منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 03 - 2013, 02:22 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,056

تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير
أحد الإبن الضال الجزء الثالث

مقدمة

تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الثالث

رأينا عودة الإبن الضال وإتخاذه لقرار العودة بالرغم من أن كان فى قدامه صعوبات كثيرة أنه يرجع , وكانت أول صعوبة واجهته فى طريق العودة هو تفكيره أو شكه فى موقف أبوه , ياترى الأب حايقبلنى أو مش حا يقبلنى , وحايرفضنى ويهزأنى وحايعيرنى وحايأدبنى أو لأ , أيه موقف الأب , والحقيقة كانت نقطة صعبة لو فكر فيها وأستسلم ليها وشك فى هذا الأب وفى موقفه , وكانت ثانى صعوبة واجهته هى موقف الأخ الأكبر , فنفور الأخ الأكبر بإستمرار من أخوه وبعدين كونه حايرجع ويعيش من ميراث أخوه الأكبر , وثالث صعوبة واجهته كيف سيدخل القرية ودخول أى أنسان فى القرية بيسمع بيه كل أنسان فى أرجاء القرية وسيمر بحواريها الضيقة والناس حاتخرج تتفرج عليه والعيال حا يطلعوا يستهزأوا بيه ويعايروه ويضحكوا عليه فى منظر الخيبة وفى منظر الثياب الرثة والممزقة وفى منظر القذارة اللى هو متشح بيها , كل هذه الأشياء كانت عوائق فى طريق عودة الأبن الضال , لكن هو أخذ قرار العودة ويقول الكتاب فى عدد 20 " وقام وجاء" , ففى قعدته مع نفسه قال أقوم وأرجع إلى أبى والقرار اللى أخذه ألتزم بيه ونفذه فعلا , فلذلك كان تعبير فقام وجاء , ونلاحظ أن من أهم خطوات التوبة أن التوبة لابد وأن تكون فعل حقيقى أو فعل رجوع , ولا يكفى فى التوبة الندم والتمنى , يعنى كون الإنسان يقول ياريتنى ما كنت عملت كده وياريتنى ما كنت تركت البيت , هذا لا يكفى , وأيضا ولا التمنى , ياريتنى أبقى فى البيت دلوقتى , كم من أجير لأبى يفضل عنهم الخبز , يعنى من الآخر أن التوبة ليست تمنى ولا ندم , لكن التوبة هى فعل إلتزام بالعمل أى أن أنا آخذ خطوة عملية فعلا , فقال أقوم , وقام , يعنى نفذ الكلمة اللى أخذها وألتزم بالتفكير اللى وصل إليه , والحقيقة أن آفة الحياة الروحية بإستمرار وتأخرنا فى الطريق الروحى هى نتيجة عدم إلتزامنا باللى أحنا بنقوله , يعنى أحنا ممكن نقول كلام كثير جدا و ممكن يبقى كلام حلو خالص لكن محتاجين للإلتزام باللى أحنا بنقوله , والأبن الضال ليس فقط أنه ألتزم بالقرار الذى أخذه لكن أيضا لم يؤجله وفى الحال تحرك , وأيضا من آفة الحياة الروحية والمعطلات الكبيرة فى الحياة الروحية هو أن الإنسان بيؤجل بإستمرار , بكرة نتوب وبكرة نتغير وبكرة نصلح المواضيع وبكرة نبطل , وعمر ما بكرة ده بييجى , لكن الأبن الضال فعلا أخذ القرار وألتزم بيه وما أجلش وتحرك ناحية الآب , وشفنا بالرغم من أنه بيقول وقام وجاء إلى أبيه وإذ كان لم يزل بعيدا , وبالرغم من أنه قرب من أبوه بالجسد ,لكن فى واقع الأمر كان مازال بعيد عنه بالروح لأنه كان راجع وحاطط فى مخه أنه يرجع علشان حاجتين 1- أنه يشتغل كأجير وماكانش راجع كأبن يعنى حايشتغل ويتعب ويجيب فلوس , 2- أنه كان راجع من أجل المنفعة وليس من أجل المصالحة أو علشان يصالح أبيه , لكن هو كان عايز يسد إحتيجاته وجوعه , وعلشان كده بالرغم من انه قرب بالجسد من الأب لكن فى واقع الأمر كان لم يزل بعيدا فى فكره وبعيد فى روحه وبعيد عن إدراكه وبعيد فى فهمه عن الأب يعنى بعيد فى كل حاجة فتعالوا نكمل تأملنا فى عدد 20 .

