الثقة بالدخول إلى الأقداس إن الذين يتحدثون عن ضمان الملكوت يعتمدون على قول ماربولس الرسول (فإذ لنا أيها الأخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع.. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان، مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير، ومغتسلة أجسادنا بماء نقى) (عب 10: 19 – 21). إن هذا النص يتحدث عن ثقة الدخول ويقين الإيمان، بشروط أساسية. فعبارة (مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير) تدل على ضرورة النقاوة والتوبة (وعبارة (مغتسلة أجسادنا بماء نقى) تدل على ضرورة المعمودية للخلاص. فهل اكتفى القديس بولس بكلامه هذا، وبهذين الشرطين فقط؟ كلا، إننا إن قرأنا باقي كلامه، نرى عكس ما يدعيه هؤلاء الواثقون! يتابع الرسول كلامه فيقول (لنتمسك بإقرار الرجاء راسخًا، لأن الذي وعد هو أمين). ولنلاحظ بعضنا بعضًا للتحريض على المحبة والأعمال الصالحة. فما لزوم أهمية المحبة والأعمال الصالحة في موضوع الثقة هذا؟ إن القديس بولس يدلل بكلامه على أن الثقة في (الدخول إلى الأقداس بدم يسوع) إنما تعتمد على أعمال الإنسان وسلوكه أيضًا – وإلا تزعزعت هذه الثقة وانهارت انهيارً مريعًا. ولذلك يتابع الرسول كلامه محذرًا ومنذرًا: (فانه إن أخطأنا باختيارنا – بعدما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف، وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين) (عب 10: 26، 27) أين الثقة إذن، مع وجود هذه الدينونة المخيفة، إن أخطأنا؟ ألا يستلزم الأمر إذن غاية الاحتراس والحيطة، والسلوك في مخافة وانسحاق، إن كنا نريد أن نتقدم إلى الأقداس في ثقة. ذلك لأن الرسول الذي تحدث الذي تحدث عن هذه الثقة بدم المسيح، نراه لا ينسى مطلقًا عدل الله. بل يتابع كلامه قائلًا (فإننا نعرف الذي قال لي الانتقام أنا أجازى يقول الرب. وأيضًا الرب يدين شعبه مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي) (عب 10: 30، 31). إن هذا يذكرنا بما نعرفه عن البرتوستانت من خطورة استخدامهم للآية الواحدة. كان أجدر بهم في معالجة هذا النص المقدس من أقوال مار بولس الرسول، أن لا يأخذوا الآية الأولى من الأصحاح مكتفين بها، دون أن يتابعوا كلام الرسول حتى نهايته. ليتهم فعلوا ذلك، إذن لرأوه يقول أيضًا في موضوع الثقة: (فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة، لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد) (عب 10: 35، 36). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). حقًا (إن الذي وعد هو أمين)، ولكن نوال الموعد يتوقف على صنع مشيئة الله، فإننا بلا شك، فإننا بلا شك لا ننال الموعد، ولا تكون لنا ثقة. (فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة، لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد) (عب 10: 35، 36). حقًا (إن الذي وعد هو أمين)، ولكن نوال الموعد يتوقف على صنع مشيئة الله، فإننا بلا شك لا ننال الموعد، ولا تكون لنا ثقة. ما معنى هذا؟ هل معناه أن الله قد رجع في هباته التي هي بلا ندامة (رو 11: 39)؟ كلا، إن هبات الله هي حقًا بلا ندامة، ولكن لها شروطًا. فإذا لم تنل هباته، لا يكون هو الذي رجع هباته، وإنما تكون أنت الذي خالفت الشروط. إن الله أمين في وعده ولكنه قال لنا على فم رسوله بولس (إذا صنعتم مشيئة الله، تنالون لموعد) (عب 10: 36). وواضح أن عمل مشيئة الله يستغرق العمر كله. لذلك قال الرسول (لأنكم تحتاجون إلى الصبر). ومعنى هذا أن نصبر العمر كله في مرضاة الله، حتى ننال موعده.. يظهر من كلام القديس بولس الرسول في هذا الأصحاح إذن أن (الثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع) تحتاج إلى أمور كثيرة: تحتاج إلى قلب صادق، وحياة توبة ونقاوة، وأجساد مغتسلة بماء المعمودية النقي، كما تحتاج إلى التحريض على المحبة والأعمال الصالحة، وإلى صنع مشيئة الله، والصبر على كل ذلك، والاحتراس من فعل الخطيئة، وإلا فان أخطأنا باختيارنا، نتعرض لدينونة مخيفة، ومخيف هو الوقوع في يدي الله الحي.