رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 7 - تفسير سفر المزامير أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه مرثاة يرفعها المرتل متضرعًا أمام محكمة الرب العادلة. مناسبتها هي حادثة كانت وقعت لداود حين اضطهده أعداء شرسون، ربما شاول ورجاله، الذين افتروا عليه، فهرب إلى حضرة الرب في الهيكل، لأجل سلامته الشخصية، وللبت في القضية واستصدار حكم بها وإعلان براءته. يرى أحد الدارسين Hans Schmidt أن حالة المرتل هنا كالتي تجسمت بشكل واضح في (1 مل 8: 31) الخ... حيث يتقدم المتهم البرئ إلى الهيكل طالبًا حكم الله الذي يبرره ويدين الخصم الذي يفترى عليه، موقعًا عليه عقوبة يستحقها[200]. يحّول داود النبي التقي كل حادثة تقع في حياته إلى مناسبة يرفع فيها قلبه ونفسه في تكريس عميق لله. فقد دفعته أقوال كوش وأفعاله الشريرة ضده إلى الصلاة والتغني بتسبحة تبعث بالتعزية في قلبه، وبالحياة المتدفقة في أوصال الكنيسة عبر كل العصور. الإطار العام: 1. ثقة صلاة [1-2]. 2. داود البرئ [3-5]. 3. قم يا رب [6-7]. 4. الحكم الانقضائي [8-9]. 5. نهاية الشر [10-17]. صلاة عنوان المزمور: "شجوية Shiggaion لداود، غناها للرب بسبب كلام كوش البنياميني". 1. لا يمكن تحديد المعنى الأكيد لكلمة "شجوية Shiggaion"[201]: أ. يفترض بعض الدارسين وجود علاقة بينهما وبين اللفظ الآشوري Iegu الذي يعني "مرثاة". ب. يرى البعض أنها تعني "صراخًا عاليًا"، يحدث في حالة خطر محدق أو في حالة ارتباك أو تحت وطأة ألم شديد. وقد استخدمت هنا مرة واحدة في المزامير، وجاءت بصيغة الجمع "شجويات Shiginoth" في (حبقوق 3: 1)، حيث نجد تشابها شديدًا وعميقًا بينهما. ففي سفر حبقوق يبدو الصراخ بصوت عالٍ تحت وطأة نفس الظروف التي يتعرض لها المرتل في المزمور الذي أمامنا. ج. يرى آخرون أن لفظة "شجوية" تعني "تجولًا" أو "تيهًا"، وثمة شروحات أربعة لهذا المعنى: * الشرح الأول: أن هذا المزمور يُرنم بنغمة متغيرة (متجولة كما من موضع إلى آخر)؛ أي يقدم بنغمة تضم نغمات مختلفة ومتباينة مع تبدّل أزمنة وأساليب عزفها وآدائها. * الشرح الثاني: أن المزمور يتسم بتنوع أوزانه وبحوره الشعرية. * الشرح الثالث: أن داود النبي كان يتغنى بتجواله؛ وإن كان الدارسون لم يتفقوا معًا أكان التجوال هنا يشير إلى عدم استقراره في البرية، أو هو تيهًا في أخطاء ارتكبها أو بسبب تيه أخلاقي أو سلوكي. * الشرح الرابع: أن داود يتغنى بتجوال أو بتيه أو أخطاء آخرين في تعاملهم معه. د. يرى آخرون أن Shiggaion تعني "أنشودة مبهجة جدًا وعذبة". 2. "كوش": أكبر أبناء حام حمل هذا الأسم، لكن ثمة صعوبة تواجهنا حينما نعلم أن التاريخ لا يورد شخصًا معاصرًا لداود يحمل هذا الأسم"[202]. * يرى البابا أثناسيوس الرسولي والقديس باسيليوس الكبير أن كوشًا هذا يعني "حوشاي" الذي أثنى أبشالوم عن الإنصات لمشورة أخيتوفل، وقد دُعى ابن اليمين (بنياميني) لأنه تصادق مع أبشالوم ليحثه على عدم محاربة أبيه، فأعطى أمانًا لداود أو حُسب كمن عن يمينه يعمل لحسابه. * يرى البعض أنه يقصد شمعي الذي كان بحق بنيامينيًا، منافسًا ومقاومًا لداود. وربما كان كوش البنياميني هذا هو أحد أنسباء أو أقارب شاول ألّد أعداء داود. * لما كانت كلمة "كوش" معناها "أسود"، لذلك اعتقد البعض أن كوش البنياميني هو شاول البنياميني، الذي كانت نفسه من الداخل في ظلمة، بسبب شره وخبثه. من الجانب التاريخي يمكن ربط المزمور بـ(1 صم 24، 28)، حيث يرمز شاول إلى ضد المسيح الآتِ. * يرى القديس جيروم أن هذا المزمور يشير إلى الزمان الذي ثار فيه أبشالوم ضد أبيه داود. وقد بدد كوش مشورة أخيتوفل مشير أبشالوم وأرسل كلمة إلى داود (2 مل 15-17)، فتغّنى داود بهذه الأغنية. 