إدانة الذات
الإنسان المصاب بالأنا، يكون باستمرار بارًا في عينى نفسه.
إذا أخطأ لا يعتذر، لأنه يظن أنه على حق ولم يخطئ! وإذا حدث سوء تفاهم بينه وبين أحد من الناس، لا يذهب إليه ليصالحه. لأنه يأمل لابد أن يأتى من الطرف الآخر، باعتبار أن الخطأ قد صدر من ذلك وليس منه!
بل حتى مع الله، قد لا يعترف بأخطائه، لأن ذاته تقنعه أنه لم يخطئ!
العلاج إذن أن يحاسب الإنسان نفسه بغير تحيز، ويدينها.
يدين ذاته في داخل نفسه. ويدينها أمام الله وأمام أب اعتراف. ويدينها أمام الغير حينما يلزم ذلك.
يدينها في اتضاع. ولا يجلب اللوم على غيرها، كما فعل أبونا آدم وأمنا حواء (تك٣). ولا يبرر ذاته من جهة أسباب الخطأ وظروفه. فكل دواعى التبرير سببها الذات وتمسكها ببرها الذاتى…
إن الإنسان الذي لا يعكف على تمجيد ذاته وتكبيرها، بل يهدف باستمرار إلى تنقية ذاتهمما يشوبها من أخطاء ونقائص.. تراه يلوم نفسه ويدينها، لأنه بهذا يمكنه تقويمها وتصحيح مسارها.
في إحدى المرات زار البابا ثاوفيلس منطقة القلالى، وسأل الأب المرشد في ذلك الجبل عن الفضائل التي أتقنوها، فأجابه:
«صدقنى يا أبى، لا يوجد أفضل من أن يأتى الإنسان بالملامة على نفسه في كل شئ».
هذا هو الأسلوب الروحى الذي يسعى به الإنسان إلى تقويم ذاته: يأتى بالملامة على نفسه، وليس على غيره، وليس على الظروف المحيطة. وليس على الله!! ظانًا أن الله لم يقدم له المعونة اللازمة!
ليتنا ندين أنفسنا ههنا، حتى ننجو من الدينونة في اليوم الأخير.
لأننا بإدانتنا لأنفسنا، نقترب إلى التوبة وبالتوبة يغفر لنا الرب خطايانا. أما الذي لا يدين ذاته، بسبب اعتزازه بهذه الذات، فإنه يستمر في خطاياه، ولا يتغير إلى أفضل. ويكون تحت الدينونة. وصدق القديس الأنبا أنطونيوس حينما قال:
«إن دنا أنفسنا، رضى الله عنا»
«إن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله»
«وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله»
كذلك فإن إدانتنا لأنفسنا، تساعدنا على المصالحة بيننا وبين الناس، يكفى أن يعتذر الشخص ويقول لأخيه «لك حق. أنا قد أخطأت في هذا الأمر»، لكي يضع بهذا حدًا لغضب المُساء إليه، ويتم الصلح معه. أما إذا استمر المخطئ في تبرير موقفه، فإن الخصم يشتد بالأكثر في إدانته. وما أجمل قول القديس مكاريوس الكبير:
«أحكم يا أخى على نفسك، قبل أن يحكموا عليك».