مفاجآت "مُدوية" فى حوار عدلى منصور "النارى" مع عادل حمودة !
■ منصور يقرأ يوميا عشرات التقارير التى تعدها الجهات الأمنية والسياسية من بينها 35 تقريرا من وزارة الخارجية وحدها
■ الجانب الإثيوبى أصبح قابلا للتفاهم.. لكن علينا أن نعرف أننا لن نصل إلى حقوقنا بالعافية
■ سألنا منصور: هل ستشارك مصر فى بناء سد النهضة؟ فقال: هذا كلام مبكر جدا
■ سألناه: هل أنت راض عن لجنة الخمسين؟ فقال: لست طرفا فى الأمر ولم أتدخل فى تنظيم عملها
■ الرئيس الروسى أعلن لى تأييدها التام لما جرى فى مصر ومساندته لنا عسكريا واقتصاديا
■ قال لى: أنا أتفهم وضعى كرئيس مؤقت.. لا أفرض رأيى وأتحدث فى حدود المتاح.. فقلت له: يجب أن تكون مكتمل الصلاحيات، فرد: دعنى أفكر فى الموضوع
يقرأ الرئيس عدلى منصور عشرات التقارير التى تصل إلى رئاسة الجمهورية من الجهات الرقابية والأمنية والسياسية يوميًا.. ويحرص على قراءة تقارير وزارة الخارجية، التى تصل يوميًا إلى 35 تقريرًا، لأنه حسب اتفاقه مع وزير الخارجية نبيل فهمى يريد أن يلم بكل تفاصيل السياسة الخارجية.
ويبدو أن قراءة هذه التفاصيل التى تتناسب مع طبيعة المستشار عدلى منصور كقاض وكرئيس للمحكمة الدستورية تعود أن يقرأ عشرات المذكرات والتفسيرات القانونية المختلفة، لكن ذلك لم يمنع أن هذه التقارير أصابته بالصداع أحيانًا، كما حرمته من أخذ إجازة إلا يومين قضاهما فى الإسكندرية.
تحدث عدلى منصور إلى مجموعة من الصحفيين والكتاب المصريين هم «عادل حمودة وعماد حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، وحمدى رزق، ومحمد مصطفى شردى، محمد حسن البنا رئيس تحرير جريدة الأخبار».
جرى الحوار الذى استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة فى مقر إقامته بقصر «بوبيان» بالكويت التى استضافت القمة العربية الأفريقية الثالثة، كانت القمة الأولى قد عقدت فى مصر عام 1977، والثانية فى طرابلس 2010.
تحدث الرئيس عدلى منصور لمدة سبع دقائق حسب البروتوكول فى الجلسة المسائية من يوم الافتتاح الثلاثاء الماضى، واقترح خلق آلية أو إنشاء شبكة عربية للتنمية، واقترح أن يكون مكانها فى مصر وهى آلية للتنسيق بين صناديق التنمية العربية، فطبقا لما طرحه فلو جمعت هذه الصنديق فى آلية واحدة سيتضاعف استفادتها من التنمية.
التقى عدلى منصور بـ 12 رئيس وفد أفريقى وعربى، وحظى لقاؤه مع رئيس الوزراء الإثيوبى «هيل ماريام دسالين» الذى استمر 40 دقيقة باهتمام خاص من مجموعة الصحفيين وقال عدلى معلقًا على المحادثات التى تمت بينهما حول بناء سد النهضة: الأداء كان جيدًا وما تم كان تقييمه مناسبا، فالأمر يجب أن يدار بطريقة بالغة الدقة والدبلوماسية.
- سألناه فى سخرية واضحة يعنى مش على الهوا «فى إشارة إلى المؤتمر الذى عقده محمد مرسى على الهواء ليناقش مشكلة سد النهضة».
- فأجاب: الناس استاءت من مصالحة الهواء.
أكمل منصور: الجانب الإثيوبى أصبح قابلا الآن للتفاهم، ومن جانبنا لا يمكن أن نتنازل عن حقوقنا، ولكن لن نصل إليها بالعافية، المصالح المشتركة هى أضمن شىء، يجب أن نبحث عن الوسيلة التى تصل بالبلدين إلى نقطة المصلحة المشتركة بحيث أحافظ على حقوقى دون أن أهدر مصالح الطرف الآخر.. نحن نحاول أن نتفاهم لأن المسألة ليست نزاعًا وإنما حوارًا.
الأمر على أرض الواقع أنه لم يتبلور شىء حتى الآن بين الطرفين.. وإن كانت اللجنة الثلاثية المعنية ستجتمع فى 8 ديسمبر القادم وتواصل مشوار الحوار.
