تعرضت كنيستنا المحبوبة في الآونة الأخيرة إلي إعتداءات متعددة منها الهدم والحرق والسلب والتهديد والإزدراء .... ومن الطبيعي أن نتضايق علي هذه الأحداث المؤسفة ... وبلا شك فإن الكنيسة التي يتربي فيها الشخص المسيحي تتحول المباني فيها إلي معاني وتحمل ذكريات وتعزيات تستمر معه رحله العمر كله
وقد نتسائل لماذا وكيف يسمح الله بهذا التعديات ... أليس هو الحارس لكنيسته ... وكيف يسمح بقتل وسرق بيوت لأشخاص ليس لشيء إلا لأنهم مسيحيين .. كيف يترك الشر ينتصر ...
ومع تذكر بعض المواعيد الإلهيه قد يعثر الشخص في تصديقها مثل أبواب الجحيم لن تقوي عليها ( مت ١٨:١٦) شعرة من رؤسكم لا تهلك ( لو ١٨:٢١) ... يحفظ جميع عظامه واحد منها لا ينكسر ( مز ٢٠:٣٤) يحاربوك ولا يقدرون عليك ( أر ١٩:١) ....
من يمسكم يمس حدقة عيني زك ٨:٢
وهنا نقول لكي نفهم هذه المواعيد علينا أن ندرك أنها مواعيد أبدية وليس زمنية ....ولو كانت زمنية لكانت تتعارض مع كل تفاصيل حياة ربنا يسوع المسيح نفسه .. وتتعارض مع آلامه ومع صليبه ... وتتعارض مع كل ألوان العذابات والضيقات التي تعرض لها أبائنا الرسل القديسين والشهداء
وهنا لابد أن تتضح بعض المفاهيم ... فالمقصود بأن أبواب الجحيم لن تقوي عليها ... يقصد بها قوات الموت ... وأيضاً لايقصد هنا بالموت الجسدي بل الموت الأبدي ... بمعني أن الكنيسة تبقي حية خالدة عبر الزمان بل وبعد الزمان ...
ولا يقصد بحفظ العظام الجسدية ... بل المقصود حفظ أعماق النفس الداخلية ....
كثيراً مايحدث تعارض في فهم التدابير الإلهيه لأننا نترجمها بمفاهيمنا البشرية
الله ياأحبائي تدابيره لنا سماويه أبدية .... بينما إهتمامات الإنسان أرضية زمنية ... من هنا يحدث الصدام والعثرة في المفاهيم
لنعلم أن أقصي الشر عند الله هو الخطية ... وأشد الخسائر عنده هي الهلاك الأبدي ... ولكن للأسف الإنسان لا يدرك هذا ويعتبر أن الشر هو التجارب ... والخسائر هي الأمور المادية
وسيظل هذا التعارض ويتسع كلما ابتعدناعن المفاهيم الالهية ويتضح لنا تدريجياً كلما إقتربنا إلي الحياة الأبدية ونحن بعد علي الأرض إلي أن يكتمل إدراكنا لها في المجد الأبدي حين ندرك ما لم ندركة ونتعجب لتدابيرة المملؤة حكمةً ومجداً ولا يسعنا إلا أن نخر ونسجد ونسبح مع السمائين نعم أيها الرب الإله القادر علي كل شيء حق وعادلة هي أحكامك ( رؤ٧:١٦)
وهنا يحدثنا القديس أوغسطينوس( لا تخافوا من أي عدو خارجي .. أنتصروا علي أنفسكم فتغلبوا العالم كله ... قد يتلف العدو عقاركم أو قطعانكم أو منازلكم .. أو علي الأكثر يكون له سلطان علي أجسادكم لكن هل في قدرته أن يؤذي أرواحكم ؟
صلوا إلي الله لكي يعطيكم نصرته علي أنفسكم أقول يعطيكم الغلبة لا علي أعدائكم الخارجيين بل علي أرواحكم الداخلية
ومع غاية تأثرنا علي كنائسنا التي هدمت أو حرقت إلا أننا نؤكد أن الكنيسة بالنسبة لنا ليس مجرد مبني ولا مكان ... بل هي العالم كله حيث يوجد الله معنا ... الكنيسة هي نحن .. وحيثما إجتمعنا توجد الكنيسة .. نحن حجارة الله بناء الله هياكل الله ... الكنيسة هي العبادة والإيمان والمحبة بالله ... إذهب إلي الغرب سترى مئات الكنائس والكاتدرائيات في غاية الروعة والعظمة والفخامة.. ولكنها بلا إيمان وبلا مؤمنين ... لا نفع لها وقد تحولت إلي متاحف ..إقرأ تاريخ كنيستك وتتعجب من حكام أمروا بهدم جميع الكنائس والأديرة في عهدهم وهدمت فعلاً وبقي الإيمان وبقيت الرهبنة ...
وسنري كم أن الله سيحول هذه الآلام لمجد كنيسته ولبلادنا . ونري الآن العالم وهو يتحدث عن عظمة المسيحية والمسيحيين ووطنيتهم
حفظ الله بلادنا الحبيبة مصر وحفظ ايماننا ومحبتنا له ولكل من حولنا .. ولنتمسك بالإيمان والرجاء والمحبه ... لأن الخسارة الحقيقية إن تشككنا في الإيمان أو ضعف رجائنا أو إهتزت محبتناا