20*20فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. لكن المقابلة اللطيفة اللى فى الآية بيقول , وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ.يعنى هو أخذ خطوة واحدة ناحية أبوه وهو تعبير جاء يعنى جاى ماشى على مهله والمشوار الكبير أنهكه وأتعبه وجاى ماشى وأخذ خطوة ناحية أبوه , وفوجىء أن ابوه لما هو أخذ خطوة وجد أبوه أخذ مش خطوة ولكن آلاف الخطوات تجاهه , وهو جاى ماشى , ولكن أبوه طلع فى إتجاهه بيجرى , ولدرجة أن كلمة ركض ليست بمعنى جرى فقط , ولكنها بتستخدم فى جرى السباق لما الإنسان بيتسابق فى الجرى , يعنى الجرى بسرعة وكأنه بيتسابق مع الوقت ومع الزمن ومع المكان ومع المسافات , وهو ده الجميل فى ربنا , مجرد أنك بتأخذ خطوة واحدة ناحيته تلاقى ربنا بيأخذ ناحيتك آلاف وآلاف الخطوات , ومجرد أنك بترفع نظرة ناحية السماء فربنا مش بينظر لك من السما لأ ده بييجى لحد عندك على الأرض ,وفى مرة أشعياء نظر إلى السماء وقال لربنا 64: 1 1 لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ! مِنْ حَضْرَتِكَ تَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ. ليتك يارب تشق السموات وتنزل , وربنا قال له حاضر , وهى مجرد نظرة نظرها أشعياء للسماء كده لما شعر أن الحال سىء جدا للغاية , وربنا لم يقل له من السماء أنا شايفك , قال له لأ أنا نازل ليك تحت وفعلا نزل ليه , ماهو ده التجسد , لما تأخذ خطوة ناحية ربنا فربنا يأخذ نحوك آلاف الخطوات , وهنا ركض الأب وتسابق يعنى حتى لم يمشى بسرعة لكن ده جرى كما أنه يجرى فى سباق , وحانشوف ليه كان بيجرى , والحقيقة جريه ناحية الأبن ماكانش مجرد إشتياق ولهفة للأبن لكن فى سر أخطر من كده جعله يجرى , وليس فقط أنه جرى ناحيته ولكن وقع على عنقه يعنى أحتضنه وقبله , وكلمة قبله لا تعنى أنه باسه بوسة واحدة ولكن تعنى أعطاه قبلات كثيرة تكرارا وتكرارا , وقبله برفق وبحنان , وكان موقف غريب جدا , طيب أنت أيها الأب المكرم تبوسه على طول , ده جاى وشايل كل الأوساخ وكل قذارة مراعى الخنازير , طيب قول له الأول أدخل استحمى و نظف نفسك , لكن محبة الأب تحتضن هذا الإنسان بالرغم من قذارته , يعنى حضنه بعبله وبوساخته ولم يستنكف من هذه الوساخة , هو صحيح حاينظفها له ولكن فى حبه أحتضنه وقبله مرارا كثيرة برفق وبحنان , يعنى مهما أن كان بعده لكن هذا الأب نظره جايب هذا الإبن وهو بعيد , وكأن فى المعنى الجميل أن بالرغم من أن هذا الأبن ذهب إلى كورة بعيدة جدا , لكن هذا الأبن لم يغب عن نظر الأب ولا عن فكر الأب , والأب لم ينساه ولا لحظة واحدة وكان شايفه دايما قدامه , يعنى كان فى حالة إنتظار بالرغم أن فى المثلين اللى قالهم السيد المسيح قبل كده فى مثل الخروف الضال وفى مثل الدرهم المفقود , أن فى الخروف الضال , الراعى طلع يبحث عن الخروف , وفى الدرهم المفقود المرأة هى اللى قعدت تبحث عن الدرهم , ولكن فى هذا المثل لم نسمع أن الأب كان بيبحث عن الإبن لأن هو شايفه بإستمرار وكان عارف مكانه وكان عارف هو فين , ولكن إذا كان الخروف ضل نتيجة غباوة لأنه مش فاهم وأيضا نتيجة أن ما عندهوش إرادة , والدرهم فقد وظل مفقود وهو جاهل لقيمته يعنى الدرهم مش حاسس بقيمته , يعنى الخروف والدرهم ماكانش عندهم إرادة أنهم يضيعوا يعنى فى غباوة وفى جهل علشان كده كان يستلزم أن فى حد يبحث عنهم , لكن هذا الأبن ماضاعش عن غباوة أو عن جهل أو عدم إرادة , لكنه ضاع عن إرادة متيقنة وواعية كلية , وعلشان كده أبوه ماكانش قدامه غير أنه يفضل مستنيه ولكن كان واضعه أمام عينيه بإستمرار ومنتظره فى لهفة وفى قلبه إستعداد لقبوله , وهو ده موقف الله أنه مستعد لقبول الراجعين إليه وهو مستنيهم بإستمرار , وهو واقف منتظرهم بإستمرار , وأبو الأبن الضال أحتضن أبنه ولم ينتظر أنه ينظف علشان يحتضنه , طيب ليه جرى وليه إحتضنه وليه قبله بهذه السرعة !؟ الحقيقة لأن كان فى خطر ينتظر هذا الأبن عند عودته , وهذا الخطر بحكم الشريعة وعلشان نفهم معنى الكلام ده تعالوا نروح لسفر التثنية 21: 18- 21 18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ. أعتقد أن كل هذه الصفات تنطبق على الأبن الضال , معاند ومتمرد وغير مطيع ومسرف وسكير , يعنى كان مفروض الحكم اللى على هذا الأبن الرجم , يعنى من عند مدخل القرية يجتمع شيوخ القرية كلهم ويرجموا هذا الأبن المارد والمعاند والذى لا يسمع والمسرف والسكير حتى يموت , وهذا ما يفسر لنا ليه الأب كان بيتطلع بإستمرار ناحية مخارج المدينة وليه الأب شافه وهو لم يزل بعيدا لأنه عارف أنه بمجرد دخول هذا الأبن مدخل المدينة أو القرية سيرجم بالحجارة حتى يموت وعلشان كده إحتضنه وقبله علشان محدش يقدر يرفع حجر ناحيته وفى إحتضانه له هو أيضا كان بيحميه علشان محدش يرميه بحجر , قبله علشان يعلن للكل أن هو راضى عنه ومش بيشتكيه ومش بيقيم الشريعة ضده ومش بيتمم الناموس عليه , وهو ده اللى جعل الأب متلهف جدا ناحية هذا الأبن , وتعالوا نتخيل المنظر رجل فى سنه وفى مركزه , يعنى راجل كبير ومركزه كبير فى القرية وعلشان يمشى كان لابد أن يمشى ببطء وبتؤدة وبوقار , وفجأة ينظروا يلاقوه طالع يجرى وكأنه بيسابق الريح , وتخيلوا أيضا منظر الفلاح وهو بيجرى , وكلنا عارفين أن الفلاحين بيبقوا لابسين جلاليب وحايضطر يمسك جيب الجلابية فى أيده أو يمسكه بأسنانه أو بالتعبير البلدى حط ديله فى سنانه , علشان يعرف يجرى , وكم يكون هذا المنظر كأنه صبى صغير , وأيضا كم يكون هذا المنظر مثير جدا للسخرية وللإستهزاء , ولو شافوه أطفال القرية لأستهزأوا بيه وسخروا منه وقعدوا يتريقوا عليه ويقولوا شوفوا الراجل الكبير بيعمل أيه , والزفة اللى كانت المفروض تكون للأبن , فالأطفال يزفوه ويسخروا منه ويتريقوا عليه ويستهزأوا بيه , يعنى كانوا كفوا عن الأبن وأتجهوا إلى الأب وكانوا تحولوا بسخريتهم إلى الأب بدلا من الأبن ’ فخوف الأب على أبنه ومحبة الأب لأبنه هو اللى جعله يركض لأنه كان عارف ما سيواجهه هذا الأبن من موت محقق وسخرية , ولكن هو أراد أن يتحمل هذه السخرية والعار والإستهزاء اللى كان المفروض الأبن يأخذهم , لكن هو أخذهم بدلا منه , وهو ده معنى الصليب يا أحبائى , أن الموت اللى كان المفروض عليا والعار والإستهزاء اللى كان المفروض يكونوا نصيبى , السيد المسيح أخذهم بدلا منى , وهى دى الصورة المكتملة فى ذهنى الآن , السيد المسيح أحتضنى فى الصليب وحمل العار والسخرية بل أيضا الموت حسب الشريعة أو شريعته بدلا منى وعنى , وأهل القرية كلهم لما شافوا هذا الأب طالع يجرى فطلعوا يجروا يشوفوا هم كمان أيه المنظر وليه بيجرى كده , وأى حادثة صغيرة القرية كلها بتسمعها بسرعة لأن القرية محدودة , وخرجوا يشوفوا هذا المنظر , هذا الأب وهو يحتضن الأبن , وأصبح هذا المنظر حديث القرية كلها وحديث كل بيوت القرية , ولم يكن هناك حافز أو دافع لهذا الأب يجعله يجرى ويتصرف هذا التصرف سوى رغبته أن ينقذ الأبن وأن يعيد الأبن إلى بيته وإلى مجتمعه مرة تانية , ويعلن هذا أمام الجميع ككل , وإذا كان أهل