رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هوشع والمحبة الغافرة يعتقد أغلب الشراح ، أن الشطر الأخير من نبوة هوشع كتب بعد موت يربعام الثانى، فى تلك الأيام التى بدأ فيها مجد إسرائيل بنطفى وينوى فى ظلال النهاية والعدم، ومن المعتقد أن هوشع سمع دون أدنى شك نبوات عاموس النبى الذى جاء من أرض يهوذا إلى إسرائيل لينذره بالمصير المفجع الذى يوشك أن يتردى فيه ، ورأى كيف أعطى إسرائيل أذنا صماء للنبى الراعى ونبوءته ، ورأى أكثر من ذلك فترة الفوضى والقلق والاغتيال والانهيار التى أعقبت ذلك ، ومع أنه لم يعش ليرى الخراب النهائى لبلاده إلا أنه رآه وشيك الوقوع وعلى مقربة منه ، إذ لم يكن عسيراً عليه أن يرى شمس أمته تنحدر سريعاً نحو الغروب ، على أنه فى تلك اللحظة الحزينة السوداء القائمة ، وقف ليرينا منظراً بهيجاً مجيداً رائعاً ... فنظر الشفق الجميل الأحمر الذى يرسل شعاعاته الفاتنة قبل أن يغمر الأرض الظلام ، ... لقد تحدث هوشع عن محبة اللّه العظيمة الغافرة ، التى لا يمكن أن تهزمها خطية إسرائيل وإثمه وشره وأصنامه،... وإلى أن نقف عند الصليب لن نرى نبياً بز بحياته وأحزانه ورسائله - هوشع فى إعلان محبة اللّه الغافرة ، ولئن كان عاموس يدعى فى نظر الكثيرين الرسول يعقوب فى العهد القديم ، فإن هوشع هو الرسول يوحنا !! فى مدينة نيويورك حادت زوجة وزاغت عن الأمانة الزوجية فى علاقتها ، بزوجها، وهربت مع آخر ، وظلت على هذه الحال فترة من الزمن ، لم يلبث بعدها أن هجرها محبها الآخر ، وتركها شريدة بائسة ضائعة ، وفى يوم من الأيام ، التقت بزوجها عرضاً فى الطريق ، فحاولت أن تتوارى عن عينيه خجلا وذلا وعاراً ، ولكنه وقد أبصرها على هذه الحالة التعسة ، عادت إليه ذكرى الأيام القديمة الحلوة ، فصاح : مارى !! وأخذها إلى بيته ، وقد ضاق به أصدقاؤه ومعارفه لما فعل ، ولكن الرجل سار وراء محبة اللّه الغافرة ، فانتشل زوجته من أعماق دركات الخطية ، ... وهكذا فعل اللّه مع إسرائيل إذ أحبه رغم خيانته وإثمه ، وأرسل هوشع ليكرز بحياته وأحداثه ورسالته بمحبة اللّه الغافرة ، وها نحن سنتبع هذه المحبة ، ونحن نذكر بعض ماورد فى الأصحاحين الحادى عشر ، والرابع عشر من سفره على النحو التالى : تاريخ المحبة كانت هذه المحبة ، ولا شك ، محبة أزلية فى قلب اللّه، غير أنها ظهرت عندما ظهر إسرائيل على الأرض ، وعلى الإخص عندما كان غلاماً صغيراً عاجزاً فى أرض مصر ، ... هنا انحنت عليه المحبة أنحناء الأب على الوليد وأمسكت به فى عجزه وقصوره ، وأخرجته من أرض مصر ، بل هنا سارت معه المحبة سيراً وئيداً رفيقاً هادئاً تدرجه وتدربه على المشى ، وترفعه إذا سقط ، وتشفى جراحه ، وترفع عنه النير عندما تثقل عليه الأحمال ، وتولى رعايته وإطعامه وتعليمه ، مع أنه كان يتجه بقلبه ، مرات كثيرة ، نحو البعليم فيذهب إليها وينحنى لتماثيلها المنحوتة ، ولكن ذلك كله لم ينتزع المحبة العظيمة نحوه ... إن تاريخ محبة اللّه ، سابق دائماً لوجودنا ومعرفتنا وإدراكنا ونقصنا وعجزنا وقصورنا وضيعتنا !! .. حزن المحبة على أن إسرائيل - للأسف - قد تجاهل هذه المحبة ، وتعامى عن تاريخها ، وسار فى طريقه الخاطئ حتى أضحى مثل سدوم وعمورة وأدمة وصبويم ، المدن التى قلبها اللّه لشرها ، ومع أن صوت العدالة كان يطالب بإبادته والقضاء عليه ، لكن صوتاً آخر عميقاً فى قلب اللّه ، كان يقول كلا : « لا أجرى حمو غضبى لا أعود أضرب أفرايم لأنى اللّه لا إنسان ، القدوس فى وسطك فلا آتى بسخط » " هو 11 : 9 "وهذا الصوت هو صوت المحبة ، صوت اللّه الذى هو أكثر احتمالا ورأفة من الإنسان ، وأقل رغبة فى الانتقام ، وفى غمرة هذا النزاع بين العدالة والمحبة نرى حزن اللّه المفعم بالود والإحسان والمشاعـــــــر فى القول : « قد انقلب على قلبى اضطرمت مراحمى جميعاً » " هو 11 : 8 " . فى إحدى ولايات دولة الهند كانت هناك سيدة غنية من أغنى الأسر ، ولها ولد شرير فاسد ، ضعيف العقل سفيه التصرف ، ومع ذلك ، كانت أمه تحبه وتعنى به ، ... وقد اتهم فى يوم من الأيام بالكثير من الجرائم المنكرة ، وحكم عليه بالموت ، وقد جاهدت أمه جهاداً جباراً للابقاء على حياته ، وعندما قالوا لها إن موته سيريحها ويعفيها من كثير من الآلام والمتاعب ... صاحت : أليس هذا هو ولدى ... فكيف أتركه !! ؟ … لئن صح أن يصدر هذا عن إنسان فيفما يكون حاله وشأنه !! .. فبالأولى إنه يعبر عن محبة اللّه للإنسان الخاطئ !! .. نداء المحبة فى الأصحاح الرابع عشر ، يدعو النبى شعب اللّه أن يتوبوا ويرجعوا : « إرجع يا إسرائيل إلى الرب إلهك لأنك قد تعثرت بإثمك خذوا معكم كلاماً وأرجعوا إلى الرب . قولوا له ارفع كل إثم واقبل حسنا فنقدم عجول شفاهنا . لا يخلصنا أشور . لا نركب على الخيل ولا نقول أيضاً لعمل أيدينا آلهتنا . إنه بك يرحم اليتيم ... » " هو 14 : 1 - 3 " وهذا هو نداء المحبة العظيمة ، الذى يؤكد لاسرائيل أنه رغم سقوطه وتعثره ، فإن الرب ما يزال إلهه ، وما عليه إلا أن يرجع للرب ، ويقدم صلاة التوبة التى يراها اللّه كعجول الذبيحة ، كما عليه أن يثق بسيده لا بآشور أو غيرهما من ممالك الأرض فاللّه وحده هو الذى يستطيع أن يقوى الضعيف ، ويرحم البائس ، وينصف اليتيم ، ترى هل يستطيع أن ينصت المتعثرون إلى هذا النداء الحلو الجميل ؟ ! .. انتصار المحبة وقد اختتم هوشع نبوته بانتصار المحبة : « أنا أشفى ارتدادهم ، أحبهم فضلا لأن غضبى قد ارتد عنه » .. " هو 14 : 4 " وما أكثر ما يرى إسرائيل من خير بعد هذه المحبة المنتصرة ، فإنه سيكون لإسرائيل كندى الحياة ، يجعله مزهراً كالسوسن ، جميلا كالأرز ، بهيا كالزيتون ، عطرى الرائحة كلبنان عميق الأصول ... وهكذا يبصر اللّه فى إسرائيل مالا يراه إسرائيل فى نفسه ، وما لا يمكن أن تبصره سوى عين المحبة المنتصرة ، أو كما قال أحد المفسرين : « وكما تصبر الأم على ضلال ابنها ، وتثق بشئ قد لا ترى منه أدنى علامة ، ولكنها تأمل أن يكون يوماً ، وتظل متمسكة بالأمل ، حتى ولو أثبتت الأيام فشل انتظارها ، فيما كانت تحلم به ، غير انها تنظر إلى ولدها بقلب الأم ، لا بما يبدو منه من خطأ أو عار ، ولا فيما هو عليه ، بل فيما يمكن أن يكون ، فى ضوء رغباتها وأحلامها ، وتظل تتعلل بالفكر أن ابنها أعلى وأعظم كثيراً مما يبدو فى ظاهره ، ولا يمكن أن تسلم إلى النهاية بشره وبطله وضلاله ، وإلا تكون قد فقدت قلب الأم وحنانها ، هكذا اللّه أبونا السماوى ، يمسك بنا ويتحمل كل ما يرى من مظاهر شرنا ، على أمل أن يرى - يوماً ما - الخطية والجنون وقد عبرا عنا ، وفى قطار المسيح يسوع نرجع إلى بيت أبينا » ... على أحد التلال وقف ولد إنجليزى مع أبيه الذى كان يحدثه عن محبة اللّه ، ونظر الأب شمالا إلى اسكتلندا ، وجنوباً إلى إنجلترا ، وشرقا إلى ألمانيا ، وغرباً إلى التلال والمحيط الواسع خلفها ، وقال لوالده : إن محبة اللّه يا ولدى متسعة مثل هذه الجهات البعيدة ، ... وقال الابن : إذاً يا أبى نحن الآن فى وسطها !! .. وإذا كان من المعتقد أن « جومر » بنت دبلايم ، قد أثرت فيها محبة هوشع ، فعادت إلى بيت الزوجية تقبع فى عقر دارها ، تجتر ، حزنها وألمها أياماً كثيرة ، قبل أن تفهم معنى التوبة والوفاء لزوجها ، .. وإذا كان إسرائيل قد عاش فى الآم المنفى والسبى ، سنوات طويلة ، قبل أن تعود البقية من أسباطه إلى اللّه ، وتظهر فى أمثال شاول الطرسوسى بعد مئات من السنين ، وإذا كان الابن الضال قد عاد إلى أبيه بعد الجوع والضيق والمشقة والحرمان ، ... فسنظل دائماً - على أية حال نكون - كما ذكر الغلام الإنجليزى - فى وسط دائرة محبة اللّه وقلبها ، لنسمع ما قاله هوشع بن بئيرى فى ختام نبوته ، " ربما فى عام 735 ق.م. " ، : « أنا أشفى ارتدادهم . أحبهم فضلا لأن غضبى قد ارتد عنه » " هو 14 : 4 ".. !! ... |
28 - 08 - 2013, 07:22 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: هوشع والمحبة الغافرة
ميرسي كتير ربنا يبارك خدمتك الجميلة
|
|||
31 - 08 - 2013, 09:06 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: هوشع والمحبة الغافرة
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إله المحبة الغافرة |
دعني أشهد لمحبتك الغافرة |
أنت مُستقبل لنصرة محبّة الله الظافرة لك |
المحبة الغافرة |
الرب يأمر هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى هوشع 1عدد 2-3 |