رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نُقدّر نموكم المستمر... اقبوا خبرات الغير! هذا من جانب الآباء الذين تارة يتصورون أولادهم المراهقين قد نضجوا تمامًا وأحيانًا أنهم لا زالوا أطفالًا، أما بالنسبة للمراهقين أنفسهم فأحيانًا يتصورون أنهم قادرون على البلوغ دفعة واحدة ليتوقفوا بعد ذلك. ولما كان النضوج عندهم يعني الحرية أو التحرر من توجيه الغير -خاصة الوالدين- بكونه علامة على ثقتهم في أنفسهم واكتفائهم الذاتي وأنهم قد تهيأوا تمامًا ليكونوا رجالًا well-adapted men أو نساءً. بهذا يحملون أفكارًا خيالية أو أطوبية utopian نحو النضوج والحرية (3). مثل هؤلاء يريدون أن يسلكوا حسب هواهم الشخصي وحكمهم الذاتي وحده في كل الأمور دون تشاور مع الوالدين أو المرشدين، ظانين أن هذا هو النضوج وهذه هي الحرية أن يحسبوا انفسهم دون سواهم يدركون الأمور بطريقة سليمة. هذه النظرة النرجسية marrcissistic vision للنضوج والحرية (نرجس هو شاب أسطوري عشق صورته فصار يتأملها في جدول ماء وبقى يتطلع إليها حتى مات) تقتل نمو المراهق وتحطم حياته. ليت هؤلاء المراهقون يدركوا أن الحرية هي قلب النمو والنضوج، لكن ليس بطريقة نرجسية بل خلال تقدير نمو الآخرين أيضًا وخبرات السابقين لهم... وأنهم هم أيضًا ينمون تدريجيًا، خلال اتساع فكرهم لقبول البالغين في حياتهم مع اجتيازهم المتاعب والمصاعب باستمرار لتهبهم خبرات جديدة ربما تؤكد خبرات السابقين وقد تزيد أيضًا عليها. إذن النمو حركة مستمرة ينعم بها المراهقون خلال احتكاكهم بالغير وقبولهم طريق التعب والألم. وكما يقول الدكتور دوبسون في كتابه "الاعداد للمراهقة" أن الجنين إذ يكتمل نموه يتحرك ليخرج من رخم أمه حيث كان في موضع آمن، كل مطالبه مستجابة طبيعيًا دون عناء من جانبه. لكنه إذ يخرج يمسك الطبيب بقدميه ليصير الطفل في موضع مقلوب حتى يصرخ فيطمئن أن رئتيه تعملان،هكذا يدخل الطفل العالم صارخًا ليمارس نموه اليومي خلال تجارب التعب، مواجهًا العالم كما من موضع مقلوب. أما إن بقى في رحم أمه الآمن فإن نموه يتوقف بل ويموت. هكذا يليق بالمراهقين أن يتركوا عالم الطفولة الدافئ والآمن ليواجهوا الحياة لا خلال طلب الحرية النرجسية وإنما بقبول الحرية الواقعية القادرة على مجابهة المصاعب المستمرة، فتنمو شخصياتهم إن كانوا مسنودين بنعمة الله فيهم، منتفعين بخبرات الغير أيضًا. الإنسان في مرحلة المراهقة، كما في مراحل حياته، يحتاج إلى السيد المسيح كصديق شخصي له، يسنده على النمو المستمر خلال المتاعب، واهبًا إياه الرجاء الذي لا يخيب، روح النصرة والغلبة، محققًا كلمات الرسول: "أيها الأحداث قد غلبتم الشرير" (1يو13:2). بهذه الروح عاش الرسول بولس يطلب النمو الدائم في المسيح يسوع، إذ يقول: "أنسى ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام" (في13:3)، واثقًا أن كل الأمور تعمل لنموه المستمر، إذ يقول: "نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو28:8). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|