الإجابة بآية واحدة لا تكفي
درج البعض في كثير من الأمور اللاهوتية، أن يضعوا سؤالًا يجاب عليه بآية ويحاولون بهذا أن يقنعوا (البسطاء) وغير العارفين، على أساس أن هذا هو تعليم الكتاب ! أو أن هذا هو الحق الإنجيلي..
هكذا فعل السبتيون الأدفنتست في كتابهم (الله يتكلم). وهكذا يفعل كثير من كاتبي النبذات، وواضعي الكتب المخالفة للعقيدة. ونحن نقول لكل هؤلاء:
إن آية واحدة من الكتاب في الأمور المختلف عليها لا تكفى، ولا تقدم الحق الكتابي. إنما يقدمه تجميع آيات الكتاب المتعلقة بالموضوع، حتى يتكامل الفهم..
وفى كتابنا (الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي) تجدون موضوعًا كاملًا بعنوان (خطورة الآية الواحدة) يمكن الرجوع إليه. أما في هذا المجال فسوف أقدم لكم بضعة أمثلة، تظهر لنا خطأ الإجابة بآية واحدة:
1 لنفرض أن إنسانًا سألك عن كيفية الولادة من الله؟
أتستطيع أن تجيب عليه، بأن تقدم له هذه الآية: (إن علمتهم أنه بار هو فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه) (1يو 2:29)!! هل يمكن بهذه الآية وحدها أن تقدم تعليمًا كتابيًا، خلاصته أن الإنسان يولد من الله، عن طريق أعمال البر التي يعملها! دون ذكر إطلاقًا للإيمان والمعمودية!!
وبالمثل هل يمكن للإجابة على نفس السؤال، أن تضع الآية التي تقول: (شاء فولدنا بكلمة الحق) (يع 1 ك 17 ) ويصبح الميلاد الثاني بمجرد الكلمة، دون ذكر لقبول والإيمان والمعمودية والتوبة..!
أم إنك في الإجابة على السؤال الخاص بالميلاد الثاني، تضع كل الآيات المتعلقة بالميلاد، هاتين وغيرهما..
مثل قول السيد المسيح: (إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله) (يو 3: 5 ) وأيضًا قول الكتاب: (بل بمقتضى رحمته خلصنا، بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس) (تى 3: 5).
2 ولنفرض أن إنسانًا سألك: ما هي الديانة المقبولة من الله؟
أتستطيع أن تجيبه بآية واحدة هي: (الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب، هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من من العالم) (يع 1: 27) وهل تمثل هذه الآية وحدها، كل الحق الكتابي، دون أي حديث عن الإيمان السليم؟!
يقينًا أنك لن تقبل. فلماذا إذن تستخدم أسلوب الآية الواحدة في مواضع أخرى، لتخدم أفكارك؟!
3 وإن سألك أحد: كيف ينتقل الخاطئ من الموت إلى الحياة؟
أتستطيع أن توقفه أمام آية واحدة فقط هي قول القديس يوحنا الرسول: (نحن نعلم أننا انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة) (1يو 3: 14) هل بهذه الآية وحدها، تكون قد قدمت التعليم الكتابي والحق الإنجيلي في كيفية الانتقال من الموت إلى الحياة، دون أن تقدم آية أخرى عن الفداء والكفارة والصلب، والتوبة والإيمان والمعمودية..؟!
لا يوجد أحد يقبل هذا الكلام. إنما يجدر بنا أن نضع آيات أخرى مثل: (ونحن أموات بالخطايا، أحيانا مع المسيح) (أف 2: 5) و(إذ كنتم أمواتًا في الخطايا.. أحياكم معه، مسامحًا لكم بجميع الخطايا، إذ محا الصك الذي علينا.. مسمرًا إياه بالصليب) (كو 2: 13: 14) (مدفونين معه بالمعمودية، التي فيها أقمتم أيضًا معه..) (كو 2: 12) (فدفنا معه بالمعمودية للموت. حتى كما أقيم المسيح من الأموات.. نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة. لأنه إن كنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته) (رو 6: 4، 5).
4 وبالمثل أيضًا، إن سألك أحد: كيف أخلص؟
أتستطيع أن تضع أمامه آية واحدة هي (لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا) (1تى 4: 16)
هل هذه الآية وحدها يمكنها أن تكون إجابة كافية في الخلاص؟! بلا ذكر للدم والإيمان والمعمودية!! أراك تنكر هذا، ولك حق.
وبالمثل أيضًا من يجيب بآية أخرى هى: (لأنك إن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت) (رو 10: 9)
إنها آية. ولكنها وحدها لا تكفى. لماذا لا تضع إلى جوارها آية أخرى هي: (من آمن واعتمد خلص) (مر 16: 16)
ولماذا لا تضع إلى جوارها أيضا هذه الآية: (إذ كان الفلك يبنى، الذي خلص قليلون، أي ثمانية أنفس بالماء. الذي مثاله يخلصنا نحن الآن، أي المعمودية) (1بط 3: 20، 21).
وبهذا يتكامل الحق الكتابي، ولا تتعبنا ضمائرنا، إذ نتعمد أخفاء الآيات، أي إخفاء أجزاء من الحق الإنجيلي، لكي نقدم مفهومنا الخاص، وليس مفهوم الكتاب!!
إنه سؤال، دائمًا يحيرني، ولا أجد له جوابًا:
هؤلاء الإخوة، الذين ينادون بالتعليم الإنجيلي، ويدافعون عن الحق الكتابي، لماذا لا يعلنون هذه الآيات وأمثالها، إلى جوار الآيات الأخرى؟! لماذا يتعمدون إخفاءها؟! أليست هي أيضًا من الإنجيل ومن الكتاب؟!