هل سيملك المسيح على الأرض في ثاني مجيء له؟!
البعض يظنون أن السيد المسيح حينما يأتي ليدين العالم ويجلس على عرش مجده سوف يكون هذا العرش على الأرض، لكن معلمنا بولس الرسول يقول في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي: "لأن الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولًا. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 16، 17). فإذا كنا سنلاقى الرب في الهواء، إذًا الرب سيجلس على عرش مجده في السماء، ولكن بعد أن يكون قد اقترب من الأرض.
وعن مجيئه الثاني قال السيد المسيح نفسه: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب. فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. فيُقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم.. ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدَّة لإبليس وملائكته، لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فم تَسقوني. كنت غريبًا فلم تأووني، عريانًا فلم تكسوني، مريضًا ومحبوسًا فلم تزوروني.. الحق أقول لكم بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى والأبرار إلى حياة أبدية" (مت25: 31 –46).
الإيحاء المبدئي الذي تتركه عبارة "متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده" التصور المبدئى هو أن يكون هذا الكرسي موضوعًا على الأرض، ولكن هذا الكرسي ليس مثل الكراسى المادية التي نعرفها المصنوعة من الخرزان، أو خشب، أو حتى الذهب، ولكنه كرسي مجده، أو عرش مجده هل عرش مجده في سماء السموات في الملكوت مصنوع من الخشب؟! هذا العرش لا يحتاج أن يرتكز على الأرض.
أما عبارة "يجلس على كرسي مجده" فتعنى أنه الديان، مثلما يجلس القاضي إلى منصة القضاء. فالسيد المسيح حينما صعد إلى السماء لم يخضع لقوانين الجاذبية الأرضية بالرغم من أنه صعد بجسده الذي قام من الأموات. لذلك يصف القديس بولس الرسول نفس الموقف يقول "الرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء". إذًا مجيئه من السماء وأن عرش مجده في السماء أمر واضح في العبارات التي ذكرناها من إنجيل متىورسالة تسالونيكي الأولى.
"والأموات في المسيح سيقومون أولًا" أي الذين رقدوا سيقومون أولًا.. "ثم نحن الأحياء.." وقد شرح بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس إن الأموات سيقومون أولًا ثم كلنا نتغيّر "هوذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير؛ فإنه سيُبوَّقُ فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير" (1كو15: 51، 52). نتغير بمعنى نكون لابسين جسدًا معرضًا للموت أو الفساد أو الألم أو الجوع، نتغير إلى أجساد ممجدة، أجسام روحانية. فجسد القيامة الذي سنأخذه سيكون على مثال جسد السيد المسيح الذي صعد به إلى السماء ولكن ليس مساوٍ له في المجد لأنه ليس متحد باللاهوت مثل جسده الإلهي.