سألناه: هل ستشارك مصر فى بناء سد النهضة؟
أجاب: هذا الكلام مبكر جدا، نحن الآن فى مرحلة فك الأمور المستعصية، ثم نطرح بعد ذلك الأفكار الإيجابية المشتركة، وشرح أنه ليس صحيحًا أن أعمال السد وصلت إلى 25٪ كما ينشر فى الصحف لكن ما جرى على الأرض هو حفر وتجميع للمعدات وتعويضه عن نزع ملكية أراض، ثم تأتى عملية تحويل النهر وبناء السد.. وكل ما نسعى إليه مزيد من المفاوضات لأن الملف شائك ولا يجب أن نأخذه بسهولة.. فهو ليس ملف حكومة مؤقتة، ولكن ملف كل الحكومات التى جاءت إلى مصر.
سألناه: هل هذه المفاوضات تعنى أن تستهلك إثيوبيا الوقت لبناء السد؟
قال: هذا الملف للأسف يتحدث فيه من يعرف ومن لا يعرف، من يدرك ومن لا يدرك، من يجلس على مقاعد الحكم ومن يجلس على الرصيف، لا يجب أن نفكر بهذا الشكل، بل نفكر بطرق تحقق مصالح الطرفين وليس غائبا عنا ما إذا كان الجانب الإثيوبى يهدر وقتًا أو يتفاوض بجدية.
وتحدث منصور بعد أن قابل رئيس جنوب السودان سلفا كير عن أهمية أن يكون جنوب السودان معنا وقد وعده بأمور إيجابية وبالمساندة بالخبرة والتكنولوجيا.
يعتبر ظهور عدلى منصور - فى القمة - أول ظهور فى مؤتمر دولى بعد أن رفض إلقاء كلمة مصر فى الأمم المتحدة خشية المساس بمصر، وخشية أن يكون هناك موقف سلبى من بعض الدول التى تتناقض مصالحها مع مصالح مصر.
قال: إنه لم يخش شيئًا وهو قادم إلى هذا المؤتمر، وإن كثيرًا من الدول التى كانت تأخذ موقعًا سلبيًا من 30 يونيو تغير موقفها ليس بصورة كاملة، لكن بدأت تتفهم طبيعة ما جرى فى مصر.
التقط منصور أنفاسه وتوقف قليلا ليستأنف كلامه: الأهم أن يخرج الدستور بالصورة التى نؤسس لها أمام العالم بأننا جادون فى وضع خريطة المستقبل.
- سألناه هل أنت راض عن لجنة الخمسين؟
- قال: لست طرفًا فى هذا الأمر ولم أتدخل فى تنظيم اللجنة، بل إننى حكمت على اللجنة السابقة بأنها يجب أن تستمر وتواصل أعمالها حتى لا يحدث انهيار، وأنا كمواطن مصرى راض كل الرضا أن هناك حوارا بين طوائف الشعب حول مستقبل مصر، فنحن نرسم خريطة لمستقبل يمتد إلى 50 سنة.
- سألناه عن إلغاء نسبة العمال والفلاحين؟
قال: هل كانوا يحصلون على حقوقهم بهذه النسبة الآن، الأمر الأولى بالرعاية أن الدستور يجب أن يشمل حقوق العمال والفلاحين ومهمة الإعلام أن يفهم الناس أننا لن ننقص من حقوقهم، ولكن فى الوقت نفسه لا يمكن أن يتصور أحد أن تأخذ كل طائفة حقوقها بنسبة 100٪ لأننا نتوافق على الحدود المناسبة للجميع، مستحيل تلبية كل المطالب فى الدستور، يجب أن يكون هناك وفاق عام يضمن استمرار المؤسسات ومنحها فرصة لتطوير البلاد.
كان عدلى قد التقى مساء الثلاثاء مع أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، وجرى بينهما حوار، كان تعليق عدلى منصور عليه: العالم العربى ينظر لمصر بعين التقدير حتى لو كانت فى شدتها، وأن الحوار بينهما كان صريحًا، وتطرق إلى ما قدمته الكويت لمصر، ومن بينها طلب 2،5 مليار وديعة، ومليار دعم طاقة ومواد بترولية، ومليار نقدى تأخرت قليلا، وعد أمير الكويت بأنه سيذلل كل العقبات أمام التسليم، وهذه حزمة أولى وأن الكويت ستقدم حزمًا أخرى لمساندة مصر.
- سألناه. ولكن هل ستظل مصر تعيش على المساعدات!
قال: نحن لا نعيش على المساعدات نحن فى ظروف سببها ما جرى فيما قبل، ولا أتصور أن مصر لا تنطلق إلى العمل والاستثمار ولكن ظروف ثورة 3 سنوات هو أمر غريب، يجب أن يؤثر على الاستثمار والاستقرار والسياحة، وطالما أن الحالة العامة فى البلد هى عدم الاستقرار وليس هذا بسبب الإخوان فقط، ولكن بسبب ظروف كثيرة، وهذا بالطبع يكون على حساب النمو والانتعاش الاقتصادى، فالأمن متفرغ للجانب السياسى على حساب الجانب الجنائى ويؤثر على الاستثمار والسياحة.
