رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها لعل أقوى الأصوات التي رنت في قلب بيلاطس كان صوت زوجته، فلا أظن أن هذا الرجل كان يبغض امرأته أو ينفر منها، بل لعلها كانت عنده مدللة محبوبة عزيزة الجانب وهنري ملفيل يؤمن إن الله إرسل تحذيره إلى بيلاطس عن طريق زوجته لأن مجيئه منها أوقع في قلبه وآثر إلى نفسه... إن صوتها هو الصوت الرقيق العطوف الذي شاءت عناية الله أن يرن في جوانب نفسه الموحشة القلقة برنينه العذب الساحر عساه أن يدفع عنه ما يوشك أن يفعل، والمصير الذي يخشى أن يتجه إليه، إنه ذلك التوازن الذي يحدثه الله في حياتنا حتى لا تطغي علينا قوى الشر، إنه ذلك الملاك الذي يوقفه الله إلى جانبنا في الوقت الذي يقف فيه الشيطان إلى الجانب الآخر. نحن لا نعلم ماذا رأت المرأة في حلمها؟ وماذا آلمها؟ أيرجع الأمر إلى أنها رأت كما يظن البعض مأساة الصليب قبل أن تتم بصورتها المفزعة الرهيبة فلم تتحمل المنظر؟ قد يكون هذا... ومن يرى المسيح المصلوب دون أن ترق نفسه وتتألم وتعطف !!... ماثيو ارنولد الرجل الذي انحنى على إيمانه يبكيه، لم يمكنه أن يقف من «الإنسان المتوج بإكليل الشوك» دون أن يذخر بإحساس الهيبة والخشوع للملك العظيم المتألم، وجوته شاعر الألمان في كتابه «اعترافات نفس جميلة» يرينا نفسه وقد هدمت بها أحزان ثقيلة ورانت عليها هموم وأوجاع متعددة، فجلس واضعًا رأسه بين يديه على مائدة، وفي تلك الساعة الصامتة الحزينة، ارتقى بفكره إلى الجلجثة، إلى ذلك مات الذي من أجله، ورآه في نبله وحبه وجوده يأخذ مكانه في الخطية والدينونة والحكم، فلم يستطع إلا أن يغرق عذاباته في عذابات ابن الله، وإلا أن تفيض نفسه بأقوي المشاعر وأنبلها وأقدسها... على أن حلمها قد يكون أيضًا كما تخيلها مصور مشهور في صورة أبدعها، وفيها يرينا إياها واقفة في شرفة واسعة تحدق في الفضاء البعيد وإذا بها ترى مواكب الأجيال المتعاقبة تسير وفي مقدمتها المسيح حاملاً الصليب، ومن ورائه الاثنا عشر تلميذًا، فالكنيسة في العصر الرسولي والعصور الأولى بأبطالها بوليكاربوس وترتليانوس واثناسيوس وغريغوري وفم الذهب وأوغسطينوس، وخلفهم الكنيسة في العصور الوسطى والصليبيون في ملابسهم الزاهية ووراءهم كنيسة العصر الحاضر وملايين لا تعد ولا تحصى من البشر، وتحف بالجميع كوكبة هائلة من ملائكة الله، وتدهش زوجة بيلاطس إذ ترى الصليب يتحول شيئًا فشيئًا حتى يضحى كوكبًا جميلاً بارعًا يملأ السماء ويفيض بأنواره المتلالئة على الكون، وهناك من قال إنها أبصرت يوم الدينونة، وقد انقلبت الأوضاع، وجلس المسيح على كرسيه يدين الشعوب، وإذا بيلاطس يأتي أمامه مرعوبًا مرتعدًا مصفدًا، قد يكون هذا أو ذاك أو غيره، إن الذي يعنينا فقط من حلمها هو الأثر الذي تركه فيها، والرسالة التي أوحى بها إليها لقد أشفقت على زوجها، ففعلت ما تفعله كل زوجة عظيمة نبيلة تدرك مسؤوليتها في الحياة، إذا أرسلت إليه تحذره وتجنبه مسؤولية صلب المسيح، حقاً إن الزوجة كما دعاها أحدهم الضمير الثاني للإنسان، وكم فعل هذا الضمير في تاريخ البشرية؟ اذ رفع صاحبه إلى المجد أو هوى به إلى الحضيض، قاده إلى الخير أو دفعه إلى الشر، سار به نحو الفضيلة أو نحا به نحو كل موبقة وإثم.. في أحد أبهاء قصر من قصور البندقية هناك صورة كبيرة رسمها مصور كاثوليكي للسماء والمطهر والجحيم، وقد رسم زوجته في هذه الصورة في أوضاع ثلاثة. في الوضع الأول العلوي، في السماء، ترتدي ثوبًا أزرق جميلاً ناصعًا، وقد فاضت بالدعة والنور والإشراق والابتسام والوجه الملائكي، وفي الثاني الأوسط، في المطهر كما تحدثه عقيدته، تبدو في مظهر المرأة العادية التي لا شيء يستلفت النظر إليها، وفي الوضع الأخير السفلى، في الجحيم، تظهر في هيئة مخيفة مرعبة، ينبعث الشرر واللهب من عينيها المتقدتين. ولعل هذا المصور قد أراد أن يحدثنا عن تاريخ علاقته الشخصية بزوجته، ففي بدء زواجهما عاشا أياما قصيرة هانئة سماوية، انحنت فيها زوجته عليه بكل عطف ورقة واشفاق وجود، على أن شيئاً من الخلاف والفرقة دب بينهما فأضفى على علاقتهما نوعًا من الضعف والملل والفتور، الذي لم يلبث أن انتهي بحياة هذا المصور إلى التعاسة والشقاء، إذ أضحت حياته الأخيرة مأساة قاسية، كانت فيها زوجته جلاده وشيطانه ومعذبه الأكبر. إذا استعرضنا سير الوحي وقصص التاريخ البشري رأينا لذلك أمثلة عديدة بارزة يعوزنا الوقت في جمعها وحصرها، أليست سارة ورفقة وراحيل وراعوث وأليصابات وحنة وبريسكلا ومسز برواننج التي أنقذنها محبة زوجها من مرض عضال فأوقدت فيه العبقرية والإحساس والشاعرية، ألسن هؤلاء ومن على غرارهن أمثلة طيبة لما يمكن أن تفعله الزوجة المحبة الحنون، بينما في الحين نفسه تقف زوجة شمشون ونساء سليمان وإيزابل وسفيرة وهيروديا ودروسلا وبرنيكي ومن على شاكلتهن أمثلة سيئة لما يمكن أن تفعله المرأة الشريرة في زوجها. إن أول واجبات الزوجة أن تقف في طريق زوجها لتمنعه من الاندفاع وراء الشر أو الغواية أو الإثم. |
23 - 06 - 2013, 03:23 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها
موضوع جميل جدا..شكرا مارى
|
||||
23 - 06 - 2013, 06:18 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها
موضوع وتأمل رائع جداً وجميل شكراً أختي العزيزة Mary على الموضوع الجميل تحياتي وأحترامي والرب معك يباركك ويبارك حياتك وخدمتك المباركة ربنا يفرح قلبك على طول بنعمته وسلامه ومحبته الدائمة والمجد للمسيح دائماً...آمين |
|||
24 - 06 - 2013, 08:12 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها
شكرا على المرور |
||||
27 - 06 - 2013, 06:02 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها
أشكرك جدا جدا موضوع قمة فى الروعة ربنا يباركك
|
||||
27 - 06 - 2013, 08:38 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زوجة بيلاطس الزوجة المحذرة لزوجها
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صورة كلوديا بروكولا زوجة بنتيوس بيلاطس أو بيلاطس البنطي |
طريقة وداع الزوجة لزوجها |
زوجة بيلاطس الزوجة التابعة للمسيح |
زوجة بيلاطس الزوجة الواقفة إلى جانب المسيح |
ما معنى طاعة الزوجة لزوجها |