رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح كلِّي الوجود + «يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد.» (عب 13: 18) هذا المقال يختم دراسة عن لاهوت المسيح كما كشفته لنا كلمة الله، فسبق الحديث عن المسيح كلِّي المعرفة Omniscient (مجلة مرقس، عدد مايو وعدد يونية 2004)، والمسيح كلِّي القدرة Omnipotent (عدد سبتمبر وعدد أكتوبر 2004)، وموضوع هذا المقال هو المسيح كلِّي الوجود Omnipresent. والمقصود بهذا التعبير أن المسيح، ابن الله المتجسِّد الذي عاش على أرضنا ثُلث قرن، موجود في كل مكان؛ ومن جهة الزمن، فإن وجوده يمتد من الأزل وإلى الأبد. وها هي كلمة الله الهادية تكشف لنا هذه الحقيقة عن الله الابن. عن وجود المسيح في كل مكان: لقد عاش الرب وسط البشر إنساناً مثلهم بلا خطية (عب 4: 15)، وذاق الموت من أجل كل واحد (عب 2: 9)، ولكنه مع هذا أتاح لهم، بما كشفه من سلطانه المتعدد الوجوه وأقواله الكثيرة، أن يلمسوا جوانب من لاهوته ومجده، أدركها الذين انفتحت عيونهم الروحية بينما عميت عنها القلوب التي غطَّتها ظلمة الخطية ومحبة مجد العالم والناس. وعندما يقول الرب لتلاميذه ولكل الكنيسة معهم: «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم» (مت 18: 20)، فهذا إعلان عن حضور المسيح الإلهي في كل مكان وفي كل زمان إلى آخر الأيام. عن أزلية المسيح: + في حوار الرب مع الكتبة والفريسيين واليهود في الهيكل، قال لهم عن نفسه: «أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم». فلما تحيَّروا سألوه: كود: «مَن أنت؟ فقال لهم يسوع: أنا من البدء ما أُكلِّمكم أيضاً به.» (يو 8: 23-25) + ولما واصل الرب كلماته مُبيِّناً أن مَن يؤمن به ويحفظ كلامه، فلن يرى الموت إلى الأبد؛ لم يَرُق لليهود قوله هذا وعارضوه مستندين إلى أن إبراهيم والأنبياء كلهم قد ماتوا، فمَن يكون هو؟! هل هو أعظم من إبراهيم أبيهم؟ وكانت إجابة الرب التي كشفت عن وجوده الممتد قبل تجسُّده وقبل إبراهيم: «الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن.» (يو 8: 51-53 و58) + وعندما كان الرب يشير إلى وحدته مع الآب، فهو ضمناً يعني وحدته معه في أزليته وأبديته وحضوره الدائم في كل مكان: «أنا والآب واحد... أنا في الآب والآب فيَّ... كل ما هو للآب هو لي.» (يو 10: 30؛ 14: 10و11؛ 16: 15) + وفي حديث الرب إلى نيقوديموس عن الولادة الجديدة من فوق، قدَّم نفسه كصانع الخلاص الآتي من السماء، الذي ينجو كل مَن يؤمن به من الهلاك وينال الحياة الأبدية: «ليس أحد صعد إلى السماء إلاَّ الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء» (يو 3: 13). فهو هنا يشير إلى السماء كرسيه الدائم كابن الله، ومن هنا فهو نزل من السماء وتجسَّد، وسوف يصعد من جديد إلى مجده. ولكن الآية تشير أيضاً إلى وجوده في كل مكان. فهو بالجسد على الأرض، ولكنه أيضاً في السماء: «ابن الإنسان الذي هو (الآن) في السماء». فتجسُّد الابن لم يحدَّ وجوده في أي مكان ولا حضوره الإلهي في السماء. + وفي صلاة الرب الأخيرة إلى الآب ليلة آلامه، يؤكِّد أيضاً بكلمات صريحة على حقيقة أزليته: «مجِّدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم... مجدي الذي أعطيتني، لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم.» (يو 17: 5و24) + كما أن المسيح وهو من نسل داود حسب الجسد يشير في سفر الرؤيا إلى أنه أصل وذرية داود معاً (رؤ 5:5؛ 22: 16)، أي أنه الذي أَوجَدَ داود. فهو، من ناحية، ابنه بالجسد؛ ومن ناحية أخرى، هو إلهه وأصله. + وفي مقدمة إنجيل القديس يوحنا، يشير الوحي الإلهي إلى هذه الحقيقة عن أزلية ابن الله الظاهر في الجسد: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله... كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان» (يو 1: 1-4). وهذا ما سجَّله أيضاً القديس يوحنا في أول أعداد رسالته الأولى عن المسيح: «الذي كان من البدء.» (1يو 1: 1) + وفي رسائل القديس بولس إشارات كثيرة عن أزلية المسيح وأنه سابق على كل الوجود وأن به وله وفيه خُلِق الكل: «الذي هو صورة الله غير المنظور، بـِكْر كل خليقة. فإنه فيه خُلِق الكل ما في السموات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى، سواءٌ كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلِق. الذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل.» (كو 1: 15-17) + كما يشير القديس بولس إلى أن اختيارنا للتبنِّي لله قد تمَّ في المسيح يسوع وبه قبل تأسيس العالم: «كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدَّامه في المحبة، إذ سبق فعيَّننا للتبنِّي بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرَّة مشيئته.» (أف 1: 4و5) + كما شهد يوحنا المعمدان، وهو يُعلن عن مجيء المخلِّص، عن أن الرب وإن كان قد وُلِدَ بالجسد بعده، ولكنه في الحقيقة قديم الأيام، فيقول: «هذا هو الذي قلتُ عنه: إن الذي يأتي