1. اتكال وصلاة: "أيها الرب إلهي، عليك توكلت، خلصني من أيدي جميع المطاردين ونجني لئلا يخطفوا نفسي مثل الأسد حيث ليس من ينقذ ولا من يُخِلّص" [1-2]. هنا أول مثل في المزامير فيه يذكر اسمين للقدير: "يهوه" (الرب)، و"إلهي". إذ كان داود مضطربًا يتطلع إلى عدوه القاسي كأسد يود أن يمزقه [2]، لهذا يرفع صلاة وتسبيحًا للرب (يهوه) الذي يدخل مع شعبه في عهدٍ لحمايتهم، ويحسب يهوه إله كل الشعب هو إلهه الشخصي (إلهي). وكأن داود المؤمن يقول: "أنت هو رب كل الكنيسة عمومًا، وربي أنا بوجه خاص. أنت هو إلهي، فإلى من غيرك أذهب إذن؟ أنت إلهي وأنا عبدك، لي حق حمايتك لي فأنت درعي وملجأي". الإيمان والصلاة هما مفتاحان بهما تُفتح أبواب مراحم الله؛ وهما الذراعان اللتان بهما يغلب المؤمن في التجربة القاسية ويقهر عدوه الروحي. في وقت الضيق يهرب دائمًا إلى رب كل الكنيسة ليحتمي به، هذا الذي يمنح حصنًا شخصيًا للمؤمن وله القدرة على تخليصه من خصمه الذي يهدده بالقتل. يجد المؤمن في الله كل كفايته وأمانه. وليس شيء أكثر يقينًا ولا أقدر قوة من حماية الله لكل من يلجأ إليه ويتكل عليه. يصرخ داود النبي إلى الرب إلهه من أجل مطاردين كثيرين يريدون البطش به... لكنه يعود فيرى عدوًا واحدًا رئيسيًا، يشبهه بأسد يمزق فريسته [2]. وكراعٍ صغير السن فإن مشهد أسد يمزق حملًا إربًا كان مألوفًا لديه منذ صبوته (1 صم 17: 34-35). الأسد هنا هو الشيطان، الخصم المقاوم لكل البشر. إنه أسد زائر ومشتكٍ، يتهمنا، وهو كذّاب وأبو الكذاب؛ هو الحية القديمة، رئيس سلطان الهواء، إله هذا الدهر، رئيس الظلمة، الروح الذي يعمل حتى الآن في أبناء المعصية، وما من أحد يستطيع الصمود أمامه بقوة، أما حماية الرب فهي الرجاء الوحيد والأخير للخلاص منه. الكلمات التي ينطق بها المرتل هي كلمات شخص هزّه الفزع المميت، فسقط مرتعدًا انقطعت نفاسه وضاق به صدره. وفي ذات الأوان هي كلمات إنسان متمسك بالمشاعر العميقة أنه يجد موضعًا للأمان والحماية في الله الذي يمكنه أن يلقي عليه ثقته[203]؛ لأن مجد الله هو أن يعين الذين لا عون لهم. بدأ الاضطهاد مع قايين، واستمر على أيدي أشرار كثيرين في أجيال متعاقبة. وها هي الكنيسة تعيش كما عاش دانيال في جب الأسود، التي تزأر على الدوام وتزمجر في كل مكان وزمان، تلتمس أن تقتل الأبرار، لكن نداءنا لله يدخل بنا إلى ملجأ آمن. وسط الضيق الشديد وكثرة المقاومين لم يرى داود النبي إلا ذاك العدو الخطير الذي يريد أن "يخطف نفسه"... لم يخف داود على كرسي المُلك ولا على آلام الجسد التي قد تلحق به وإنما على نفسه لئلا تفقد إيمانها وتخسر أبديتها! لقد خطف العدو نفس آدم الأول وأسرها تحت سلطانه، وظن أنه قادر أن يخطف نفس آدم الثاني، نائب البشرية ومخلصها... لكنه لم يستطع. في البستان صرخ السيد المسيح لدى الآب ليرفعنا إليه وقت الضيق، وإذ دخل الجحيم هزّ أركانه وأخرج نفوس الأسرى. عدو الخير الأسد المزمجر لا يطلب إلا هلاك النفس، ومسيحنا الأسد الخارج من سبط يهوذا مخلص النفوس ومحررها بدمه الثمين! *يقول الرسول: "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه" (1 بط 5: 8)، لذلك حينما يقول بصيغة الجمع: "خلصني من جميع المطاردين لي"، يكمل بصيغة المفرد، قائلًا: "لئلا يمزق نفسي مثل أسد". إذ لم يقل: "لئلا يمزقوا نفسي في أي وقت". فهو يعلم يقينا من هو عدو النفس الكاملة وخصمها العنيف... إن لم يفتِد الله أو يُخلص ينقضّ الشيطان على فريسته. القديس أغسطينوس 2. داود البريء: إذا كان العدو يطارد داود، التجأ الأخير إلى الله، في بيت الله، حيث يخضع لقسم التبرئة، مُقسمًا أنه برئ [4، 6؛ 1 مل 8: 31-32]، لا من كل خطايا، وإنما مما أتهم به ظلمًا! إذ وُجهت إليه تهمة التآمر والخيانة ضد حياة شاول وتاجه، تمامًا كما حدث مع أيوب (أي 31: 1) الخ، لذلك أقسم داود معلنًا تبرئته وتطهيره من هذا الذنب، باذلًا جهدًا عظيمًا لينطق مؤكدًا ضميره الصالح؛ وفي جرأة راح يستدر حكم الله العادل، فلا بديل لتبرئته سوى طلب عدالة الله. لهذا تضرع من أجل النجاة لكي يتمجد الله في حكمة بالبراءة. من يتألم ظلمًا دون ذنبٍ ارتكبه لا يخاف شيئًا، بل يعرف يقينًا أن الله يسمعه ويستجيب لصلاته، ويحارب عنه معانديه، ويتحمل عنه كل ضيق، بل ويقاوم مقاوميه ومضطهديه (2 تس 1: 4، 8). إذ كان لداود ضمير صالح خاصة في معاملاته مع أعدائه لم يخش أن يحتكم للسماء. وكما يقول القديس بولس: "لأن فخرنا هو هذا، شهادة ضميرنا أننا في بساطة وإخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم" (2 كو 1: 12). كما يقول القديس يوحنا الحبيب: "أيها الأحباء، إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله" (1 يو 3: 21). من له الضمير الصالح في الرب لا يخشى مقاومة الناس بل يحتكم لله الفاحص الأعماق. كثيرًا ما يتعرض للضيقات، لكنه يؤمن بذاك القادر أن يبرر ويمجد أولاده! إذ لم يحتقر داود النبي وصية الله فأحب أعداءه دون أن يُضمر في قلبه شرًا أو يحمل فيه حقدًا، لهذا اطمأن أنه لن تحل به لعنةً ما بل يستجيب الله لصلاته. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم ستة شروط لاستجابة الصلاة[204]: أ. أن يكون الطالب مستحقًا لنوال طلبه. ب. اتفاق الطّلبة مع ناموس الله. ج. مداومة الطلبة. د. ألا تكون الطلبة أمرًا دنيويًا. ه. أن يكون الطالب مجاهدًا في حياة الفضيلة. و. أن تتفق طلبته مع مشيئة الله. يُعلن المرتل براءته أمام الله، قائلًا: "أيها الرب إلهي إن كنت فعلت هذا، وإن كان ظلمًا في يديّ؛ أو جازيت الذين صنعوا بي الشرور، أسقط إذن أمام أعدائي فارغًا" [3-4]. سقط شاول بين يديّ داود مرتين، مرة في مغارة عدلام وأخرى في برية زيف، لكنه لم يمس شعرةً منه ولم يؤذه؛ بل ولم يدع أحدًا من أعوانه يتعرض لشاول بالضرر. هكذا يتعامل رجل الله مع عدوه من بني البشر بالخير الذي أوصاه به الكتاب المقدس (1 صم 24، 26). وكأن داود يقول: "إن كنت مذنبًا فإنني اعترف بأنني هكذا، ولكنني إن كنت أصنع خيرًا حتى مع أعدائي فليضطهد عدوي نفسي ويدركها ويدوس في الأرض حياتي... [5]. إن كان كوش يقيم ضدي اتهامًا صادقًا يُدينني، فلتحلّ بي كل أشر المهالك، وليقع بي كل ما يشتهيه ضدي عدوي، وليسلبني حياتي، ولينزعني من الوجود، وليدفن في التراب مجدي [5][205]. * أي مجد لنا إن كنا لا نؤذي من لا يؤذينا؟! بل الفضيلة الحقة هي أن نغفر لمن يؤذينا[206]. القديس أمبروسيوس *كان موسى وديعًا أكثر من جميع الناس (عد 12: 3)؛ وكان داود وديعًا بزيادة (مز 131: 2). لهذا يحثنا