كلام مسيحي
هو رجل بسيط فقير كان يعمل بائع سمك متجول كان يحمل على رأسه سلة كبيرة مملوءة بالأسماك يطوف بها شوارع وحواري قطاع كبير من حي شبرا والمناطق الفقيرة الملاصقة لها. ومن المعروف لدى الجميع أن باعة السمك المتجولين كانوا في معظمهم يتصفون بالفظاظة والمعاملات الشرسة، ناهيك عن لغتهم السوقية والفاظهم النابية، فكان معظم الناس يتفادون الاحتكاك بهم بل يخافونهم.
ولكن هذا الأخ سعد كان يبدو مختلفًا اختلافًا جذريًا ... فهو في هذا الوسط الصعب كان يحيا حياة مسيحية، يصلي كثيرًا وله علاقة حية بالمسيح يسوع. فكان إذا تكلم مع زبائنه فهو صادق لا يكذب، وديع لا يصيح وإذا باع لهم شيئًا فهو أمين غاية في الأمانة.
كان العرف السائد في المعاملات هو كثرة الفصال والحلفان والأقسام المغلظة، ولكن الأخ سعد، كان يقول لزبائنه:
"كلام مسيحي، كلمة واحدة".
كان هذا التصرف المسيحي يبدو غريبًا على مسامع الناس ومعظمهم غير مسيحيين، ولكن مع مرور الوقت كان الكل يشهد أن الأخ سعد كان يتكلم بالصدق، والجميع يثقون في كلمته، فهو لا يغش ولا يغالي في السعر ولا يطمع في ربح قبيح ولا يشتم ولا يحلف ... فكان إذا جاء إلى أحد الشوارع يلتف الناس حوله،
ويقبلون على الشراء منه بثقة عجيبة. فكان أنجح هؤلاء التجار البسطاء. وكان يبيع كل ماعنده في أقل وقت، وقنع بربح بسيط ويحيا حياة هانئة في سلام مع الله وسلام مع الناس.
على أن هذا الأخ المسيحي لم يقف عند حد المعاملة الطيبة مع الناس وكسب ثقتهم وكونه يربح من تجارته ... بل كان كثيرًا مايتكلم عن المسيح مع المسيحيين وغير المسيحيين على حدٍ سواء، كلام بسيط ولكنه نابع من خبرة حب وحياة، وكان الناس إذا رأوا تصرفه الصادق كانوا يقبلون كلامه وكثيرون تغيروا بسبب صدق شهادة حياته لمخلصه وحبه لوصاياه.
هكذا كان الأخ سعد البسيط في عمله ومعرفته والفقير في منظره، كان في الحقيقة حاصلاً بالمسيح على غنى جزيل وكان يحلو له أن ينسب كل ما لديه إلى منبع الفضائل وواهب النعم فكان لسانه لا يكف عن الشهادة للمسيح.
فعلمت أنه بالقليل وبالكثير يستطيع الرب أن يعمل وأنه "ليس بالقوة ولا بالقدرة بل بروحي قال رب الجنود"، فالمسيح لا يترك نفسه بلا شاهد.
آية للحفظ
"الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فإنه من فضلة القلب يتكلم فمه" (لو6: 45 ) .