القرية شافوا الأب بيحتضن الأبن وبيقبله , فماكانش فى حد فى القرية كلها يقدر يرفض الأبن أو يحتقره بعد ما أبوه قبله ورحب بيه , وهذا هو المعنى الجميل الآخر اللى فى الصليب , إذا كان الله قبلنى وإحتضنى وباسنى فمحدش يقدر يرفضنى حتى مهما أن كانت خطيتى ومهما أن كانت وحاشتى , وإذا كان السيد المسيح قبلنى فمحدش يقدر يرفضنى , وهو ده معنى الصليب , وفى بعض الناس الغير مسيحيين بيمسكوا قصة الإبن الضال ويقولوا أنتم يا مسيحيين عمالين تقولوا أن ربنا نزل وأتجسد وبعدين صلبوه وموتوه علشان يغفر لينا الخطية وعلشان يسامحنا لكن قصة الأبن الضال مافيهاش سيرة للصليب خالص , ده الموضوع أبسط من كدة , الأبن غلط رجع لأبوه وأعتذر فأبوه سامحه , طيب فين الصليب بقى اللى أنتم قالبين الدنيا عليه ما هو الغفران ممكن يتم من غير الصليب أهو ومفيش صليب فى قصة الأبن الضال؟ لكن فى واقع الأمر لأ .. دى قصة الأبن الضال فى عمقها وفى أبعادها كلها هى الصليب فعلا طيب كيف ظهر هذا الصليب فى هذه القصة ؟ تعالوا نشوف مع بعض , الأبن وهو راجع كان متوقع أنه علشان يدخل القرية ويدخل بعد كده البيت أن فى إحتمالات كثيرة ستقابله , يعنى أول حاجة أنه سيضطر أنه يقف بره خارجا وبعدين يشوف حد من الناس يبعته ويستأذن الأب ويقول الأبن عايز يرجع فممكن يدخل أو مش ممكن يدخل , يعنى يستفهم الأول عن موقف الأب يعنى لازم يبقى فى مصالح أو وسيط لأنه مش حايقدر يدخل كده البيت على طول , يعنى لازم يشوف حد يشفع له عند أبوه , وكان تساؤله عما إذا كان سيسمح له الأب بالدخول أم لا , وليس فقط دخول البيت ده حتى دخول القرية من الأصل , يعنى ممكن يتخيل موقف الأب حتى لو قبله لكن يقول حا أتركه واقف برة زى الكلب علشان يتعلم ويتأدب ويحرم وأن مفيش مفر من توقيع تأديب أو عقوبة عليه علشان لابد أن القرية كلها لما تشوفه بيتضرب وبيتأدب أن القرية تفهم أن الأب أستعاد كرامته عن طريق العقاب والتأديب , كرامته الذى أهانها هذا الأبن المارق المعاند , يعنى كانت جواه مخاوف كثيرة جدا من موقف الأب ومن الموت على أيدين الناس بحكم الشريعة وبحكم الناموس ومن السخرية ومن اللعنات التى ستنهال عليه لكن هو فوجىء بحاجة كانت غير متوقعة تماما عن الحاجات اللى كان حاططها فى حسابه , فوجىء أن الأب بيجرى ناحيته وبيقع على عنقه ويقبله بقبلات الفرح التى تنهمر عليه وبقبلات المحبة تنهمر عليه من الأب , وفى هذه اللحظة أبتدأ يدرك هذا الأبن معنى الصليب وهو أن هذا الأب المتألم قد ظل متألم لفترة طويلة جدا بسبب الأبن وبسبب نفور الأبن وبسبب أن الأبن طلب انه يورثه وهو حى ومش كده وبس بسبب أن الأبن تباعد عنه وأخذ كل ما ليه وسافر إلى كورة بعيدة , وكل ده كان بيسبب آلام للأب وإستمراره فى تلك الكورة البعيدة لفترة طويلة وإنتظار الأب ليه ولهفته , يعنى كل دى آلام كان بيمربيها هذا الأب , بينما الأبن فى طول هذا الوقت لم يكن يدرك شيئا عن آلام أبوه , ومش شاعر أن أبوه بيتألم ولا هو بيطلب الميراث ولا وهو ماشى ولا هو بيعاند , وماكنش قادر أبدا يشعر أن أبوه بيتألم لأن كل تفكيره كان مركز على ذاته , لكن دلوقتى قدر يرى أمام عينيه هذه المحبة المتألمة اللى كانت فترة طويلة جدا تتألم من أجله وهو لا يدرى عن هذا الألم وعن هذه المحبة أى شىء , وهو ده معنى الصليب وحقيقة الصليب , آلام الصليب ماكانيتش مجرد آلام جسدية وماكانيتش شوية مسامير أتدقت ولا طعنة حربة , بل فى واقع الأمر أن آلام الصليب كانت آلام المحبة الجريحة , المحبة المتألمة , المحبة المرفوضة, وقلب الله كان يئن من أجل الإنسان المارق والمعاند والذى لا يدرك شيئا عن أن أبوه يتألم من أجله لأنه يحبه , وآلام الأب كانت شديدة بسبب نفور الأبن منه وإعراض الإبن عنه , وهذه الآلام هى الشىء الوحيد اللى جعل باب الغفران والمصالحة مفتوح أمام الأبن الضال , ولولا أن الأب كان يتألم لولا أنه قبل الأبن طيب ليه؟ لأنه كان فى إمكان الأب إنه يعلن أن أبنه اللى تركه ده مات! وخلاص أنتهى وأنه قطع العلاقة بيه ولا هو أبنى ولا أنا أعرفه ويريح نفسه تماما بأن مالوش أبن , يعنى هو كان ليه أبن وهذا الأبن مات وبكده آلام الأب تخف وأنه ينسى هذا الأبن تماما ويقطع العلاقة بيه وينسى أن كان ليه أبن , وده لو الأب كان عايز يريح نفسه زى ما بيحصل لما أب بيلاقى أبنه عمال يعاند يعاند فيقول له لا أنت أبنى ولا أعرفك ويبتدى يرتاح وينسى أن كان ليه أبن ويرتاح , لكن هذا الأب السماوى لم يفعل هكذا مع الإنسان ولم يقطع العلاقة بينه وبين الإنسان , ولكن هذا الأب أراد أن يكون متألما وكونه ظل متألم هو ده اللى ضمن أن باب المصالحة والغفران يظل مفتوح أمام الأبن لأن معنى أنه محتفظ بآلامه أنه لسه عايز هذا الأبن وعايز يغفر له وعايز يصالحه , وكان هذا ما ممثله هذا الأب من إخلاء الذات , ونتيجة آلامه تخلى عن كرامته وعن مجده تماما كما شفنا هذا الأب لما ترك بيته وترك مركزه ووقاره وطلع يخلى ذاته من مجده ومن كرامته بأنه يجرى فى الشارع ويتعرض أن يكون مثار للسخرية والإستهزاء , وهو ده الصليب "أخلى ذاته" وجرى زى العبد فى شوارع القرية لكى يصالح أبنه الذى لم يكن يدرك مقدار الآلام التى كان يقاسيها هذا الأب , لكن لما دخل فى حضن أبوه أكتشف هذه المحبة المتألمة وأتلسع بيها , وهو ماكانش قادر يشعر أن أبوه بيحبه طول السنين اللى قبل كده كان عاشها فى البيت , لكن فى هذه اللحظة قدر يكتشف مدى محبة أبوه ومدى آلام أبوه من أجله وما هو معناها , وآه لو عرف الخاطى مكانته عند ربنا ومحبته اللى مخزونة ليه فى قلب ربنا وقد أيه ربنا بيحبه وقد أيه ربنا بيتألم من أجله , وبعدين تيجى تقول هو الله بيتألم؟ أقول لك نعم و أن هذا الألم اللى كان فى قلب ربنا هو اللى جعله يأتى ويصالحنا , ومشكلة الخاطى على أنه يستمر فى خطيته هو أنه مش قادر يشعر أن ربنا بيحبه , ومش قادر يشعر أن ربنا بيتألم من أجله ومش قادر يختبر الحتة دى , لكن آه لو أتلسع أى خاطى بهذه المحبة وأتكوى بنار الألم اللى فى قلب الله من أجله فماكانش ممكن أبدا أن يظل فى خطيته أو يستمر فى خطيته بعد كده , ومشكلة بقائى فى حياة الخطية أنى لم أعرف بعد مدى محبة الله لي وما أتلسعتش بيها وما أختبرتهاش وما ذقتهاش , فكان لابد أن يرى الأبن اللى هو بيمثل الإنسان الخاطى وكل واحد فينا , كان لابد أن يرى أمامه دليلا واضحا تمام الوضوح على هذه المحبة وعلى هذه الآلام وبدون هذا ماكانش ممكن يدرك أن هو اللى كان السبب فى هذه الآلام كلها , وهو كان عايز دليل واضح ولما أترمى فى حضن أبوه وسمع تنهدات أبوه وبكاء أبوه وفرحة أبوه فى نفس الوقت بيه ونبضات قلب أبوه من أجله , وهنا فقط أدرك أن فعلا أبوه بيحبه وأن أبوه كان بيتألم من اجله وأن هو كان السبب فى هذه الآلام , ,وان هو كان السبب فى هذه المحبة المتألمة , وعارفين أنه لولا هذا الحضن أو لولا الصليب لكان عاد هذا الأبن كعبد وكأجير! ولا يمكن كان عاد كأبن , ماهو ده هو الصليب , فلولا الصليب لكان كل واحد رجع لربنا لكن كان حايرجعله كأجير وكعبد , ولكن بالصليب أحنا رجعنا له