رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الفكر وتقديسه أنني أرغب في اقتناء فكر مقدس، لكنني عبثًا أحاول حتى مجرد التخلص من الأفكار الشريرة الدنسة، إذ تتسلل في داخلي أو تنبع من داخلي بغير إرادتي. أحاول التخلص منها فلا أستطيع، بل تسيطر عليّ في أثناء نومي وتراخي جسدي بل وأحيانًا في أثناء عملي ويقظتي... فماذا أفعل؟ 1- أول كل شيء، لا تيأس البتة، فالأفكار الدنسة لا بد أن تجد هوى في نفسك طالما أنت ساكن في هذا الجسد. يشتهي الجسد ضد الروح والروح يشتهي ضد الجسد وكلاهما يقاوم أحدهما الآخر (غلا17:5). ولكن إنسان الله الذي عزم أن يسير في طريق المسيح لا يقبل هذه الأفكار ويستسلم لها بل يطردها في الحال ولا يتفاوض معها بالمرة. هذا معنى قول معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيموثاؤس "أما الشهوات الشبابية فأهرب منها" (2تي22:2). أسلم الطرق -إذن- هو الهروب. أما إذا استسلمت للفكر ولو إلى دقائق، ففي اليوم التالي تحتاج إلى جهاد أكثر للتخلص من ذات الفكر لأنه كالصيف الثقيل الذي إذا دخل لا يخرج بسهولة. إذا استسلمت للفكر فإنه يومًا بعد آخر يصير له جذور في داخل القلب، وتكون قد سلمته عجلة قيادة نفسك! متى استسلم الإنسان لفكر ما يعطيه الحق في الظهور مرة ومرات، لأنه يطبع صور منه في اللاشعور يصعب انتزاعها. ما نقوله عن الفكر نكرره بخصوص الحواس، فكل حاسة تدخل إلى خبرة خاطئة تصير هذه الخبرة رصيدًا في الأعماق، تستخدم من وقت إلى آخر لسقوط الإنسان واستسلامه. هذا ما دفع أحد المراهقين أن يقول في مرارة: (ألا ترى أنك متى بدأت أن تمارس جنسًا مرة تجد نفسك لا تريد التوقف؟ ما تفعله يتزايد أكثر فأكثر فأكثر). إذن الهروب قوة، خلالها يقطع الإنسان عن نفسه سلسلة خبرات فكرية وحسية قد لا تنتهي،.ليقل الإنسان في نفسه "لا" في المسيح يسوع، متذكرًا أن الخطية خاطئة جدًا، وأن قتلاها أقوياء. أذكر في بدء حياتي الكهنوتية أنه جاءني شيخ وقور يعترف بأنه قد زني، فحسبت أنه يتحدث عن فكر عابر حسبه زنا، ولما أصر أنه ارتكب الخطية حسبت أنه سقط في بعض لمسات خاطئة أو ما يشبهها، لكنه أوضح لي أنه ارتكب ذات الفعل. إنتابني في داخلي رعب، متسائلًا أمام نفسي: كيف يسقط شيخ وقور في هذه الخطية؟ وإذ التقيت بالمتنيح القمص ميخائيل إبراهيم، قال لي: "لقد سمح الله لك بهذه الخبرة في بدء حياتك الكهنوتية لسببين: الأول: لتدرك ضعف الإنسان -مهما كان سنه- لذا يجب الترفق بهم، خاصة الشباب. والثاني: لكي تكون حذرًا مع نفسك، فإننا ما دمنا في الجسد، مهما كانت خبرتنا السابقة في طهارة أو كان عمرنا أو عملنا (ككاهن) يجب ألا نأتمن الجسد. مرة أخرى أراد الله أن يعلمني درسًا عن الهروب، فقد جاءتني فتاة في العشرينيات تعترف بمرارة أنها ارتكبت الخطية مع إنسان يبلغ حوالي السبعين من عمره. قالت لي: "لقد أرسلني لكي أعترف لأنه يخجل من مقابلتك. إنه يقول لك: "يُصاب البعض بالحصبة في شيخوختهم". لقد عنى بهذا أنه لم يسقط في الخطية وهو شاب، لكنه خلال الإهمال سقط في شيخوخته. لنهرب إذن من كل عثرة ما دمنا في الجسد مهما كان مركزنا، أو خبرتنا الماضية، أو عمرنا، حتى لا يتدنس الفكر. الآن، إن كنت بالفعل قد استسلمت للأفكار الدنسة وقد صار لها سلطان عليك لا تيأس ولكن إحذر من أن تعقّد