رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحب... رحلة النفس sel-trip فريسكو يصور القديس بولص الرسول تحدثنا عن غاية الحب ألا وهو الدخول إلى أعماق النفس واكتشافها لتقديمها بفرح للغير، هذه الرحلة التي لن يستطيع الإنسان بلوغها دون مساندة روح الله القدوس، هي عمل داخلي دون تجاهل للواقع الخارجي. ففي الخارج يجابه المؤمن صعوبات وضيقات ويلتزم بتضحيات مستمرة، لذا طريقها ضيق (لو24:13)، لكنه مُبهج للنفس يهب سلامًا، لأنه يمارس البذل كمشاركة مع السيد المسيح في آلامه، حاسبًا ما يقدمه للغير ربحًا لا خسارة. بفرح اشتاق الرسول بولس أن يستعبد نفسه للغير لكي يربح الكثيرين حاسبًا عبوديته للغير ليس ذلًا بل مجدًا داخليًا ومشاركة للسيد المسيح في أتعابه. مع كل تعب يتجلى مسيحنا المصلوب في القلب ليجد المؤمن نفسه متألمًا معه، فتتحول آلامه إلى تعزيات القيامة وبهجتها. هذا المفهوم يهب النفس تحريرًا داخليًا، إذ يعيش الإنسان لكي يعطي، ويبقى عطاؤه بفيض بلا توقف حتى وإن لم تملك يداه شيئًا، لأنه يعطي حبًا من الأعماق يتعطش إليه الكثيرون. يعيش بالحب حرًا لا تقدر الإمكانيات الخارجية أن توقف تياره، ولا الزمن أن يحطّمه، ولا تصرفات الغير أن تغلق قلبه. يعيش حرًا بعطائه الداخلي، يسكب نفسه خلال مسيحه الذبيح من أجل الكل. لذا بقوة يقول الرسول بولس: "كفقراء ونحن نغني كثيرين. كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء" (2كو10:6). الحب رحلة النفس في الطريق الضيق لكنه طريق عذب فيه حرية، وأيضًا دائم التجديد. فالمحب الحقيقي يشتاق في بذله أن يبلغ "إلى قياس قامة ملء المسيخ" (أف13:4)، يطلب كل يوم أن ينسى ما وراء ويمتد إلى ما هو قدام (في13:3)، حاسبًا كل ما قدمه كلا شيء من أجل صدق رغبته في التمتع بالشركة في طبيعة الحب التي لمسيحنا. بهذا ينسى كل متاعب العالم وأحداثه المؤلمة، متطلعًا إلى أعماقه، ليجد مسيحه مالكًا فيه، يفيض بالحب للكل. بهذه النظرة نعيش حياتنا كلها نمارس الحب خلال التجديد المستمر في نظرتنا نحو الحياة والغير، حتى ليبدو كل ما في داخلنا وما حولنا جديدًا كل يوم. يمكننا القول أن سر إرتفاع نسبة الطلاق هو قيام الحب الزوجي لا على أساس إكتشاف الإنسان نفسه ليقدمها للآحر في الرب، بل على أسس خارجية. فمن يركز أنظاره في إختيار شريكة الحياة (شريك حياتها) على جمال البدن أو قوته، أو مركز الإنسان الأدبي أو العلمي أو الإجتماعي، أو إمكانياته المادية، أو ملاطفته، سرعان ما تتحول المحبة إلى بغضة بعد الزواج، فلا يطيق الواحد الآخر، لأن كل منهما يطلب ما لذاته حتى وإن حمل مظهر المعطاء والباذل، فلا يجد شبعًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.أما إن قام الحب على رغبة صادقة وعملية لتقديم الإنسان نفسه للآخر في الرب، تتزايد هذه الرغبة وتنمو مع الزمن بالرغم من ظهور إختلافات فكرية، إذ يقدم الواحد الآخر ويقدّره. لا تشيخ هذه المحبة، بل تتجدد بروح الله في عذوبة وبهجة حتى وسط المصاعب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|