كأبناء أحباء ليه , فالصليب هو المحبة التى أخلت نفسها فى سبيل من تحب وبدون ذلك لا يمكن أن تكون هناك مصالحة على الإطلاق , وهو ده الصليب , وصحيح الصليب حايبان بصورة أوضح بعد كده فى ذبح العجل المثمن , لكن هو ده الصليب فى قصة الأبن الضال , الأب اللى بيخلى ذاته وبيتخلى عن كرامته وعن مجده ويسعى للمصالحة , والصليب هو المحبة المتألمة للغفران , وبدون الصليب لم نقدر أن نعود للسيد المسيح كأبناء بل كنا نعود كأجراء وكعبيد , وعلشان كده الأب فى هذا المثل هو رمز للآب السماوى , الأب الذى فى البيت هو رمز للآب السماوى , والأب الذى خرج من بيته و طلع وجرى أمام الناس فى شوارع القرية هو رمز للسيد المسيح الذى أخلى ذاته آخذا صورة عبد صائرا فى الهيئة كأنسان , بل أكثر من كده أن السيد المسيح أخذ دور الأبن العائد أيضا أو البشرية اللى ما قدرتش ترجع لحضن الآب , وما قدرتش تقوم وترجع , السيد المسيح كمان جاء وأخذ دورها , وأخذ دور الأبن العائد إلى أبيه وحملنا كلنا فى جسده , ومات السيد المسيح على الصليب علشان يعيش الإنسان كأبن من جديد , وصار هذا الموت اللى ماته على الصليب رصيدا وخزينا للإنسان دهرى وأبدى لا ينفذ ويصرف منه كل الخطاة حق العودة إلى الآب لا كأجراء ولكن كأبناء وليهم كل ما للأبن من حب ومن ميراث وعلشان كده الصليب هو اللى بيعطينا الحق أننا نرجع كأبناء ولينا كل الحق فى حب الله وفى ميراث الله وبدون الصليب مالناش هذا الحق , ولولا الصليب ولولا الآلام ما عاد الأبن ولا غفرت خطية , ولا فهم أى أنسان معنى أبوة الله ليه , الصليب فهمنا معنى أن الله أبونا وآلام السيد المسيح هى اللى فهمتنا يعنى أيه أن الله أبونا فى محبته وفى معاناته من أجلنا ومن غير الصليب ما نقدرش نفهم أن الله أبونا أبدا وما نقدرش ندرك هذه الأبوة , فالسيد المسيح ليس فقط أنه رفع الإنسان ورجعه من ضلاله بل أيضا نجاه من الهلاك ولذلك سنجد الأب يقول" كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد " ولكن ما هو تأثير كل هذا على الأبن لما شاف هذه المحبة الفياضة الغامرة؟
21*21فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. ونلاحظ أن الأبن هنا لم يكمل الحديث أو العبارة اللى كان سبق ورتبها فى ذهنه ولم يقل له "بل أجعلنى كأحد أجرائك ", يعنى لم يكمل الحديث هنا لأنه لم يجد محلا لأن يعرض على أبيه أن يعود كأجير ولم يقترح على أبوه شكل العلاقة اللى حاتكون بينهم فى المستقبل ولم يقل له أسمع بقى يا أبويا أنا راجع على شرط , شوف أنا حأشتغل وأعوضك عن الفلوس اللى أنا ضيعتها وأنت حاتعطينى وأنت حاتقبلنى وأنت وأنت , ولكن لم يعود يضع شروطا للعلاقة وما ستكون بينهما فى المستقبل وذلك لأن محبة الآب قد غمرته وحوطته من كل جانب تماما كما يقول بولس الرسول فى رسالته الثانية لأهل كورونثوس 5: 14 14لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذاً مَاتُوا. لأن محبة المسيح تحصرنا من كل جانب , ولذلك لم يكن عنده غير أنه يسلم نفسه تماما فى أحضان الأب ولمحبة ورحمة أبيه , ولم يضع له أى شروط ولم يقل له أجعلنى وما تجعلنيش , وكل اللى قاله أخطيت ولست مستحق , لكن كلمة حاتعمل فيا أيه و شكل العلاقة بينى وبينك حاتكون أيه دى أنا سايبها لمحبتك ولرحمتك , ولاحظوا أن من أول القصة أن الأبن الضال كان يصر منذ البداية وحتى لما فكر فى العودة على أن حق التصرف فى حياته يكون ليه بلا منازع ويظل مستقل عن الأب , لكن دلوقتى بنشوفه وهو بيسلم مصيره تماما بين أيدين أبوه وكأنه