الحب والحزم
قد يقال عن راهب أنه إنسان طيب، يصلح أن يكون أسقفًا، لأنه تنقصه الإدارة، وضميره يتعبه إن أخذ موقفًا حازمًا!!
كأنما الإدارة ضد الروحيات.
الإنسان الروحي يمكن أن يجمع الأمرين معًا: الحنو والحزم، والطيبة والإدارة، والأبوة والرئاسة..
يوسف الصديق كان حازمًا جدًا، حتى أن أخوته خافوه وارتعبوا منه، لما قال لهم "أنا يوسف. أحى أبى بعد؟" (تك 45: 3). ومع ذلك لم يستطع أن يضبط نفسه لما عرف أخوته بنفسه، وأطلق صوته للبكاء (تك 45: 1، 2).
وصفة الطيبة مع القوة، والحب مع الحزم، تظهر في السيد المسيح. وقيل عنه في تطهيره للهيكل:
يا قويا ممسكًا بالسوط فيكفه والحب يدمى مدمعك
هذا هو التكامل في الشخصية الذي يلزم للسير في الفضائل.
السيد المسيح كان يحب تلاميذه، وكان ينتهرهم أحيانًا.
قيل إنه "أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهى" (يو 13: 1)،ومع ذلك لما أراد بطرس أن يمنعه عن الصلب، قال له "أذهب عن يا شيطان. أنت معثرة لى" (مت 16: 23). هنا نجد الحزم واضحًا. وبنفس الحزم وبخ الرب تلميذيه لما قالا له "أتشاء أن تنزل نار من السماء وتحرق هذه المدينة" (لو 9: 55).
من الأشياء الغريبة في محيط الأسرة أن الوالدين يوزعان أحيانًا الحب والحزم فيما بينهما، فيكون للأم الحب وللأب الحزم!! بينما الحب والحزم ينبغى أن تكونًا لكل منهما..
فإذا أخطأ الابن، أو حاول أن يخطئ تقول له الأم".. لئلا يغضب أبوك ويعاقبك" (دون أن تقول له إنها هي أيضًا لا ترضى عن هذا الأمر!! ويختلط الأمر على الابن، ولا يعرف أين الحق. كل ما في الأمر أنه يتقى غضب الأب
يحدث أحيانا أن كاهنًا يريد أن يكسب محبة شعبه، أو رئيس يحب أن يكسب محبة مرؤوسيه.. من أجل هذا الحب يتهاون في حقوق العمل وفي وصية الله، وويفقد الحزم. وربما تكون لذلك نتائج سيئة جدًا..