أعظم من السماء والأرض
لم أكن في هذه المرة سائرا في الصحراء ولا جالسًا علي عتبة الدير وإنما مع أبي الراهب أمام مغارته في الجبل، نتابع حديثنا الماضي عمن هو: أعظم من السماء والأرض..
الروح التي تود أن تنطلق يا أخي الحبيب هي الروح التي تدرك تماما قدر ذاتها، والتي تعرف أنها عظيمة بهذا المقدار كله، وأنها أكبر وأكبر جدًا من أن يذلها الجسد أو تذلها البيئة أو يذلها الشياطين.
ولكي أعطيك فكرة عن هذا الأمر، يليق بنا جدًا يا حبيب الله أن نبحث الأمر معا، ونتذكر الماضي والحاضر والمستقبل أيضًا، حتى ندرك أية قوة مخبأة فينا ونحن لا ندري. نتذكر أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي خُلِقَ علي صورة الله ومثاله {تك 1: 27}، فإن طلب أليك أن تعرف ذاتك، فقل في قوة وثقة {أنا صورة الله}.
وأنت – كصورة الله – قد كتب لك الخلود. فمن المحال أن تفني. وهل يعقل أن يفني شخص علي مثال الله الخالد؟! إذن فأنت أعظم من الجبل الشامخ ومن البرج الضخم، أعظم من الشمس الملتهبة ومن القمر المضيء. أعظم من الصحراء الواسعة ومن السهل الفسيح. أعظم من الذرة المحطمة ومن كل قوات الطبيعة علي الإطلاق. فكل هذه الأشياء تزول، لأن السماء والأرض تزولان كما يقول الكتاب {مت 24: 35}. وأما أنت فلك الحياة الأبدية كما وعدك السيد المسيح {يو14:4} أنت يا صورة الله.