وعندما سألناه عن الحكومة قال: لا تحملوا الحكومة أكثر مما تحتمل فهى تعمل فى ظروف بالغة الدقة، وليس هناك تفكير فى تغييرها الآن، ولكن يمكن أن يحدث ذلك مستقبلا إذا استدعى الأمر ذلك.
سألناه كيف اختار مستشاريه؟
قال شاهدت أحمد المسلمانى فى برنامج الطبعة الأولى، وشاهدت مصطفى حجازى فى حوار تليفزيونى ووجدت أنه مناسب وأخذت عناصر أخرى بسبب كفاءتها مثل المتحدث الرسمى إيهاب بدوى وسأله: هل كنت أعرفك قبل أن نعمل سويا؟ فقال لا( كان بدوى حاضرا ومعه اللواء ممدوح موسى مدير مكتب رئيس الجمهورية).
سألته أنا شخصيًا عن مؤسسة وكيف لا يمكن أن تكون غير مكتملة بالمكاتب التخصصية وذكرته كيف أسس عبد الناصر رئاسة الجمهورية؟
فأجاب: أنت محق فى ذلك وأضاف لكى تفهم وضعى كرئيس مؤقت أحاول ألا أفرض رأيًا وأن أتحدث فى حدود المتاح وأن أكون على أرض واقعية، الناس كانت تشكو من تركيز السلطة فى يد الرئيس، حتى إن يوسف والى قال الوزراء كانوا سكرتارية عند الرئيس، كان يجب أن أعطى لكل مسئول مسئوليته وأعطيت لحازم الببلاوى صلاحيات تخضع لمبدأ السلطة والمسئولية والمحاسبة إذا لم يكن منى فمن ضمن الشعب.
قلت له كلمة مؤقت لا يجوز أن تقال لأنها ليست دقيقة ولا يجب أن تفرض على الحياة السياسية أو التصورات العامة فأنت رئيس مكتمل الصلاحيات، فلا تدع ذلك يكون عائقا.
فقال: دعنى أفكر فى هذا الموضوع
سألناه: ما موقفك من المصالحة!
قال: مصالحة مع من؟ عندما يقف الشعب فى جانب وجماعة فى جانب فمع من تتصالح، صحيح هم جزء من الشعب، لكن لا يمكن أن يكون هناك تصالح مع كل من أجرم وثبت فى حقه الجرم وتورط بالقول والتحريض وكل من يصر على التعامل بالعنف، أما كل مواطن يريد أن يراجع نفسه ويصبح جزءًا من الشعب بالقواعد والقوانين العامة، فليست هناك مشكلة فى التصالح معه لأنه يعود لمجتمعه.
ويجب أن ندرك أن ما حدث فى 30 يونيو كان زلزالاً وإن لم يتدخل الجيش ويحمى الشعب وإن لم أتول أنا منصب رئيس الجمهورية، لوجدنا أنفسنا أمام حالة كاملة من الحرب الأهلية والاقتتال الداخلى، وقد امتد الزلزال إلى جماعة الإخوان المسلمين حيث أعاد ترتيب أولوياتها، لأنها قبل 30 يونيو ليست مثلها بعد 30 يونيو، هناك عناصر تؤمن بالعنف ولن تتخلى عنه، لكن هناك عناصر أعادت النظر فى العنف وإن لم تعلن عن ذلك الآن.
سألناه عن الاتصال التليفونى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فقال: كان حديثا قويا فقد أعلن تأييده بلا شروط لمصر فيما جرى وأعلن عن مساندتها فى جميع المجالات الاقتصادية والعسكرية ودعم مصر فى هذه المجالات بعد أن تلقى تقرير وزيرى الخارجية والدفاع اللذين زارا مصر مؤخرا، كان راضيًا عن التقرير وطلب أن يكون الاتصال بين الرئيسين على المستوى الشخصى فرحبت بذلك ووجهت له الدعوة للزيارة.
سألنا: هل فكرت فى الملف الروسى بعد أن تعكر الملف الأمريكى؟
قال: لم يحدث هذا لقد فكرنا فى الملف الروسى بعد شهر ونصف من وصولى إلى الرئاسة.
عاد عدلى منصور مرة أخرى فى نهاية حديثه معنا ليؤكد أن الأهم أن ندعو إلى الدستور وأن يشارك الناس فى الدستور ووظيفة الإعلام ووظيفة جميع مؤسسات المجتمع هى الدعوة للتصويت على الدستور بأعلى نسبة، حتى نضمن تنفيذ خارطة المستقبل، فلو حدث التصويت بأعلى نسبة يمكن أن أحدد بدقة مواعيد الخارطة وتحديدا انتخابات البرلمان وانتخابات الرئاسة.
الفجر