رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قيامة أم انتقال؟
قرأت في الآونة الأخيرة مقالات، وحتى بعض العظات، تتحدث عن قيامة العذراء من بين الأموات، لكن في كنيستنا الأرثوذكسية نميّز بين القيامة والانتقال، والقول بأن مريم قامت من بين الأموات ربما أتى من تسمية عيد رقادها بالفصح الصيفي لإضفاء نوع من الأهمية لهذا العيد، لكن موضوع قيامة العذراء غريب عن الكتاب المقدس وحتى عن التقليد الرسولي والمعروف أن العذراء لم تقم من بين الأموات كما فعل المسيح لكنها نُقلت إليه. بادئ ذي بدء لا يحتوي الكتاب المقدس على عبارات حول قيامة العذراء من بين الأموات إنما يقول النبي داود في المزامير: “قم يا رب إلى راحتك أنت وتابوت قدسك” (مز8:132)، ويعتبر “تابوت قدسك” من أكثر ألقاب مريم العذراء المحببة، وأيضاً: “مقدِس مساكن العلي” (مز46:4) والمقصود بالمسكن المقدس هو والدة الإله فالمسيح القائم من بين الأموات أقام معه تابوته ومسكن قدسه. تحدث آباء الكنيسة بشكل أساسي عن قيامة المسيح كموضوع عقائدي وأساسي في العبادة والإيمان، أما الموضوع المختص بوالدة الإله فأشاروا إلى انتقالها وتركوه لإيمان الشعب، لأنه ليس بموضوع عقائدي خلاصي، والمؤمن يتوجه للرب قائلاً: “أيدني ببرج الأقوال” وأن يحفظ إيمانه “وسوّرني بالمعاني” (من بيت سحر عيد الرقاد 15 آب)، فيعيش المؤمن ما تشتهي الملائكة أن تفعل “التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليه” (1بط12:1). لا يعتبر آباء الكنيسة موضوع انتقال العذراء إلى السماء أمراً عقائدياً، وترى الفارق بين قيامة المسيح وانتقال العذراء هو أن المسيح قد قام بقوته أما مريم فقد انتقلت بقوة قيامة المسيح، وإن تجرّأنا وقلنا أن والدة الإله قد قامت فهذا ليس بقوتها بل بقوة قيامة المسيح. يقول القديس يوحنا الدمشقي: “كان يجب أن تقوم والدة الإله من القبر” و يقول القديس مكاريوس: “قامت في اليوم الثالث لتؤكد القيامة العامة التي نترجاها جميعاً”. يبقى السؤال: مادام الرب سمح أن يكون لدينا بقايا قديسين غير منحلّة، مثل يد القديس يوحنا المعمدان، لماذا لم يسمح أن يكون لدينا جزء من جسد والدة الإله؟، لدينا فقط ثوب العذراء وزنارها، طبعاً السبب بأنه كيف يمكن للجسد الذي أعطى الدم واللحم للإله المتجسد أن يوضع تحت التراب ويصاب بالفساد؟، بل يجب أن يتمجّد بمجد من عند الله وكما يليق بالابن يليق بالأم، نرتل في الطروبارية الثانية للأودية الثامنة من القانون الثاني لعيد رقاد السيدة: “هو قد تقبل روحك الكلية القداسة وأحلّها في ذاته، كما يليق به بما أنه ابنٌ“. في أيقونة رقاد والدة الإله نلاحظ المسيح وقد أمسك بذراعيه تلك الأم التي أمسكته أولاً وحملته في أحضانها وهو طفل، لذلك نرتل في الطروبارية الثانية من الأودية التاسعة للقانون الأول لعيد الرقاد: “إن قوات الملائكة انذهلوا لما شاهدوا في صهيون سيّدهم الخاص ضابطاً بيديه نفساً نسائية”. فمعطي الصالحات وملكوت السموات أعطانا والدة الإله أما نحن فقدّمنا له أم عذراء، قدّمنا جسد ودم فأخذنا جسد ودم إلهيين، قدّمنا إنساناً فحصلنا إله متجسد، قدّمنا الطهارة فحصلنا على الشفاعة والحماية، قدّمنا عذراء فحصلنا على أم للإله. نرتل في خدمة مديح والدة الإله في الدور الثالث: “افرحي يا من تُشرقين رسم القيامة” بالتالي ليس من باب الصدفة أن نسمي عيد رقاد السيدة بـ “الفصح الصيفي”، بالفعل هو فصح صيفي بنعمة الله حتى أن قانون خدمة صلاة السحر للعيد تظهر علامات القيامة كما يُظهر ذلك قانون الفصح للسيد فنقول في أرمس الأودية الأولى للقانون الأول لعيد الرقاد: “أيتها البتول إن تذكارك الشريف الموقر المزيّن بالمجد الإلهي…” أي المزيَّن بمجد القيامة، ونرتل في الطروبارية الثانية للأودية الأولى للقانون الأول لعيد الرقاد: “أيتها النقية لقد حُزت جوائز الغلبة على الطبيعة بولادتك الإله ولكنك خضعت لنواميس الطبيعة مماثلة ابنك وخلقك ومن ثم نهضت بعد موتك لتكوني مع ابنك سرمداً”، إنما الصفة الأساسية لهذا الفصح بأنه مرتبط بفصح المسيح أي مريم قامت من الموت بقوة قيامة المسيح وليس بقوتها. نُعيّد في 15 آب لرقاد والدة الإله ولانتقالها، أو ما نسميه قيامتها بنعمة المسيح القائم، فلم يضبطها قبرٌ، وهذا ما يشدد عليه قنداق العيد: “إن والدة الإله لا تغفل في الشفاعات والرجاء الغير المردود في النجدات، لم يضبطها قبرٌ ولا موت…” وأرمس الأودية التاسعة القانون الأول: “أيتها البتول الطاهرة، إن حدود الطبيعة قد غُلبت فيك، لأن المولد بتولي، والموت قد صار عربوناً للحياة، فيا من هي بعد الولادة بتولٌ، وبعد الموت حيّة، يا والدة الإله أنتِ تخلّصين ميراثك دائماً”، فبشفاعتها اللهم ارحمنا. +++++++++++++++++++ معلومة: ثوب والدة الإله محفوظ في المتحف الوطني في جورجيا، وهو موجود في جورجيا منذ العصر الروماني خلال فترة محاربة الأيقونات في القرن الثامن أو بحسب المصادر الأخرى بعد سقوط القسطنطينية في القرن 15. أبعاد الثوب 1,50*1,80 ملّون ولكن مع الوقت اختفت الألوان، يعتبر الثوب بركة كبير لكل جورجيا نعيّد في 2 تموز لتذكار وضع الثوب في كنيسة فلاشرنس (وهي كنيسة موجودة في جوف الخليج الذي يقال له خليج القسطنطينية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|