بولس هكذا: "عبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقًا بالجميع، صالحًا للتعليم، صبورًا على المشقات، مؤدبًا بالوداعة المقاومين" (2 تي 2: 24-25). فلا تطلبوا الانتقام لأنفسكم ممن يؤذونكم، إذ يقول (الكتاب): "إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور (بالشر)" [4]. لنصيرّهم إخوة لنا بترفقنا[207]. القديس أغناطيوس الأنطاكي *"إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور، لأسقط إذن بلا دفاع أمام أعدائي" [4]. ما المقصود بالقول "لأسقط"؟ طالما الإنسان على قدميه تكون له القوة أن يقف أمام أعدائه، يضرب ويُضرب، فينال نصرة أو تحل به الهزيمة، لكنه يظل واقفًا على قدميه؛ أما إن زلت قدماه وسقط ملقيًا على الأرض، فكيف يقدر على الاستمرار في مقاومة عدوه؟ لهذا نصلي بغيرة ألا نسقط أمام أعدائنا لئلا نسقط أمام أعدائنا، ولئلا يكون سقوطنا دون وجود دفاع... نطلب أن يلقينا (الخصم) أرضًا بهذه الكيفية إن كنا نجازي الشر بالشر. لا نطلب هذا فقط، بل نضيف: "ويدوس في الأرض حياتي" [5]. ما المقصود بحياتنا؟ قدرتنا على العمل في الفضيلة، واقتدارنا في العمل التقوى، فإننا نطلب ذلك أن نُداس في الأرض فنصير أرضيين تمامًا، وتنحدر كل أفكارنا وأعمالنا إلى الأمور الأرضية. "ويحل مجدي في الثرى (التراب)" [5]. ما هو مجدنا هذا إلا المعرفة التي تتولد في النفس بحفظ الوصايا...؟! إننا نلعن أنفسنا إن جازينا الشر بالشر... ليس فقط بالعمل وإنما أيضًا إن جازيناهم بالكلمات أو في النية... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). فإنه أحيانًا يجازي الإنسان الشر بالشر حينما يزعج أخاه بالنية أو بحركاته أو نظراته عن عمد. وثمه إنسان آخر قد لا يُجازي الشر بالشر بتصرفاته أو كلماته أو اتجاهاته أو تحركاته وإنما حين يُجرح قلبه فيُظهر امتعاضًا نحو أخيه... وثالث قد يسمع أن أحدًا ضايق (عدوه) أو وشى به أو قاومه فيفرح لسماع ذلك، بهذا يعرف بوضوح أنه يجازي الشر بالشر[208]. الأب دورثيؤس من غزة * نكرر هذه الكلمات كثيرًا: لنتجنب أن نجلب اللعنة على أنفسنا. لنتجنب أن نجازي الشر بالشر[209]! القديس قيصاريوس أسقف آرل لقد حسب داود النبي موته - يدوس العدو في الأرض حياته - أمرًا شريرًا، أما أن يحل مجده في التراب فهذا شر أعظم [5]! 3. قم يا رب: "قم يا رب برجزك، وارتفع فوق أقطار أعدائي. استيقظ يا رب وإلهي بالأمر الذي أوصيت ومجمع الشعوب يحوط بك. ولأجل هذا ارجع إلى العلاء" [6-8]. يلاحظ في الليتوجيات الخاصة بأعياد الصليب تُختار المزامير التي يرد فيها كلمة "ارتفع"؛ وكأن الكنيسة تتطلع إلى هذه المزامير بكونها إعلانًا عن ارتفاع السيد المسيح على الصليب ليحطم العدو إبليس ويهب نصرة لشعبه ومجدًا لأبيه. هنا قبل أن يتحدث عن الحكم أو الديبنونة الانقضائية في يوم الرب العظيم يشير إلى صلب الرب "ارتفع" وقيامته "استيقظ" وصعوده "ارجع إلى العلاء". يقول المرتل "قم" للرب الذي لا ينعس ولا ينام (مز 121: 4). في وسط الضيق يبدو لنا وكأن الشر قد انتصر، لذا نصرخ إلى الرب بكلمات المرتل هذه التي تكشف عن مدى نفاذ صبره وما يُعانيه من عذاب. يبدو له كأن الرب لم يقم ليعمل ويخلصه مما يعانيه. صلاته تكشف عن احتياجه الشديد وعجزه الواضح عن النجاة، لذا يطلب من الرب أن يقوم ليواجه المأزق الذي يعيش فيه المرتل[210]. ارتبطت هذه الصرخة أو هذا النداء بتابوت العهد الذي يرمز