الأمر بقبولك أفكار أخرى جديدة بإرادتك، أما عن الأفكار المسيطرة، فإنك محتاج أن تقاومها بشجاعة، عالمًا أن الله القدوس يرى تواضعك ويقبلك ويحصي كل تضحية صغيرة تبذلها من أجل أن تحفظ فكرك طاهرًا، "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم، أن تمتنعوا عن الزنا" (1تس3:4). في البداية قد يكون تدريب توقع الموت وانتظار يوم الدينونة المفاجئ مفيدًا لأن الفكر المستهتر قد لا تجذبه المحبة فيردعه الخوف الممزوج بالثقة إلى أن يتذوق المحبة. 2- وقد لا يأتي الفكر شهوانيًا من البداية، بل غالبًا ما يبدأ بصورة مخادعة، كأن يستسلم الإنسان طويلًا لأحلام يقظى تبدو أنها صالحة، فيفكر طويلًا في مستقبله ويضع أمانٍ وأحلام، غالبًا ما تنتهي به إلى الخروج عن الواقع ليحيا في جو من الخيال بمشاعر شهوانية داخلية! 3- من العوامل التي تدفع البعض إلى الأفكار الدنسة هو القلق وعدم الاتكال على الله. لهذا لا عجب إن رأينا كثيرين يشكون من سيطرة الأفكار الدنسة عليهم في فترة ما قبل الامتحانات رغم انشغالهم الكثير بالدراسة، لكن القلق يدفع إلأى الأفكار الدنسة ابتغاء اللذة والهروب من الواقع. لهذا فإن الصلاة من أجل أن يعطيك الرب سلامًا وفرحًا في الداخل واتكالًا عليه، هو علاج قوي ضد مثل هذه الأفكار. 4- يقول المثل العامي: "عقل الكسلان معمل للشيطان" الفكر بطبيعته عامل فينا، يعمل إما للبنيان أو للهدم، إما للخير أو للشر. راحة الفكر، ليس في توقفه عن العمل، لأن الفكر في وضعه الطبيعي لا يمكن أن يأخذ أجازة عن العمل. إنما في فترة خمول الجسد أو نومه يجتّر الفكر حصيلة ما قدمته له من غذاء في وقت عملك. الشاب الذي ينهمك كثيرًا في الترف واللهو وجلسات المستهزئين لا يتوقع أن يكون فكره مقدسًا في وقت خمول جسده أو أثناء نومه حيث تضعف إرادته. أما الشاب الذي قدم لنفسه غذًاء روحيًا (لا من الخارج فقطفي صورة ريائية بل من كل قلبه) غالبًا ما يتوقع فكرًا مقدسًا في تلك الفترات. لهذا فإن القراءة الروحية وحفظ المزامير وترديدها وقراءة سير القديسين وأقوالهم، هذا كله يفيدك إذ تخزن لنفسك ما ينفعك في وقت جوعك. 5- لا تنس أن الألحان الكنسية والترانيم الروحية والتغني بالمزامير هذا كله يدفع بفكرك نحو التقديس والتلامس مع ربنا يسوع المسيح. ليعطك الرب وضعفي فكرًا طاهرًا مقدسًا ينشغل بربنا يسوع ويحتقر كل الأفكار العتيقة التي مضت. |
12 - 12 - 2013, 07:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الاشراف العام |::..
|
رد: الفكر وتقديسه
مشاركه رااااااااائعه ومهمه جداااااااااااااااا
ربنا يبارك تعب محبتك وخدمتك |
||||
12 - 12 - 2013, 08:14 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الفكر وتقديسه
شكرا على المرور |
||||
12 - 12 - 2013, 11:12 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: الفكر وتقديسه
مشاركة اكتر من رائعة يا مارى |
|||
13 - 12 - 2013, 11:13 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الفكر وتقديسه
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العفة والقداسة بعفة اللسان وتقديسه |
خلق الله السبت لنفع الانسان وتقديسه |
القدّيس شربل (تطويبه وتقديسه) |
مار شربل مراحل حياته وتقديسه |
أبونا ميخائيل خشوعه وتقديسه للكنيسة |