رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الشفاء والنظرة على أن المسيح لم يقصد أن يوجد في حالة عزلة فحسب. بل قصد أن يحوله من العزلة عن الناس، إلى النظر إلى السماء، ولأجل ذلك رفع المسيح عينيه ونظر إلى السماء، ولا شبهة في أن الرجل فعل الشيء ذاته، فرفع نظره هو أيضًا إلى فوق، وقد قصد السيد المسيح أن يربط نظر الرجل بالسماء، كان الرجل بطبيعته معزولاً عن الناس، وكان لا يستطيع أن يتفاهم معهم أو يتفاهموا معه، فإذا تكلموا إليه لا يسمع وإذا حاول أن يتكلم إليهم عجز، لكن الأصم الأعقد مع ذلك يستطيع أن يتكلم إلى الله، وينصت إلى صوت السماء، فكثير ما يصعب علينا التفاهم مع البشر،... وقفت إمرأة أرادت أن تعبر الشارع المزدحم بالمرور، وفي حيرتها تقدم إليها شاب، وقال : هل أعبر معك يا سيدتي، فقالت له : نعم.. ووضعت ذراعها في ذراعه، وفي عبورهما تعرضا للخطر، ولكنهما وصلا سالمين إلى الجانب الآخر، وقالت السيدة للشاب : يا بني إنك لا تستحق أي شكر لأنك كنت كالأعمى في عبورك، وكادت حياتي تضيع معك. وقال الشاب : نعم يا سيدني إنني أعمى ولأجل ذلك طلبت أن أعبر معك!!... عندما تخيب نظرتنا في الناس، سنجد هناك النظرة الصائبة التي لا يمكن أن يخيب منتظروها، وهل يمكن أن ننسى أن الواعظ الشهير اسبرجن جاء إلى المسيح نتيجة عظة لواعظ بسيط كان يتحدث عن آية إشعياء القائلة : «التفتوا إلي وأخلصوا...» (إش 45 : 22) وقد حدث هذا في يوم بارد ملأت كرات الثلج فيه أزقة وطرقات مدينة كلوشستر في انجلترا، وكان هناك شاب يعدو وسط الشوارع المقفرة ليحتمي من لفحات الريح، وليختبيء من الثلج المتساقط، وحدث أن ساقت العناية ذلك الفتى إلى كنيسة في تلك الناحية فدخلها وجلس على مقعد في إحدى الزوايا مصغيًا إلى العظة، وبعد نهاية الخدمة جاء الواعظ ليصافح الفتى وقال له : يظهر أنك شقي يا بني!! وستبقى شقيًا إلا إذا نظرت إلى الله وتطلعت إليه، وقد فتحت هذه الكلمات عالمًا جديدًا إذ انتقل الفتى لساعته من الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن السبات الروحي إلى الأشراق السماوي!! ومن يزور تلك الكنيسة المنعزلة في كلوشستر يجد لوحة معلقة هناك تشير إلى تجديد اسبرجن وفيها يوضح كيف تغيرت الدنيا في نظره، ولطالما هتف اسبرجن قائلاً : إني أتطلع إلى طبيبي ليشفيني، كما أتطلع إلى المحامي لينصحني، وإلى البقال ليزودني بحاجاتي، ولكني أتطلع إلى إلهي دائمًا في سمائه، فهو يرنو إلى ويعطيني القوة، ويدخل في شركة معي، ولا يتركني وحيدًا في هذه الدنيا أبدًا!! «أرفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني، معونتي من عند الرب صانع المسوات والأرض» (مز 121 : 1 و2) قد تتعطل بعض حواس الإنسان، فلا يستطيع أن يسمع أو يتكلم، ولكن روحه تستطيع أن تجد طريقها إلى عرش الله في السماء، وهي لا تحتاج إلى أكثر من نظرة متطلعة إلى الأعالي في صبر وانتظار!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الاسكندر والنظرة الضيقة |
الأعمى والنظرة الحنون |
الأعمى والنظرة المنتقدة |
الأعمى والنظرة المتفرجة |
الأعمى والنظرة الفلسفية |