شهد الله لقرابينه
داود النبي شرع في بناء قصرًا له. ولكنه تأثر جدًا كيف يكون الله ساكنًا في خيمة؛ خيمة الاجتماع، وهو ساكن في قصر عظيم.. لا يليق، وهكذا قرر أن يبنى بيتًا عظيمًا لله، وبدأ يجمع كل ما يلزم لبنائه من ذهب وفضة ونحاس وخشب.. فأرسل الرب له ناثان النبي وقال له لا تبنى أنت البيت بل ابنك الذي يأتي بعدك هو يبنى البيت.. و"كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتًا إِلَى الأَبَدِ" (2صم7: 16).
ولم يتضايق داود ولكنه في اتضاع قال له أنا يا رب لا أستحق، يكفى أنك جعلتني ملكًا وأنا كنت راعي الغنم، وتعدني أيضًا أن يكون كرسي مملكتي ثابتًا إلى الأبد هذا كله كثير! وبحب أعد داود كل ما يلزم لبناء بيت الله وإن كان سليمان هو الذي بناه، ولكن في الحقيقة إن الذي بني الهيكل هو داود من حيث الإمكانيات، وأما سليمان فهو الذي نفذ. لذلك عندما تكلم الرب عن بيته لم يقل أبنى بيت سليمان، إنما قال "سَأَرْجِعُ بَعْدَ هَذَا وَأَبْنِي أَيْضًا خَيْمَةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأَبْنِي أَيْضًا رَدْمَهَا وَأُقِيمُهَا ثَانِيَةً" (أع15: 16) لأنه يعتبر أن بيته هو بيت داود.
كان القديسون يشعرون أن الشيء الذي يقدمونه لله؛ به يعبِّرون عن محبتهم ويعبِّرون عن تقديرهم له، لذلك قال عن هابيل "شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ" (عب11: 4) حيث قدمها بروح الحب والتقدير، وبه -أي بقربانه- وإن مات يتكلم بعد.
احترس أن تقدم لله من فضلاتك لئلا تحزنه؛ لا تقدم له فضلات وقتك لأنه يقول: "أَنَا أُحِبُّ الَّذِينَ يُحِبُّونَنِي والَّذِينَ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ يَجِدُونَنِي" (أم8: 17)، لا تقدم له فضلات إمكانياتك لأنه يطلب البكور، . يقول عندما تزرع أرضك أعطني البكور وليس آخر زرعك، هو يطلب البكر وليس آخر شيء. يقول عن التكريم الواجب له كإله: "فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي, والَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ" (1صم2: 30).