اختيار شريك الحياة
ا
تتساءل كل شابة متى يُقبل الرجل المناسب على طلب يدها، وكل واحدة لها تأملات وتوقّعات حول نوعية هذا الرجل الذي سينتهي بها المطاف معه في عشّ الزوجية، وكثيراً ما تتصور الفتاة شخصية معينة، وشكلاً معيّناً، أو حالة مادية أو اجتماعية معيّنة للزوج الذي تتمنّاه، وقد يمضي الزمن ولا تجد ذلك الرجل يتقدّم لها، بل تجد كثيرين يريدون الزواج منها لكنّ شخصيتهم لا تتطابق مع رجل الأحلام، فترفضهم واحداً تلو الآخر إلى أن ينتهي بها المطاف بالعنوسة في كثير من الأحيان، وقد تقبل الزواج في سنّ متقدّمة نوعاً ما من شخص غير مناسب أو شخص لم تحلم به خوفاً من العنوسة، وفيما يلي سأحاول أن أصف أولاً الرجل المثاليّ الذي أتمنّاه زوجاً لابنتي.
أريده أن يكون رجلاً عاقلاً ومتعلّماً وله دخل جيد من عمل مستقرّ، طموحاً ونشيطاً، وله شخصية قويّة تفرض الاحترام. كما وأتمنى أن يكون رجلاً مؤمناً يحبّ الله ويعمل لمرضاته، وقد بنى أفكاره على التعاليم الإلهية. أتمناه أيضاً رجلاً مولوداً من جديد ولادة روحية عرف من خلالها الله أباً له من خلال توبة صادقة وجوع إلى الله. أتمناه رجلاً يعمل الله في قلبه ويثمر في حياته من ثمار الله من محبة وسلام وطول أناة ولطف ووداعة، وأن يكون رجلاً يتأنى ويرفق بالناس، لا يحسد ولا يتفاخر ولا ينتفخ ولا يطلب ما لنفسه أي غير أنانيّ، ولا يغضب بسرعة ولا يحتدّ ولا يظن السوء، رجلاً يفرح بالحق ويُحبّ الخير ويكره الشرّ، يمتاز بالتواضع والاتكال على الله بكل شيء. إنّ رجلاً كهذا هو من صنع الله ومن نتاج عمله في حياة الإنسان. لذلك فلن أرى رجلاً كهذا دون أن يكون قد سلّم قلبه ونفسه لمحبة الله والعمل بوصاياه. ويقول الكتاب المقدس إنّ هدف الله من حياتنا بعد توبتنا ورجوعنا إليه أن يغيّرنا لنكون مشابهين لصورة السيد المسيح من خصال وطبيعة تمجّد الله...
والسؤال الثاني الأهمّ الذي يخصّ كلّ امرأة أن تسأله هو: هل أنا المرأة المناسبة للزواج بمثل هذا الرجل أو حتى بأيّ رجل؟ وأيضاً نسأل في هذا المضمار أسئلة عامّة لا بدّ منها، وقد كانت مواصفات أساسية في القدم مثل الصحة، والحالة الفكرية والنفسية، ثم ماذا عن الشكل وما أهميته في الموضوع؟ طبعاً هذه أمور يطلبها الرجل والأم التي تبحث له عن عروس مناسبة لتكون زوجة المستقبل وأمّاً لأحفادها. أما أفضل الوصف للمرأة الفاضلة فموجود في سفر الأمثال من الكتاب المقدس حيث نجد أنّ الأم تعطي توصية لابنها عن الزوجة المثالية التي تتمناها له. تبدأ بالقول إنّ هذه الزوجة الفاضلة نادرة الوجود ثمنها يفوق اللآلئ، ثم تعطي المواصفات فلا نجد للجمال والغنى مكاناً ولا حتى الاسم والمستوى العائليّ والاجتماعيّ، بل تعطي وصفاً لهذه المرأة الفاضلة التي يرتاح لها قلب زوجها ويمدحها وأولادها أيضاً، وأنصح القارئة الكريمة بالاطلاع على سفر الأمثال والأصحاح 31 لتجد فيه المقياس الذي على الزوجة أن تسعى لتكونه، وفي نهاية الوصف نجد القول الأهمّ وهو أنّ "الحُسن غِشّ والجمال باطل. أما المرأة المتّقية الرب فهي تُمدَح".
ونجد الكثير من الأمثلة في الكتاب المقدس عن نساء وزوجات فاضلات تظهر خصالهنّ الحميدة بشكل واضح للقارئ، ومن الأوصاف الحميدة في المرأة الفاضلة الروح الوديعة والهادئة، والمحبة لزوجها والخضوع له ومهابتها له، وملازمة بيتها لتهتمّ بشؤونه أولاً وتربّي الأبناء تربية صالحة مبنيّة على كلمة الله، وهي امرأة لا تهتمّ بالزينة الخارجية من التحليّ بالذهب والملابس كثيرة الثمن بل هي امرأة تحيا بحسب روح الله بتقوى. إنها امرأة محتشمة ومصلّية ومتّكلة على الله، وفيها نفس مواصفات الرجل التي سبق وذكرتها والموجودة في الرسالة الأولى للرسول بولس إلى أهل كورنثوس والأصحاح 13 في الكتاب المقدس، ونصيحتي لكلّ أخت شابّة أن تهتمّ أوّلاً بأن تتغيّر لتكون المرأة الصالحة، ومن ثم أن تسلّم نفسها لله ليعمل في حياتها، كما هو مكتوب: "وتلذّذ بالرّبّ فيعطيك سؤل قلبك".