للحضرة الإلهية وسكنى الله وسط شعبه وهم في البرية أو أثناء الحروب فيما بعد (عد 10: 35؛ مز 68: 1؛ 1 صم 4: 1-4). كما يرتبط ذات التضرع بعمل الله مع الضعفاء الذين لا ملجأ لهم (إش 51: 17). "قم يا رب": ليس عملنا أن نصدر حكمًا على عدو؛ إذ لنا إنجيل له رسالة إيجابية مباركة. فالمسيحي ينبغي أن يسمو فوق الغيرة والأحقاد والوشاية والافتراءات، ولا يليق به مطلقًا أن ينحدر من مستوياته العالية السامية ليدافع عن نفسه بذات أساليب أعدائه، ويجازيهم شرًا بشر. فإن كانت هناك حاجة إلى سلاح أو سيف، إن كانت هناك حاجة إلى حكم وإدانة، فلنترك الرب نفسه يتصرف، هو يقوم ليُدين المسكونة كلها بالعدل[211]. يرى المرتل في شدة حزنه كأن الديان قد ترك منصة القضاء إلى حين، وها هو يتوسل إليه أن يقوم ليفصل في قضيته. لقد سلم كل شيء بين يديه، يحكم بينه وبين أعدائه. صمتْ الله يعلن عن طول أناته، لكن إذ يسيئ الأشرار فَهْم طول أناه الله فيطأوا قديسيه في التراب تحت أقدامهم، يقوم الله ويقضي. *إذ لم يعرفوك في حنانك، فليختبروك في غضبك. "ارتفع فوق حدود أعدائك" [7]. هنا يتوسل المرتل من أجل أعدائه، إذ يتمجد الله في أرضهم، عندما يكفون عن أن يصيروا أعداء، وترتفع يا رب بينهم[212]. القديس جيروم *بالتأكيد تصلي النفس ليس ضد البشر بل ضد الشيطان وملائكته، الذين ينتمي إليهم الخطاة والأشرار. إنها علامة التقوى لا الغضب أن يطلب أحد الرب الذي يبرر الفجار (رو 4: 5)، ليسلب الشيطان فريسته. فإن تبرير الفاجر يعني العبور من النجاسة إلى القداسة، ومن سلطان الشيطان إلى هيكل الله. القديس أغسطينوس كأن المرتل يصرخ إلى الرب الديان والمخلص أن يقوم ليدين حالة العداوة والشر، فيُحطم بصليبه وقوة قيامته شر الأشرار ويحولهم إلى بره. هذا ما يعنيه "ارتفع فوق أقطار اعدائي"[6]، أي، ليغرس صليبك في قلوبهم، وليطهر دمك أعماقهم، ولتحول أرضهم المظلمة إلى ملكوتك، ملكوت النور والفرح. لتجمع منهم أعضاء مقدسة "مجمع الشعوب يحيط بك"؛ لتُقم منهم كنيستك التي بلا عيب ولا عداوة. ارتفع يا رب على الصليب على أرض العدو لتقيم منه صديقًا، بل وعروسًا مقدسة لك. استيقظ يا رب من بين الأموات في وسط الشعوب التي أماتتها الخطية لتخلق منها كنيستك الحية بك. لترجع إلى العلاء ولتصعد إلى سمواتك، لتُجلِس الكل معك أيها البكر. يعلق القديس جيروم على الكلمات: "استيقظ يا رب وإلهي... ومجمع الشعوب يحيط بك" [7]، قائلًا: [بإن ربنا قد تمجد بقيامته]. *هذا فعلًا ما نقوله: لقد تألمت لأجلنا؛ لقد صلبت عنا، قم وخلصنا... قم حتى تؤمن بك جموع أكثر فأكثر، فإنه ماذا نطلب بعد قيامتك؟ عُد إلى الآب. "وفوق هذا اصعد إلى العلاء" [7]، لأجل من؟ لأجل مجمع الشعوب. لقد تألمت لأجلنا، وأنت قمت لأجلنا، وصعدت لأجلنا "وفوق هذا (المجمع) أصعد إلى العلاء"، "لا يصعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو 3: 13) [213]. القديس جيروم هذه هي صلاة المرتل داود حتى من أجل أعدائه، يريد أن يرى المخلص قد تمجد فيهم، محطمًا شرهم بصليبه ليقيمهم معه، ويرفعهم إلى سمواته. هذه الصلاة تتفق والحق الإلهي، إذ يقول "بالأمر (الحق) الذي أوصيتَ" [7]. يطلب المرتل ما يتفق مع خطة الله الخلاصية وحقه وحبه للبشرية. وكما يقول القديس يوحنا: "وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئًا حسب مشيئته يسمع لنا" (1 يو 5: 14). أيه مشيئة إلهية أوضح من خلاص البشرية بالصليب وتمتعها بشركة الأمجاد السماوية؟! 