الخلاف بين الأهل والأبناء
القمص اشعياء ميخائيل- مصر
لاشك أن الأولاد يمثلون جزءاً كبيراً من كيان والديهم، فهم فلذة أكبادهم، وهذا ما يجعل الآباء والأمهات مرتبطين بأولادهم إرتباطاً شديداً يصعب معه الانفصال، وقد يستمر هذا الارتباط إلى وقت طويل يحين فيه موعد استقلال الأولاد عن أهلهم مما يسبب التعب للأبناء، على مثال الارتباط المريض بالأهل بعد الزواج. أو على العكس يكون الاستقلال قبل أوانه وبدون الاستعداد له مثل تغرب أحد الشباب في جامعة بعيدة بدون أن يُعد نفسياً لهذا الانسلاخ عن الأهل.
أسباب متاعب الأبناء من الأهل:
أولاً: السلطة وممارستها بشكل ديكتاتوري. فالأهل قد يستخدمون أسلوب الأمر والنهي والتهديد، وقد يصل الأمر بهم أحياناً إلى الضرب، أو يستخدمون أسلوب التهكم، وإحباط الروح المعنوية بالشكوى الدائمة وإظهار عيوب الأولاد أمام الآخرين، مما يُتعب الأولاد ويؤدي إلى إلغاء شخصيتهم، وقد يكون هذا سبباً في الانحراف.
ثانياً: التقليد والعرف: قد يتعامل الأهل مع الأولاد بأسلوب معين مثل منع البنات من الخروج أو المشاركة في أنشطة معينة أو رحلات تنظمها الكنيسة بدعوى أن العرف والتقاليد لا يسمحان بذلك.
ثالثاً: التدخل الزائد: من الأهل في حياة أبنائهم بطريقة مزعجة لدرجة أنهم يتدخلون في اختيار فرع دراستهم أو أصدقائهم، و أيضاً ملابسهم. وهنا يجب أن ينتبه الأهل ويحترموا خصوصيات أولادهم طالما أنها لا تشكل خطراً أو انحرافاً.
رابعاً: المحبة العمياء: قد تكون محبة الأهل كنوع من الأنانية والارتباط الزائد بالأولاد والتمسك بهم وعدم مفارقتهم مهما كانت الظروف والأعمار. وهذا ما يُسبب صراعاً للأبناء بين البحث عن مستقبلهم، وبين إرضاء أهلهم.
خامساً: الخوف الزائد: خوف الأهل الزائد يعيق نشاط أولادهم، كالخوف عليهم من الحوادث أو كلام الناس فيبررون لأنفسهم السلوك بتشدد معهم، بينما على الأهل تدريب أولادهم على تحمل المسؤولية، وأن يزرعوا الثقة في نفوسهم، ويعكسوا إيمانهم بالله واتكالهم عليه في سائر تعاملاتهم معهم.
سادساً: التمييز والمحاباة بين الأبناء: أحياناً يُعطى للأخ الأكبر ميزات خاصة في التعامل، وسلطة على إخوته، وأحياناً يتم التمييز بيين البنت والصبي مما يؤدي لرواسب في النفس قد تمتد إلى ما بعد سن النضج. لذلك على الأهل معاملة أولادهم جميعهم معاملة واحدة في جو من الإخاء والمساواة.
سابعاً: عدم احترام الخصوصيات: كأن يقوم الأهل بفتح رسائل أولادهم، أو تفتيش ثيابهم أو الاستماع إلى مكالماتهم الهاتفية.
ثامناً: عدم مراعاة السن: بعض الأهل يعاملون أولادهم كأنهم أطفالاً صغاراً مهما تقدم بهم العمر، وهذا التصرف دليل عدم احترام الأهل لأولادهم، وعدم إدراكهم أنهم وصلوا إلى سن النضج.
أسباب متاعب الأهل من أبنائهم:
أولاً: التمرد: كثيراً ما يشكو الأهل من تمرد أبنائهم، ومقاومتهم لسلطتهم، ورفضه لنصائحهم، بل أنهم يعملون على تكسير تلك السلطة بالتمرد والتذمر على واقعهم مما يسبب نزاعاً بين الطرفين.
ثانياً: عدم تقدير المسؤولية: روح اللامبالاة وعدم تقدير الأمور هو ما يشكو منه الأهل، مثل توتر أعصابهم عند الامتحانات بينما الأبناء غير مبالين. وقد تشتكي الأمهات من عدم مساعدة بناتها لها في عمل المنزل، أو أن الصبيان لا يرتبون غرفهم وحاجياتهم.
ثالثاً: الانحراف الروحي: يجب الانتباه لشكوى الأهل من ابتعاد أولادهم عن الله، مع أن هذا الأمر غالباً قد يكون سببه الأهل الذين لم يهتموا بالعمل الروحي مع أولادهم منذ الطفولة المبكرة، وكثيراً ما يكون عدم قدوة الأهل هي السبب في الانحراف الروحي للأبناء.
رابعاً: الإرهاق المادي بالطلبات الزائدة: إن كل أسرة لها مستوى مادي معين، وعلى الأبناء أن يتكيفوا مع هذا المستوى، لكن غالباً ما يتطلع الأبناء إلى إنفاق أكثر من مستواهم المادي، أو يحاولون الاندماج في طبقات اجتماعية أعلى من إمكانياتهم رغبة منهم في تقليد بعض أصدقائهم . وقد يتعلم أحد الأبناء على التدخين، مع ما يتطلبه الأمر من مصروف قد لا يستطيع الأهل توفيره فيلجا الأبناء لطرق أخرى غير مشروعة.
خامساً: عدم الاهتمام والرعاية من جانب الأبناء للأهل عند كبر السن: يتقدم الأهل بالعمر فيجدون أولادهم مشغولين عنهم وغير موجودين بالقرب منهم مما يسبب لهم ألماً نفسياً شديداً لأنهم أعطوا أولادهم كل شيء، ولما جاء وقت الأخذ إذ بهم يجدون أولادهم قد أنفضوا عنهم.
سادساً: السكن المشترك بعد الزواج: ازدادت هذه الظاهرة وهي سكن الابن أو الابنة مع أهل الزوج أو الزوجة بعد الزواج، وهذا يسبب الكثير من الخلافات العائلية بسبب حيرة الزوج بين إرضاء زوجته وإرضاء أهله، وكثيراً ما تتدخل الأسرة الكبيرة في حياة الأسرة الصغيرة، لذلك ننصح دائماً بالسكن المنفرد لتفادي مشاكل السكن المشترك.