رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الله نصيب الصديقين هابيل لم يدافع عن نفسه، فدافع الله عنه. لم يرو لنا الكتاب أن هابيل دافع عن نفسه، أو أنه قاوم الشر، أو حتى أنه شكا أو استنجد أو استغاث لقد لاقى مصيره في صمت، ومات بيد أخيه.. ولكن القصة لم تتم فصولها. إذ إن الله واجه قايين وسأله " أين هابيل أخوك؟". فأجاب " لا أعلم، أحارس أنا لأخي؟!".. وهكذا قادته خطية القتل إلى خطية الكذب، فكذب على الله نفسه، وقال له لا أعلم، وهو أكثر الناس علمًا بمصير أخيه!.. أو كان الوحيد من الشر الذي يعلم بمصير أخيه!! كان قايين كفأر في مصيدة، يحاول أن يفلت فلا يستطيع. إنه يلتمس طريقًا للهروب من مسئولية جريمته. يدعى عدم المعرفة. يدعى أنه غير مسئول عن أخيه وعن حراسته!! لقد أمسكه العدل الإلهي. فأخذ يكذب على فاحص القلوب والكلى، والعارف بالخفيات والظاهرات، على الله الذي أنذره من قبل ولم يسمع.. حقًا، إن الكذب هو الإبن البكر لكل خطية. هو الغطاء الذي يحاول الخاطئ أن يغطى به على خطيئته فلا تظهر.. إنه أسهل طريقة، وأول طريقة، يحاول بها أن يهرب من المسئولية، من العقوبة، أو من العار والفضيحة.. يندر أن يوجد خاطئ لا يكذب الذي يعترف بخطيئته، هو التائب. أما الخاطئ المستمر في خطيته فإنه يكذب لسترها.. ولكننا نفهم أن يكذب خاطئ على إنسان مثله . أما أن يكذب على الله نفسه، فهذا أمر خطير له دلالته. إن كذب قايين على الله، يدل على بعده عن الإيمان. إنه لا يعرف من هو الله، وما هي قدرته، وما هو عمله غير المحدود والعجيب أن الله هنا لم يجرح شعور قايين، ولم يقل له إنه كذاب. بل لم يجادله إطلاقًا في كلامه إنما واجهه بالحقيقة التي تكشف كذبه، فقال له " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض".. إن هابيل لم يتكلم، ولكن دمه له صوت، صارخ من الأرض.. قد يصمت المظلومون. ولكن صمتهم له صوت صارخ إلى الله. والله يسمع هذا الصوت، صوت صمتهم الصارخ.. إن يوسف الصديق قد ظلمه أخوته وظلمته امرأة فوطيفار، وصمت.. ولكن صمته كان يصرخ إلى الله، وسمع الله، وتدخل لينقذه من الظلم. والعمال الذين بخست أجورهم، يقول الكتاب إن هذه الأجرة المبخوسة تصرخ، والصراخ قد دخل إلى أذنيّ الرب (يع 5: 4) . إن الله يقاتل عنكم وأنتم تصمتون، لأنه يسمع صوت صمتكم. إذا ظلم إنسان وسكت، فلا تظن أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد. فإن صوت سكوته يرن في أذنى الرب، يقول الوحي الإلهي "من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم يقول الرب – أصنع الخلاص علانية" (مز 11). نعم قم أيها الرب الإله، وليتبدد جميع أعدائك، وليهرب من قدام وجهك كل مبغضي اسمك القدوس.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|