4. الحكم الانقضائي: "الرب يدين الشعوب. دنّي يا رب على حسب عدلي (كحقي) وعلى قدر عدم شري (كمالي) عليّ" [8]. مادام داود بريئًا في هذه القضية فقد تضرع إلى الرب أن يفحص أعماق قلبه. * لاحظوا كيف أن هذه النفس التي تصلي بكمال لم تخف يوم الدينونة، إنما تصلي بشوق دون قلق: "ليأتِ ملكوت" (مت 6: 10)... "اقض لي يا رب كَبرِّي، وحسب براءتي، لأن برّي وبراءتي هما من العلي... أنت تضئ سراجي يا رب (مز 18: 28)... اقضِ لي حسب اللهيب الذي هو من فوق، الذي لم يصدر عني بل يضئ فيَّ حينما تضرمه أنت من عندك. القديس أغسطينوس داود النبي يطلب هنا من الله أن يقضي له بحقه يتضرع إليه في موضع آخر ألا يدخل معه في المحاكمة، إذ لا يستطيع أحد أن يتبرر قدامه. ما يطلبه هنا لا أن يبرر ذاته أو يفتخر بقداسته إنما أن ينصفه ممن اتهموه ظلمًا وأساءوا فهم تصرفاته. لهذا يلجأ إليه كقاضٍ عادل، فاحص القلوب والكلى[9]؛ هو نار تأكل الشر وتزكي الحق: "ليفنَ شر الخاطي ويستقيم الصديق" [9]. يعلق القديس جيرومعلى هذه الفقرات التي فيها يطلب داود النبي أن يحكم الله كحق المرتل ومثل كماله [8]، قائلآً: [لا يقدر داود أن يذكر هذه الكلملت عن نفسه، إنما هي بالحقيقة تخص المخلص الكامل الذي لم يخطئ قط]. إنها بالحق كلمات السيد المسيح ابن داود القائم من الأموات والصاعد إلى العلاء لأجلنا. 5. نهاية الشر: "ليفنَ شر الخاطي، ويستقيم الصديق" [9]. يرى العلامة أوريجانوس أن المرتل هنا يطلب أن يحطم الله الشر فيتحرر الخاطي من عدو الخير ويصير صديقًا مستقيمًا في طريقه. يسأل داود النبي الله أن يبيد شر الخطاة وأنت يثبت الأبرار، مؤمنًا أن الشر في النهاية ينتهي ويُباد، وأن الله يسعى أن يتصالح مع الخاطي، لا مع خطيته أو شره. بمعنى آخر لم يطلب داود النبي من أجل إبادة الأشرار بل إبادة شرهم. لم يطلب أن يُفني الله أعداءه بل أن ينهي عداوتهم بغير رجعة، لكي يصير الشرير صالحًا؛ كما يطلب منه أن يُثبت الصديقين. بعمل ربنا الخلاصي: صلبه وقيامته وصعوده، ينتهي الشر إما بعودة الأشرار إلى إلهم بالتوبة، أو بدينونتهم في اليوم الأخير. "فاحص القلوب والكلى هو الله" [9] الله في دينونته للأشرار لا يحتاج إلى شهود، إذ هو مدرك للخفيات، عارف ما تخفيه القلوب من مشاعر أو عواطف وأفكار، وعالم بما في الكلى من رغبات وشهوات... كل شيء مكشوف وعريان أمامه، فلا يخطئ الحكم. * "سينير الله كل خفايا الظلام" (1 كو 4: 5)، يتم ذلك بالمسيح، إذ هو النور (إش 42: 6)، كما يعلن أنه هو سراج "فاحص القلوب والكلى"[214]. العلامة ترتليان في يوم الدينونة سينتهي الشر تمامًا، الأمر الذي لا يتحقق الآن، لا عن عجز وإنما لأجل طول أناة الله، مقدمًا للكل فرصًا للتوبة والرجوع إليه. يقول المرتل: "الله قاضٍ عادل وقوي وطويل الأناة، ولا يرسل رجزه في كل يوم" [11]. إن كان المرتل يطلب من الله أن يبرره حسب كماله من جهة الافتراءات التي وجهها العدو ضده، فإنه يعلم أنه هو نفسه كما أعداءه يحتاجون إلى طول أناة الله، وأنه لو غضب ليجازي كل إنسان في الحال لما خلص أحد. *"الله قاضٍ عادل وقوي وطول الأناة، ولا يرسل رجزه في كل يوم" [11]. لكن إن أسأنا استخدام طول أناته، يأتي وقت لا تكون فيه فرصة لنا للتمتع بطول أناته علينا ولو لفترة وجيزة بل يحل علينا العقاب فورًا[215]. *هنا على الأرض لدينا سبب للتوبة، إنه طويل الأناة، ومن