بعدي صار قدَّامي، لأنه كان قبلي.» (يو 1: 15و27و30) عن أزلية المسيح وأبديته: في رؤيا القديس يوحنا، سجَّل لنا الوحي الإلهي كلمات الرب الصريحة عن أزليته وأبديته، تأتينا من موقعه الممجَّد بعد صعوده وجلوسه عن يمين العظمة في الأعالي (أع 7: 56، عب 1: 3): + «أنا هو الأول والآخِر، والحي، وكنتُ ميتاً، وها أنا حي إلى أبد الآبدين.» (رؤ 1: 17و18) + «أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية... يقول الرب، الكائن والذي كان والذي يأتي.» (رؤ 1: 8؛ 4: 8؛ 21: 6) + «أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخِر.» (رؤ 1: 11؛ 22: 13) كما أن الرب في وداعه لتلاميذه قبل صعوده وعدهم، كإله حي إلى أبد الآبدين، بأن يكون معهم بلا نهاية: «وها أنا معكم كل الأيام، إلى انقضاء الدهر» (مت 28: 20). وهذه الآية تشير أيضاً إلى حضور المسيح في كل مكان. فهو في السماء عن يمين الآب، وهو مع تلاميذه وخدَّامه إلى آخر الأيام في كل مكان يمضون إليه للكرازة باسمه. فهو مع الجميع في كل مكان وإلى آخر الزمان. وكاتب ”الرسالة إلى العبرانيين“ يُسجِّل عن يسوع المسيح أنه «هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد» (عب 13: 8). كما يشير القديس بولس إلى أبدية الرب على أنه «مَلِك الدهور الذي لا يَفْنَى ولا يُرى، الإله الحكيم وحده.» (1تي 1: 17) وقد شهد العهد القديم عن أزلية الرب وأبديته، وهذه هي نبوءة ميخا النبي عن أزلية الرب، إذ يُخاطب المدينة التي وُلد فيها المسيح: «أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة، وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنكِ يخرج لي الذي يكون مُتسلِّطاً على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل.» (ميخا 5: 2) كما أن إشعياء في نبوءته عن ميلاد الابن يشير إلى لاهوته ورئاسته وقدرته وأبديته ودوام ملكوته: «لأنه يُولد لنا ولد، ونُعطَى ابناً، وتكون الرياسة على كَتِفِه، ويُدعى اسمه: عجيباً مشيراً، إلهاً قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام. لنموِّ رياسته وللسلام لا نهاية، على كرسي داود وعلى مملكته ليُثبِّتها ويَعْضُدَها بالحق والبر من الآن إلى الأبد.» (إش 9: 6و7) وهذه هي نبوءة دانيال في رؤياه عن أبدية ابن الإنسان: «كنتُ أرى في رؤى الليل، وإذا مع سُحُب السماء، مثل ابن إنسان، أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقرَّبوه قدَّامه. فأُعطِيَ سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبَّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض.» (دا 7: 13و14) ? ? ? المسيح هو الله كلِّي الوجود في كل مكان وفي كل زمان من الأزل وإلى الأبد. وإذا كنا لا ننتسب إلى الماضي بل إلى الحاضر والمستقبل، فإن يقيننا من حضور المسيح في كل مكان نجتمع فيه باسمه، وفي وجوده الدائم معنا الآن وإلى آخر أيام حياتنا، وفي مجيئه الثاني لكي يأخذنا لنكون معه في ملكوته إلى الأبد؛ ينتزع من قلوبنا خوف الموت، ويسندنا في الضيق، ويُبدِّد مؤامرات الأشرار، ويغلب كل آلام الزمان الحاضر، ويُشدِّدنا في جهادنا إلى النَّفَس الأخير، وإلى أن نلتقي معه على السحاب. فلنسبِّح الرب مع داود، إذن، قائلين: + «الرب نوري وخلاصي، مِمَّن أخاف! الرب حصن حياتي، مِمَّن أرتعب!... إن نزل عليَّ جيش، لن يخاف قلبي. إن قامت عليَّ حرب، ففي ذلك أنا مطمئن.» (مز 27: 1و3) + «إذا سرتُ في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًّا، لأنك أنت معي.» (مز 23: 4) + «من قبل أن تولَد الجبال، أو أَبدَأْتَ الأرض والمسكونة، منذ الأزل إلى الأبد أنت الله.» (مز 90: 2) ولنهتف مع بولس الرسول: + «يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد.» (عب 13: 8) + «لِيَ الحياة هي المسيح، والموت هو ربحٌ.» (في 1: 21) + «إن كان الله معنا، فمَن علينا.» (رو 8: 31) + «لكنني لستُ أخجل، لأنني عالمٌ بمن آمنت، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم.» (2تي 1: 12) ولنردِّد مع يوحنا الحبيب: + «والآن، أيها الأولاد، اثبتوا فيه، حتى إذا أُظهِرَ يكون لنا ثقة، ولا نخجل منه في مجيئه.» (1يو 2: 28) ولنصدِّق كلمات الرب: + «ها أنا آتي سريعاً وأُجرتي معي لأُجازي كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخِر.» (رؤ 22: 12و13) دكتور جميل نجيب سليمان مجلة مارمرقس |
10 - 12 - 2013, 08:16 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: المسيح كلِّي الوجود
شكرا يا ماري علي المقال ربنايعوض تعبك
|
|||
11 - 12 - 2013, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: المسيح كلِّي الوجود
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
اعتراف عبد الحليم حافظ بان الوجود انجيل وان المسيح صلب ومات |
ربح بولس | الوجود في المسيح |
الوجود ورب الوجود إعلان لــحب بلا حدود |
امنحنى يا سيدي وملكي يسوع المسيح يوماً طيباً |
السيد المسيح يملأ الوجود |