شهادة نصوص كتابية بخصوص الطبيعة الواحدة
آيات كثيرة من الكتاب تثبت الطبيعة الواحدة:
1- شهادة من الله الآب نفسه يقول عن يسوع الذي يعمده يوحنا المعمدان "هذا هو ابني الوحيد الذي به سررت" (متى 17:3).
وطبعًا لم يقل هذا هو ناس، لأن ناسوته غير منفصل عن لاهوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.
وعبارة (هذا) لا تطلق على اثنين، بل على مفرد. وهنا تطلق على الطبيعة الواحدة التي للكلمة المتجسدة.
2- ونفس التعبير قاله القديس يوحنا المعمدان، إذ أشار إلى المسيح وقال " هذا الذي قلت عنه إن الذي يأتى بعدى صار قدامى، لأنه كان قبلي" (يو1: 15،30).
فكيف يكون بعده وقبله؟ إنه بعده في الميلاد الجسدي، وقبله باللاهوت. ولكن المعمدان لا يفصل بين الناسوت واللاهوت، وإنما يقول (هذا) الذي أمامي (الكلمة المتجسد) كان قبلي. واضح هنا وحدة الطبيعة. إن الذي يعمده هو نفسه الذي كان قبله.
3- يقول القديس يوحنا الإنجيلي " الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب خبر" (يو18:1).
والابن الوحيد هو الله الكلمة، الاقنوم الثاني، فكيف أنه أعطانا خبرًا عن الآب؟ لاشك حينما تجسد. فهل الذي خبر هنا هو الناسوت، إنه يقول عنه " الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب " بينما خبرنا ناسوته. وهذا دليل على وحدة الطبيعة.
4- ونفس الكلام يقوله نفس الرسول في رسالته الأولى " الذي كان من البدء، الذي سمعناه الذي رأيناه الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (1يو1:1). وإنه يقول عن هذا الذي رأوه ولمسوه إنه الذي كان من البدء أي الله: فكيف رأوا الله ولمسوه، إلا إن كان هو الكلمة المتجسد. لأن الكلام هنا ليس عن الناسوت وحده ولا يلمس بالأيدي.
5- وبنفس المعنى نأخذ حديث السيد المسيح مع الرجل الذي ولد أعمى ومنحه الرب البصر. إنه يسأل من هو ابن الله، فيقول له الرب " قد رأيته. والذي يتكلم معك هو" (يو9:35-37).
وابن الله هو الله الكلمة أي اللاهوت. والذي يتكلم معه أهو الناسوت؟ لا يمكن أن يكون الناسوت وحده لأنه يقول له إنه هو ابن الله. إذن فهو الله المتجسد، الذي ظهر في الجسد (1تى 16:3).
6- يقول القديس بولس الرسول عن بنى إسرائيل حينما كانوا في برية سيناء " وجميعهم شربوا شرابًا واحدًا روحيًا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخره كانت المسيح" (1كو 4:10).
والمعروف أن بنى إسرائيل هؤلاء، كانوا في برية سيناء قبل ميلاد المسيح بأربعة عشر قرنًا فكيف يكون معهم يرتوون منه؟ إلا لو كان يتكلم عن الطبيعة اللاهوتية التي هي الله الكلمة. والله الكلمة لم يصر اسمه المسيح إلا بتجسده. ولكن نظرا للطبيعة الواحدة، لم يستطع الرسول أن يفصل. فتكلم عن أزلية المسيح ووجوده قبل مولده.
ويتابع الرسول كلامه بنفس المعنى فيقول " ولا تجرب المسيح كما جرب أناس منهم فأهلكتهم الحيات" (1كو 9:10).
7- من الذي سجد له المجوس (متى 11:2)؟
هل سجدوا للاهوت وحده؟ كلا، إنهم سجدوا لطفل في مزود وقدموا له هدايا. أم تراهم
سجدوا للناسوت؟ إن الناسوت لا تقدم له العبادة.
إذن لا جواب سوى أنهم سجدوا للإله المتجسد، كما المولود أعمى فيما بعد.
وكما سجد الذين كانوا في السفينة لما انتهر الرب الرياح ومشى على الماء لقد سجدوا له ليس مجرد احترام. وإنما "جاءوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقة أنت ابن الله" (مت 23:14).
8- كذلك نسأل: من الذي مشى على الماء وانتهر الريح؟ أهو اللاهوت أم الناسوت؟ لا شك أنه الكلمة المتجسد.
وهكذا باقي المعجزات: من الذي كان يصنعها؟ أهو اللاهوت وحده؟
إذن ما معنى عبارة " كان يضع يده على كل واحد فيشفيه" (لو40:4).
وما معنى أن نازفة الدم لمست هدب ثوبه فشفيت (مر5غ 29). وفي شفاء المولود أعمى. من الذي تفل على الأرض وضع من التفل طينًا، وطلى بالطين عيني الأعمى (يو6:9)؟ لا شك أن الذي صنع هذه المعجزات كلها وشبيهاتها كثيرات هو السيد المسيح "الكلمة المتجسد" ويقول القديس يوحنا الإنجيلي " وآيات أخرى صنعها يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب" (يو30:20). لاحظ هنا عبارة (يسوع).
نكتفى بهذه الأمثلة الآن، لأننا لو تابعنا ما في الكتاب، فلن ندخل تحت حصر، لأن لغة الطبيعة الواحدة شاملة فيه.
لذلك ننتقل حاليًا من الحديث عن الطبيعة الواحدة، إلى موضوع يتصل بها وهو المشيئة الواحدة.