ثم يقتادنا إلى التوبة؛ لكن إن كنتم تستمرون في خطاياكم فإنكم بحسب قساوتكم وقلبكم غير التائب تذخرون لأنفسكم حمو غضب[216]. القديس يوحنا الذهبي الفم هكذا يدرك المرتل طول أناة الله حتى على الأشرار، لكن يلزم ألا نتراخي فقد أعد السيف والقوس لإبادة الشر، السيف للضرب عن قرب والقوس للضرب عن بعد. "إن لم ترجعوا سيصقل سيفه. أوتر قوسه وأتقنها، وأعدَّ فيها أواني الموت. صنع سهامه للملتهبين" [12-13]. بالفعل أستخدم السيف والقوس معًا في قتل شاول (1 صم 31: 3-4). الاثنان يشيران إلى الله نفسه، إذ عدله حاد وقاطع كالسيف وراشق وماضٍ كسهام الحرب. وقد مدّ الله قوسه وهيأه لضرب قلب الشرير وضميره القاسي، لكي يهبه التوبة بتحذيره وتبكيته، فإن الله يُريد أن يحرق بسهامه النارية الخطية لا الخاطي. يود أن تفنى الخطية بسيفه، أي بكلمة الله، فيصير الخاطي بارًا بالنعمة الإلهية. يرى القديس أغسطينوس أن القوس هنا هو كلمة الله، إذ يقول: [هذا القوس فيه تظهر قوة العهد الجديد كأوتار... هذا القوس أطلق الرسل كسهام، أي أرسلهم كارزين بالكلمة الإلهية. هذه الأسهم جعلها (الله) مهيأة للذين هم ملتهبون، أي يضطرمون بنار حب الله عندما تطعنهم هذه السهام. فبأي سهم آخر طُعنت نفس القائل: "أدخلتي إلى بيت الخمر، أقامني بين الأطياب. اسندوني بأقراص الزبيب. انعشوني بالعسل، فإني مجروحة حبًا" (نش 2: 4 LXX)]. أية سهام أخرى تقدر أن تشعل بالنار ذاك الذي يقرر الرجوع إلى أحضان الله، هذا الذي يقطع تيهه، ويطلب عونًا ضد الألسنة الغاشة، قائلًا: "ماذا تُعطي وماذا تزاد بأزاء اللسان الغاش؛ سهام الأقوياء مرهفة مع جمر البرية" (مز 120: 3-4)؟! كأنه يُقال: إن طعنتُك هذه السهام واضطرمت فيك نار هذا الجمر، تحترق بحب ملكوت السموات، فتحتقر ألسنة مقاوميك الذين يريدون أن يصدّوك عن غايتك. القديس أغسطينوس يرى البعض أن الحديث في هاتين الفقرتين (12، 13) هو عن الشيطان بمعنى إن لم تتوبوا وترجعوا عن طرقكم تمكثون تحت سلطان إبليس الذي يُعد سهامه دائمًا لتكون على أهبة الاستعداد لضربنا وإسقاطنا. لهذا يضيف المرتل: "أعدَّ فيها أواني الموت" [12]؛ ويقول القديس بولس إن سهام إبليس ملتهبة (أف 6: 16). وكأن الشرير يعطي إبليس فرصة ليلهب قلبه بالشهوات الشريرة، فيصير بالأكثر فريسة للأسد الذي يعمّق له حفرةً ويقتاده معه حتى موت الجحيم. إذ يتحدث المرتل عن الشر، يُشبِه الشرير بالمرأة الحامل الذي تعيش زمانًا على رجاء انجاب إنسان جديد يُفِّرحِ قلبها، وتتحمل الآلام خاصة أوجاع المخاض، فإذا بها تنجب باطلًا وظلمًا. "هوذا الإثم قد تمخض، حبل وجعًا وولد ظلمًا" [14]. من يتحد بالسيد المسيح يُنجب ثمر الروح: محبة، فرحٍ، سلام... (غلا 5: 22)، يلد حقًا. أما من يتحد بإبليس فينجب كذبًا وخداعًا مع عنف وقلق. *كل إنسان يحمل، ولا يوجد من هو ليس بحاملٍ، لكن البعض يحمل من السيد المسيح وآخرون من إبليس. من يحمل من إبليس يُقال عنهم: "هوذا بالإثم حبل تعبًا وولد فشلًا" [14]، بينما كُتب عن الذين يحبلون خلال الروح القدس: "حبلنا تلوَّينا بالألم، ولدنا روح خلاصكم" (إش 26: 18 LXX)[217]. الأب قيصريوس أسقف آرل يُشبِه المرتل الأشرار أيضًا برجل يحفر حفرةً لأخيه فيسقط فيها، إذ يقول: "حفر جُبًا وعمَّقه سيسقط فيه، وفي الحفرة التي صنعها" [15]. * لا تفتحوا إذن جبًا (حمام سباحة) ولا تحفروه بالرذائل والجرائم، لئلا يُقال: "فتح جبًا، حفره فسقط