بعض الأقوال عن الاتضاع (3)
* وقال القديس بلاديوس عن إيمان أحد كهنة الأوثان:
"وذهب وصار راهبًا. ومن بداية حياته تمسك جدًا بالاتضاع. وكان يقول: إن التواضع يستطيع أن يبطل كل قوة المعاند. كما سمعت من الشياطين الذين كانوا يقولون: كلما نثير الرهبان يتحولون إلى التواضع, ويعتذرون بعضهم لبعض. وهكذا يبطلون كل قوتنا.
* وقال الشيخ الروحاني: ذخيرة المتضع داخله, أي الرب.
وقال أيضًا: من لا يحبك أيها المتضع الطيب, إلا المفتخر والمتقمقم الذي أنت غريب عن عمله؟! تأملوا أولئك الجبابرة آبائنا: كيف طرقوا لنا الطريق, إذ لبسوا التواضع الذي هو رداء المسيح. وبه رفضوا الشيطان وربطوه بقيود الظلمة.
* أنبا تادرس الذي كان بقيود صلاته يربط الشياطين خارج قلايته, كان يجعل نفسه آخر جميع الناس. ومن الخدمة الكريمة كان يهرب.
* حقًا إن مسكن الله هو نفس المتواضع, كما قال القديس مار أوغريس: "يطأطئ المتواضع رأسه بروح منسحقة, ويصير مسكنًا للثالوث القدوس".
* وقال القديس سمعان العمودي: الاتضاع هو مسكن الروح وموضع راحته.
* وقال مارافرام: نجاح عظيم وشرف مجيد هو الاتضاع, وليست فيه سقطة.
* وقال ماراسحق: الاتضاع يتقدم النعمة. والعظمة تتقدم التأديب.
أما عبارته الأولى, فتوافق قول القديس يعقوب الرسول "يقاوم الله المستكبرين. أما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6). ذلك لأن المتواضعين إذا عملت فيهم النعمة ونجحوا, لا ترتفع قلوبهم بسبب نجاحهم, بل يقول كل منهم مع القديس بولس الرسول "ولكن لا أنا, بل نعمة الله التي معى" (1كو 15: 10). ويذكرون باستمرار قول الرب "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). بعكس ذلك المتكبر: فإنه كلما عملت فيه النعمة عملًا, ينسبه إلى نفسه فيزداد كبرياءً!
أما قول ماراسحق "إن العظمة تتقدم التأديب, فلعله اعتمد فيها على ما قيل في سفر الأمثال:
"قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18).
ذلك لأن المتكبر حينما ينتفخ قلبه, تتخلى عنه النعمة فيسقط, حتى يشعر بضعفه فيتضع, ولا يعود ينسب كل نجاح إلى قدرته وكفاءته وذكائه.. ناسيًا عمل الله فيه! وأيضًا يسقط هذا المتكبر, لأن الله يقاوم المستكبرين كما قال الرسول (يع 4: 6)،.ولأن المستكبرين لا يضعون الله أمامهم, ولا يعطون مجدًا لله, كما فعل هيرودس الملك "فضربه ملاك الرب وصار يأكله الدود ومات" (أع 12: 23). هكذا تكون نهاية المتكبرين.
* وللقديس أوغسطينوس تأملات في بعض المزامير الخاصة بالاتضاع:
* مثل "قريب هو الرب من المنكسري القلوب, ويخلص المنسحقي الروح" (مز 34: 18). وأيضًا " الرب عالٍ ويعاين المتواضعين" (مز 38: 6), وكذلك "من مثل الرب إلهنا الساكن في الأعالي والناظر إلى المتواضعات في السماء وعلى الأرض. المقيم المسكين من التراب, والرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع رؤساء شعبه" (مز 113: 5 8).
* فيقول القديس أوغسطينوس: سرّ عظيم يا أخوتي: الله هو فوق الكل. ترفع نفسك فلا تلمسه. تضع ذاتك فينزل إليك..
إن الله يسكن في الأعالي في السماء. هل تريد أن يقترب إليك؟ اتضع.
لأنه على قدر ما ترتفع نفسك, على قدر ما يرتفع هو عنك. أنت تعلم أن الله عالٍ. فإن جعلت ذاتك عاليًا مثله, فسيبعد عنك..
الله عالٍ, ويعاين الأشياء المتواضعة في السماء وعلى الأرض. فهل هذه الأشياء المتواضعة التي يعاينها, هي ذات مسكنه العالي, لأنه هكذا يرفع المتواضعين. لذلك فهو يسكن في أولئك الذين يرفعهم إلى الأعالي, ويجعلهم سموات لنفسه.. إنه الرب العالي الساكن في قديسيه.
فإن كان الرب إلهنا يعاين متواضعات أخرى في السماء غير التي يعاينها على الأرض, فإني أفترض أنه يعاين في السموات المتواضعين الذين دعاهم والذين يسكن فيهم. بينما على الأرض يعاين الذين يدعوهم لكي يسكن فيهم.