الكلمة لنفسه حينما أخذ صورة عبد وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب.
من يقدر أن يعرف سرك يا إلهي..
أنت الإله السرمدي غير الزمني؛ كيف دخلت إلى الزمن في ملء الزمان..
أنت الإله غير المحوى وقد احتواك بطن العذراء مريم وقد بقيت غير محدود كإله..
أنت القوى وقد أظهرت بالضعف ما هو أقوى من القوة..
أنت القدوس أن تظهر في شبه جسد الخطية، بل وأن تصير خطية (أي تحمل خطايانا) لكي نصير نحن بر الله فيك،إن الأبدية لا تكفى للتأمل في عظم صنيعك معنا نحن الخطاة وفي محبتك غير الموصوفة ومراحمك التي منحتنا العبور من الهلاك إلى ميراث الأبدية. ليتنا نثبت في حبك لنتأهل للوجود الدائم معك بعد أن منحتنا وجودك الدائم معنا.
خادمك بيشوى