رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ليست البتولية امتناعاً عن ممارسة الجنسية فقط فالقديس باسيليوس الكبير قال: "لست أعرف امرأة ومع ذلك فإني لست بتولاً". فالبتولية ليست بوضع خارجي بل هي حالة فهي ليست فضيلة بل واسطة نرتقي بها إلى سيء أعظم. إن غاية البتولية الرهبانية هي إعادة وحدة الطبيعة الإنسانية وكمالها لأن على الإنسان نفساً وجسداً أن يعمل من أجل الكمال والبتولية تجمع الإنسان في حب الله. الزواج لا يناقض البتولية ولا هي تناقضه فسر الزواج هو سر الطهارة ولكن الراهب هو إنسان لم يجد كماله في الزواج العادي بل وجده في الزواج الروحي أي أن يتحد بذاته مع المسيح لذلك الرهبان هم أفضل من فهموا سر الزواج واحترموه. والبتولية أخصب من الزواج فالراهب يعطي بصلاته أولاداً روحيين للكنيسة أكثر من الزواج, العفة في الزواج مغبطة فلكم هي أكثر مدعاة إلى الغبطة إن كانت حرة طليقة من رباط الوصال الجسدي وزاهدة متنسكة من تلك الرغبات التي يشتهي الكثيرون تلبيتها ولم يكتفوا بذلك بل تخطوها فمارسوا الشذوذ الجنسي مع المثيلين وغيروا جنسهم ومارسوا الجنس مع الحيوانات وهذا أقرف الأمور إلى نفس الإنسان الصحيح. فالبتولية قصة حب وهي المرافقة في السفر إلى الله فطوبى لمن عاش بتولاً وطوبى لمن عاش عفيفاً في زواجه ولمغبوط هو البتول ومن أكبر الأمثلة على ضرورة بتولية الراهب هي بتولية سيدتنا والدة الإله الدائمة القداسة الأم والبتول معاً (افرحي يا عروساً لا عروس[3] لها). فالراهب عليه أن يستمر في تحقيق بتولية كالعذراء مريم القديسة إلى أن يولد منه المسيح. البتولية الرهبانية هي الحكمة الكاملة بالنسبة للإنسان ويرمز إليها الزنار في اللباس الرهباني الذي يمنع هذه الحكمة من الهبوط من الأعلى إلى الأدنى فلقد مات البتول عن الأدنى وقام فنال بداية عدم الفساد. لحفظ البتولية لا بد من النسك والانضباط في الطعام وفي الكلام وفي الفكر ولكن الشرط الأساسي لحفظها هو الصلاة فالقلب المحب الطاهر الذي يتشوق إلى رؤية وجه الله هو من يحفظ البتولية فلا بتولية بدون حب. يرى البعض في الرهبنة جهاداً بطالاً وحياةً لا معنى لها ومناقضة للإنجيل, ولكن ما لا يعلمه أولئك أن ما يقومون به ويدَّعون أنه صالحات لا يقترب بهم حتى إلى باب الملكوت (والحكمة لله) ويجب ألا نتباهى بأعمالنا كالفريسي لأن الحياة الرهبانية تبدو غير نافعة لمن يتباهى بأعماله, ولكن وجهة النظر العالمية هذه عن الرهبنة تعبر عن نظرة خاطئة للمسيحية فالمسيح الرب بنفسه أظهر لنا الكمال المسيحي أساس الرهبنة. ويبدأ هذا الطريق بإتمام الأعمال الصالحة التي يتباهى بها العلمانيون[4] . ابحث عن المسيحية, فتكتشف أهمية الرهبنة وتكتشف مقدار الخطأ الجسيم الذي يرتكبه كل من يوجه الاتهامات والتجديفات للرهبان الذين يحاولون أن يطبقوا تعاليم الإنجيل السامية. فكل من رفض الرهبنة رفض السيد ذاته الذي أظهر لنا طريق الكمال وطلبَ ولم يفرض أن نسلكه. الجهاد لأجل التغلب على الطبيعة الساقطة يعود إلى حرب لا يدركها ساميعها, هذا الجهد يقترن بعدم التملك الذي يؤدي إلى التواضع. فالأرواح الشريرة تتعاون مع الطبيعة الساقطة لتبقي الإنسان داخل الحياة السابقة, فالورقة المشبعة بالزيت والموضوعة في الماء لا تعود تتشرب الماء لأن هناك مادة أخرى تغذيها, هكذا حياة البتولية كما يشبهها القديس إغناطيوس بريانتشانينوف ورُبَّ سائلٍ هل البتولية ضد الطبيعة البشرية ومستحيلة؟ كل مجهول يبقى دوماً مستحيلاً وكل ما نعمله شخصياً يبقى بنظرنا الأفضل ويجيب الآباء القديسون على ذلك بقولهم: إن البتولية غير طبيعية بالنسبة للإنسان الساقط لكنها طبيعية للإنسان قبل السقوط "كانا كلاهم عريانين, آدم وامرأته وهما لا يخجلان" (تك 25:2) فبعد أن أعادنا آدم الجديد إلى طبيعتنا المفقودة أعيدت لنا إمكانية حياة البتولية. البتولية أسمى من الزواج ولو كانت الحياة الزوجية سامية في المسيحية أكثر مما كانت عليه قبلها. الإله الإنسان عاش بتولاً ووالدته عذراء والرسل يوحنا اللاهوتي وبولس وغيرهم بقوا عذارى وبعد المسيحية أتى الكثير من العذارى رجالاً ونساءً ويقول القديس أمبروسيوس مفسراً ذلك: "نبشر بالعذرية بطريقة لا ترفض فيها الأرامل ونكرم الأرامل بطريقة يبقى فيها الزواج مكرماً". |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نذر البتولية |
الرهبنة الفردية أقوى من الرهبنة الجماعية |
نذر البتولية |
مجد البتولية |
ما بين حياة البتولية (الرهبنة أو التكريس) والزواج |