تابع شرح النقاط الثلاث لتحقيق الدعوة المقدمة من الله للإنسان
[ لا يقل أحدٌ إذا جُرب إني أُجرب من قِبل الله. لأن الله غير مُجرب بالشرور، وهو لا يُجرب أحداً. ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية، والخطية إذا كمُلت تنتج موتاً ] (يعقوب 1: 13 – 14)
سوء الظن يبعد الإنسان عن الله، والشك في قدرته يفضح الجهل. فالحكمة لا تدخل نفساً ماكرة ولا تحل في جسد تستعبده الخطية. هي (الحكمة) روح طهرها التأديب، تهرب من الخداع، وتبتعد عن الظنون الباطلة، وتخجل من الظُلم. وهي روح محبة لكنها لا تغفر لمن يكفر بكلام الله. فالله يُدرك مشاعر الإنسان ويرى ما في قلبه ويسمع ما ينطق به لسانه.
روح الرب يملأ الكون وبالأشياء كلها يُحيط. لهذا هو عليم بكل ما يقوله الإنسان، لا يُخفى عليه ناطق بسوء وبإنسان كهذا يُنزل العقاب العادل.
أمام الله تنكشف أخفى نياته، واقواله تصل عرش الرب وتحكم على شرّ أفعاله. فآذان الرب تسمع حتى الهمس، فتجنبوا الهمس الذي لا خير فيه، وصونوا ألسنتكم من النميمة، فما يُقال في الخفية لا يمُرُّ دون عِقاب، واللسان يودي بصاحبه إلى الهلاك ] (الحكمة 1: 1 – 11 الترجمة السبعينية)
فهذه إذن درجة جهادك، أن لا ترتكب هذه الخطية في أفكارك، بل تقاومها بعقلك، وتُحارب وتُجاهد في الداخل، ولا تذعن لفكر شرير، ولا تُعطي مكاناً في أفكارك للتلذذ بما هو خاطئ، فإذا وجد الرب فيك هذا الميل والاستعداد فهو بلا شك يأخذك إليه في ملكوته في اليوم الأخير ] (من عظات القديس مقاريوس)
لذلك يقول الكتاب: [ عُد إلى الرب واترك خطاياك، وتضرع إليه وقلل مساوئك. عُد إلى العلي وتجنب الإثم، وابغض بكل قلبك ما يُبغض. من يحمد العلي في القبر، إن كان الأحياء لا يحمدونه ؟. الميت لا يقدر أن يحمد الرب، وحده الحي يقدر أن يحمده. ما أعظم رحمة الرب وعفوه، للذين يأتون تائبين. ما من كمال عند البشر، لأن الإنسان لا يُخلد (في الأرض) لا شيء أبهى من الشمس ورغم ذلك تُظلم (تغرُب)، بأسرع منها يُظلم الإنسان بالشرّ، الرب يقود كواكب السماء العُليا، فكيف بالحري الإنسان، وهو من تراب ورماد... عمر الإنسان على الأكثر مئة سنة، لكن ما هذا بالنسبة للأبدية ؟ كنقطة ماء من البحر أو كحبة رمل. لذلك يصبر الرب على الإنسان، ويفيض عليه برحمته. يرى ويعرف سوء عاقبته، فيزداد رغبة في العفو عنه. يرحم الإنسان قريبه، أما الرب فيرحم جميع البشر, يوبخهم ويؤدبهم ويُعلمهم، وإليه يُعيدهم. كراعٍ يرد قطيعه إليه، يرحم الذين يقبلون تأديبه، ويسارعون إلى العمل بوصاياه ] (سيراخ 17: 25 – 32؛ 18: 9 – 14 الترجمة السبعينية)