في الحفرة التي صنعها"[218]. القديس أمبرسيوس بينما ينهمك الشرير في حفر جب وإعداده إذ به يسقط فيه. هكذا يكشف داود النبي أن الخطية تحمل في أعماقها جزاءها، كما يحمل البر في ذاته المجازاة، هكذا يعلن الكتاب المقدس: "من يحفر حفرة يسقط فيها، ومن دحرج حجرًا يرجع عليه" (أم 26: 27). "من يحفر هوَّةً يقع فيها، ومن ينقض جدارًا تلدغه حيّة" (جا 10: 8). "جلبت طريقهم على رؤوسهم" (حز 22: 31). "ساروا وراء الباطل وصاروا باطلًا" (إر 2: 5). * إن تحفر حفرة معناه أن تعد فخًا في أمور دنيوية ملتوية، كمن يحفر في الأرض، ليُسقط أحدًا في حبائله، هذا ما يفعله الظالم مخادعًا الغير. يحفر الخاطي هذه الحفرة عندما يفتح نفسه لاقتراحات زمنية مملؤة طمعًا. يحفرها هو حين يفعل ذلك فيسقط في الخداع. القديس أغسطينوس يقول الأب سيرينيوس[219]: [إن الشياطين تقاوم البشر لكن ليس بدون جهد من جانبهم ليضمنوا النصر عليهم، فيسقطون فيما يصنعونه بنا، إذ قيل: "وعلى هامته يرجع ظلمه" (مز 7: 16)، وأيضًا: "لتأته التهلكة وهو لا يعلم ولتنشب به الشبكة التي أخفاها وفي التهلكة نفسها ليقع" (مز 35: 8)، أي في التهلكة التي دبرها بغشه للبشر، فتسقط الأرواح الشريرة في الحزن، وإذ تريد إهلاكنا تهلك هي بواسطتنا بنفس التهلكة التي يرغبونها لنا]. يختم المرتل المزمور بالاعتراف بعدل الله والتسبيح لاسمه، إذ يعمل الله في حياته ويرد الشر على العدو الشرير: "اعترف للرب على حسب عدله، وأرتل لاسم الرب العلي" [17]. هذه هي أول مرة في سفر المزامير يُدعى فيها الله بالعلي The Most High. أول مرة تصادفنا فيها هذه الكلمة في الكتاب المقدس في (تك 14: 18)؛ تتكرر كثيرًا في أسفار موسى الخمسة، وأيضًا في الأسفار الأخيرة. تتكرر في المزامير أكثر من عشرين مرة. الله هو العلي في سمو مجده طبيعته ومشورته وتدبيره. ليس أحد مثله، ولا شريك له، وليس أحد بجانبه. ليس فقط هو في الكل وبالكل وإنما أيضًا على الكل، أي فوق الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد[220]. * يا له من قول جميل: "العلى"، لأن الرب ارتفع قدر ما اندحر الشيطان. القديس جيروم يختتم المزمور بأنشودة الفرح والانتصار مع التسبيح، مُحولًا الحزن إلى فرح، ومقاومة الأعداء إلى خبرة عمل الله معنا لينفتح اللسان بالتسبيح. * التسبيح هو علامة الفرح، بينما التوبة عن الخطية تتحدث بلهجة الحزن. القديس أغسطينوس يعلمنا داود النبي أن نسبح الله ونشكره في أحلك الظروف، كما فعل أيوب الصديق، وكما رنم الرسولان بولس وسيلا في غياهب سجن فيلبي. *لنسبح الرب على الدوام، ولا نتوقف قط عن تقديم الشكر له على كل حال، بالكلمات كما بالأعمال. لأن هذه هي ذبيحتنا؛ هذا هو قرباننا؛ هذه هي أعظم ليتورجيتنا أو خدمتنا الإلهية، بها نتشبه بالحياة الملائكية. إن كنا نستمر هكذا نسبح له فسننهي حياتُنا هذه بلا ملامة متمتعين بالخيرات الصالحة المستقبلة. القديس يوحنا الذهبي الفم صلاة * علمني يا رب ألا أجازي الشر بالشر، بل اطفئ نار الشر بمياه روحك القدوس واهبة الحب! * هب لي ألا أخاف الأسد المزمجر ضدي، فأنت هو حصني، الأسد الخارج من سبط يهوذا! * قم في حياتي الداخلية كما في قلوب كل البشر، أقمنا من كل ضعف، أصعدنا معك في السماويات، هب لنا نصيبًا في أحضان أبيك، واحضرنا معك على السحاب. * علمني أن أشكرك بلا انقطاع بإعلان مجدك فيَّ! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|