في الإسكندرية: وُلد حوالي عام 336 م، وكما كتب في رسالة وجهها إلى الأب ثاوفيلس (غالبًا البابا البطريرك) قال فيها إنه في السابعة عشر من عمره إذ صار مسيحيًا تأثر بعظة سمعها في الكنيسة للطوباوي البابا أثناسيوس يروي فيها عن الحياة الرهبانية والبتولية. اعتمد آمون وقرر أن يمارس الحياة الرهبانية فرأى أولًا أن يضع نفسه تحت قيادة راهب من طيبة قدم إلى الإسكندرية، لكن أحد الكهنة يدعى بيرو Pereou حذره من الراهب لأنه كان هرطوقيًا، ونصحه أن يذهب إلى القديس تادرس تلميذ الأنبا باخوميوس. في دير بابو: في رسالة مطولة كتبها بعد نياحة القديس تادرس، يروي لنا في شيء من التفصيل لقاءه مع الأب تادرس، إذ يقول إنه إذ وصل إلى الدير استقبله الأب تادرس وسأله بعض الأسئلة ثم ألبسه ثوب الرهبنة، وأخذه معه ليجلس بجواره تحت نخلة في وسط الدير وقد التف حولهما حوالي 600 راهبًا. ورأى كثيرين يقتربون من الأب يسألونه أن يكشف لهم ضعفاتهم علانية، فكان يحدثهم من الكتاب المقدس ويؤنبهم، وكانوا يذرفون الدموع تائبين. روى لنا كيف كان يعرف الأب تادرس بعض سرائر الناس ويرشدهم للتوبة كما أنبأهم عن اقتراب موجة اضطهاد ضد الكنيسة. تشكك آمون في البداية من جهة معرفة الأب تادرس لبعض السرائر، وإن كان قد شعر بمهابة تجاهه، لكنه لمس بنفسه هذا الأمر، كما روى العجائب الإلهية التي تمت على يدَيّ القديس تادرس. إذ انتهى الاجتماع الروحي بعد الصلاة صرف الأب تادرس الإخوة، وسلم آمون لتادرس الإسكندري، وهو ذاك الذي سلمه القديس باخوميوس حوالي عشرين متوحدًا يونانيًا. أوصاه الأب قائلًا له أن يجتهد في تعليمه الكتاب المقدس لأنه يلزم ألا يبقى طويلًا في الدير، وأنه معّين لخدمة الكنيسة في الكهنوت. هكذا تنبأ القديس تادرس عن سيامة آمون أسقفًا مع أنه لم يكن بعد قد مرّ سوى شهور على عماده. في نتريا: في السنة الثالثة، حوالي عام 355، سمع آمون أن والديه صارا يبحثان عنه في كل موضع، وأن والدته صارت في حزن شديد عليه، فاستأذن آمون القديس تادرس أن يسمح له أن يرافقه راهبان ليذهب إلى والدته ويعزيها لئلا تموت من فرط الحزن. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). أجابه القديس تادرس بأن والدته قد صارت مسيحية، وأنه يمكنه ترك الدير والذهاب إلى نتريا ليلتقي هناك برجال قديسين يرضون الله، يقدس بذلك القديس آمون الذي كان لا يزال حيًا، واليريون وأمونيوس اللذين تنيحا بعد زمان ليس بطويل، والقديس بامبو، وخادم الله بيرو؛ ثم قبّلا بعضهما بعضًا، وبكى آمون بمرارة منطلقًا إلى والديه، ومن هناك إلى نتريا. عاش في نتريا 14 سنة رسمه بعدها القديس أثناسيوس أسقفًا على مدينة هرموبوليس ماجنا (الأشمونين) وقد نفاه الأسقف الدخيل جورج الكبادوكي عام 373 م. قيل إنه كان متظاهرًا بالجهل في الأسقفية، قالت عنه امرأة جالسة: "هذا الشيخ موسوس". فلما سمعها قال لها: "أتعلمين مقدار التعب الذي تعبته في البرية حتى اقتنيت هذا الوسواس؟" قالت: "لا" قال لها: "لقد كابدت خمسين عامًا لأقتني هذا الوسواس، فهل أفقده من أجلك في هذه الساعة؟" وفي الحال تركها القديس في القلاية وترك الأسقفية، ومضى ليعيش مع الرهبان في برية شيهيت. غالبًا ما تنيح عن 94 عامًا، إذ أحضره الإخوة في أيامه الأخيرة من الجبل ليعيش مع الإخوة في المجمع عام 430 ولم يبقى كثيرًا بل تنيح. عاش فترة توحده الأخيرة بعد تركه الأسقفية قائدًا ومرشدًا لكثير من الرهبان والمتوحدين، وكان قدوة لكل راهب كي لا يشتهي الأسقفية كعمل رئاسة أو سلطة.