رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن قدمت قربانك إلى المذبح بعد أن تحدّث السيد المسيح عن لزوم البعد عن الغضب الباطل أو إهانة الآخرين، أكمل حديثه الخالد قائلًا: "فإن قدّمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكّرت أن لأخيك شيئًا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولًا اصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقدّم قربانك" (مت5: 23، 24). قبل أن يصلّى الكاهن القداس الإلهي يبدأ أولًا بصلاة الصلح. ليذكّرنا بأن السلام الكامل والمحبة والقبلة الطاهرة الرسولية هي أساس هام في تقديم ذبيحة الشكر لله والتمتع ببركات الخلاص. والكنيسة تدعونا دائما إلى المصالحة. فخدمة الكنيسة هي خدمة المصالحة: المصالحة بين الإنسان والله، والمصالحة بين الإنسان وأخيه الإنسان. لكي تكمُل المحبة حسب الوصية المقدسة. المحبة هي أساس الفضيلة كما شرحنا سابقًا فإن محبة الله ومحبة القريب تكملان إحداهما الأخرى وبهذا يكمل الناموس والأنبياء. وفى حديث السيد المسيح في الموعظة على الجبل عن القربان المقبول أمام الله، يعود ليؤكّد أهمية أن تتكامل المحبة للقريب مع المحبة لله. عن هذا تكلّم القديس يوحنا الرسول فقال: "إن قال أحد إني أحب الله، وأبغض أخاه فهو كاذب. لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره؟!" (1يو4: 20). الله لا يحب العبادة التي يخدع الإنسان فيها نفسه، فيظن أنه يقدّم قربانًا لله، بينما هو يجرح وصية المحبة للقريب. إنها في نظره عبادة شكلية أو عبادة غير مقبولة. فالله لا يقبل رشوة على حساب ظلم البشر المخلوقين على صورة الله ومثاله. لهذا دعانا السيد المسيح أن نصطلح مع إخوتنا ليصير قرباننا مقبولًا أمام الله. وقد وبّخ الرب شعب إسرائيل توبيخًا شديدًا على فم نبيه إشعياء لأنهم يقدّمون العبادة والقرابين لله بينما هو يرى المظالم والشرور التي يرتكبونها في حق إخوتهم من البشر. وقد تبدو كلمات الرب كأنها قاسية، ولكنها في الحقيقة لتوبيخهم لعلهم يرجعون عن شرورهم التي تزعج قلب الله المحب القدوس. توبيخات الرب لشعب إسرائيل "لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمّنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسر. حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري؟! لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة. البخور هو مكرهة لي. رأس الشهر والسبت ونداء المحفل" (إش1: 11-13). وقد أوضح الرب السبب في أنه لم يسر بذبائحهم ومحرقاتهم. وكيف صار بخورهم مكرهة له وأصوامهم لم يعد يطيقها، وأبغض أعيادهم فقال: "لست أطيق الإثم والاعتكاف. رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي. صارت علىّ ثقلًا، مللت حملها. فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم. وإن كثَّرتم الصلوة لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا. اغتسلوا تنقّوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني. كُفُّوا عن فعل الشر. تعلّموا فعل الخير" (إش1: 13-17). وشرح الرب أمثلة من المظالم التي كره تقدماتهم وعبادتهم بسببها داعيًا إياهم إلى إصلاح مواقفهم بشأنها فقال: "اطلبوا الحق، انصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة. هلمَّ نتحاجج يقول الرب،إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمرّدتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلّم" (إش1: 17-20). ولكن شعب إسرائيل تمادى في خطاياه حتى أنهم صلبوا البار القدوس الذي تجسّد من العذراء لأجل خلاص العالم. وجّهوا إليه سهام كراهيتهم لأنه وبّخهم على خطاياهم مثلما وبّخهم من قبل على فم إشعياء النبي. وقد ذكر الرب مرثاة على مدينة أورشليم التي صار القتل فيها شيئًا عاديًا، حتى انتهى الأمر إلى صلب السيد المسيح نفسه. فقال بفم إشعياء النبي: "كيف صارت القرية الأمينة زانية؟!! ملآنة حقًا، كان العدل يبيت فيها. وأما الآن فالقاتلون" (إش1: 21). حقًا قال معلمنا بولس الرسول: "وأما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء" (1تى1: 5). العبادة المقبولة قال الرب عن الصوم كجزء من العبادة: "أليس هذا صومًا أختاره: حَلّ قيود الشر. فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحرارًا وقطع كل نير. أليس أن تُكسر للجائع خبزك، وأن تُدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك. حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك.. حينئذ تدعو فيُجيب الرب. تستغيث فيقول هأنذا" (إش 58: 6-9). الصوم يصير مقبولًا حينما يقترن بأعمال الرحمة والمحبة والتوبة. وهكذا أيضًا كل ذبيحة وتقدمة وقربان يصير مقبولًا حينما تراعي وصية المحبة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|