وقع فى حضن أبوه وقال له أعمل فيا اللى أنت عايزه وهى دى حياة التسليم , وبيضع الصورة للى هو بيتخيله عن هذه العلاقة "أعمل فيا اللى أنت عاوزه" لكن أنا بأعترف أن أنا غلطت فى حقك وأنا مش مستحق أن أدعى بعد لك أبن لأنى أستنفذت كل ما لى من حقوق البنوة , محبة غامرة فياضة لم يكن يتوقعها إطلاقا , وعرف هو فى حضن أبوه أن خطيته الحقيقية مش أنه ضيع شوية فلوس بل خطيته فى حقيقتها أنه كسر وجرح قلب أبوه المحب , خطيته أنه سبب ألم لهذا القلب المحب العظيم , أى أن آلام الأب المحب كانت هى التى دوبت قلب هذا الأبن وجعلته يشعر بحقيقة وبجسامة الخطية ومدى بشاعة الخطية , وهو ده معنى الخطية أو معنى خطيتى , ومش الخطية أن أنا سرقت قرشين أو أنا كذبت كذبة أو أنا زنيت أو أنا قتلت , مش دى الخطية فى معناها ولكن كل دى مظاهر الخطية , ولكن الخطية أكبر من أن أنا سرقت وكذبت وزنيت بكثير , طيب أيه هى الخطية؟ الخطية فى معناها أن أنا بأجرح قلب هذا الأب المحب وأنا بأكسر خاطر ربنا وبأكسر قلب ربنا اللى حبنى وأنا بأهينه وأنا معاند ومارد وأنا رافض , وكان واضع فى ذهنه أنه يعمل شوية حاجات يكفر بيها عن غلطه , ولكن مالقاش أى شىء يستطيع أن يكفر بيه أو أنه يعوض بيه عن ما حدث وعن ما صنعه لأن الخطية مش ممكن أى مجهود بشرى مهما أشتغل كأجير أنه يقدر يعوض عن اللى عمله فى قلب أبوه وهو ده الإقتراح اللى كان واضعه وكان بيعده أنه يشتغل كأجير وأنه سخافة وإهانة وتجديف بعد ما وجد نفسه فى حضن أبوه , ولما أبتدأ الأبن ينطق بما خطط له والكلام اللى أعده بنفسه علشان يقوله وطوال الطريق وهو بيحفظه ويرجعه فى ذهنه وذاكرته ويقول لما حا أوصل له حا أقول كذا كذا كذا , ومن إعتذار ومن تأسف شديد , ولم يستطيع أن يكمل قدام محبة الآب الفياضة , ومش بس أنه أتلسع بالمحبة وعلشان كده ما قدرش يكمل ولكن كمان أبوه لم يعطيه أى فرصة أنه يكمل الحديث ولم يسمع منه غير لحد وغير مستحقا أن أدعى لك أبنا , ولكن أبوه لم يجعله ينطق بالكلمة الأخيرة " أجعلنى كأحد أجرائك " ولم يسمع له لأنه كان مشغول بحاجات تانية وعلشان كده يقول " فقال الأب ".
22*و23* 22فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ،23وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ، وكأن الأب أثناء ما الأبن بيقول الكلام ده , كان بيفكر فى حاجة تانية , ولم يكن يفكر فى إعتذار الأبن , ولكن كان بيفكر كيف يعد له الوليمة والحلة الأولى والخاتم والحذاء والعجل المسمن علشان يعده لكى ما يكون لائق بهذه الوليمة , نعم كان الأب مشغول بحاجات تانية عن إعتذار أبنه , مشغول بإستقبال هذا الأبن وإعلان الفرحة بهذا الأبن , الأبن عائد بيحكى قصة خجله ولكن الأب بيحكى قصة حبه وأبوته وحنانه المذخر والتخزن فى قلبه تجاه هذا الأبن العائد , أكتشف الأبن فى هذه اللحظة أن الأب اللى طوال عمره كان فاكر أو هذا الأب حمل عليه وبيأدبه وبيراقبه وبيحد من تصرفاته وبيتحكم فيه ومسيطر عليه لأنه كان طول عمره فاكر أن أبوه ده حمل ثقيل عليه , وكان عايز يخلص من الحمل ده وما صدق أنه أخذ النصيب وخرج بعيدا وأكتشف أن اللى كان فاكره حمل عليه هو هو اللى بيشيله دلوقتى وهو اللى بيحمله , وأن الأب ده مش حمل لكن الأب ده هو اللى بيشيلنى , وهو ده أحنا , فى أوقات كثيرة بنشعر أن ربنا حمل علينا وعايزين نخلص منه أو نفلفص منه , ولكن ستفاجأ أن الله ماكانش أبدا حمل لكن اللى هو اللى كان بيحملك ومازال يحملك , وهذا الأب فى محبته الجبارة , وعلشان كده أن كانت القصة دى بتسمى الأبن الضال أو الأبن الشاطر لكن بالأولى تسمى بالأب المحب , وهذا الأب المحب فعل ما لا يفعل , ومنح الأبن كل ما أراده , من البداية لما طلب القسم الذى يصيبه , وكان من المنتظر أن الأب لا يعطيه وبالعكس كان المفترض أنه يرفض الكلام اللى بيقوله ومش بس كده ده كمان يعاقبه , ويقول أزاى تورثنى وأنا حى ؟ ولكن هذا الأب فى محبته أستجاب ليه وأعطاه اللى هو عايزه , وحتى لما رجع ليه لم يعاتبه عتاب واحد , ولم يقل له مش أنا اللى أنت كنت عاوز تموتنى وتورثنى بالحياة ودلوقتى راجع لى؟ , لم يوبخه ولم يقل له أى كلمة ولم يقل له آدى آخرة اللى عملته أو دى آخرة تصرفاتك , ولكن الأب فى محبته مازال يحتوى ولا يوبخ ولا يعير , وأنه بيعطى الأبن الحرية الكاملة لأنه عايز الأبن يعيش معاه فى حرية حقيقية وبرغبة وبإرادة , الله بيمنحنا الحرية حتى حرية أن أحنا نرفض محبته على رأى غاندى الذى قال أنى أحب الله إله المسيحيين لأنه هو الوحيد الذى أعطانى الحق أن أقول له لا , وتعالى كده وقول لأى حد من اللى بيحبوك لأ وشوف حايعملوا فيك أيه , وشوف قد أيه محبتهم حاتنقص وحاتقل , لكن الله هو الوحيد الذى أعطانى الحرية أنى أقول له لأ وأرفض محبته , والأب فضل هو هو محبته لم تنقص ولم تتغير ولم تتبدل , ومحبته محبة مستمرة ومحبة دائمة ومحبة حقيقية , وكان مفروض أن حبل العلاقة بين الأب والأبن أنه ينقطع وكل واحد يرمى طرف الحبل اللى ماسكه , يعنى كان لابد أن يقطع فعلا بسبب تصرف هذا الأبن المعاند , لكن حتى ما بعد الأبن ما قطع الحبل ظل الأب ممسك بالطرف الآخر من الحبل المقطوع أملا أن فى يوم من الأيام يرجع الأبن ويمسك فى الطرف الآخر , فلو كان تبرأ من الأبن وقال خلاص أنا نسيته وما أعرفوش لما كان هناك أى إمكانية فى المصالحة والعودة مرة أخرى , لكن هذا الأب ظل ثابت فى محبته , وهنا المصالح اللى أوصل ما بين الأب والأبن مرة تانية , المصالح الذى يبدو أنه غائب فى قصة الأبن الضال , ولكن هذا المصالح كان هو نفسه اللى بيحكى القصة أو هو السيد المسيح الذى يعلن هذا الإعلان أن هو المصالح , وعلشان كده بولس الرسول فى رسالته الثانية لكورونثوس 5: 19 19أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. يعنى الله كان فى المسيح مصالحا العالم لنفسه , وعمل السيد المسيح كمصالح هو العمل الأساسى , وحقيقى السيد المسيح لم يتكلم عن نفسه لكن القصة كلها بتقوم عليه , وعلى أساس محبة السيد المسيح الثابتة للخطاة وأن السيد المسيح بيقبل كل خاطى رجع له , وفى المصالحة السيد المسيح بيعاملنا كما لو كنا أننا لم نخطىء على الإطلاق , وفى مصالحة المسيح بيعاملنا كأننا ماغلطناش قبل كده , والأب بيعامل الأبن ماجابلوش أى سيرة عن خطاياه الماضية وعن اللى عمله فى الماضى , ده هو ده الغفران , وده هو التبرير اللى بيعطيه لنا السيد المسيح , أن السيد المسيح بيعاملنا كأننا ما غلطناش أبدا , وده اللى حانشوفه حايظهر فى الوليمة وفى الحلة وفى الخاتم , وكيف أن تبرير السيد المسيح كأنى لم أخطىء على الإطلاق , مصالحة السيد المسيح كانت بلا قيد وبلا شرط , ولم يقل له أصالحك بس على شرط أنك ما تعملش كده تانى وأنك تفضل طول عمرك تسمع كلامى وإن كان عاجبك على كده تعالى وإن كان مش عاجبك خلاص , ولكن بنلاقى أن الأب هنا ما بيضعش أى شروط للمصالحة على الإطلاق بل على العكس قال الأب لعبيده , طيب مين هم العبيد هؤلاء؟ الأب بيتجه إلى عبيده وبيقول لهم ولاشك أن العبيد لما وجدوا سيدهم بيجرى كلهم طلعوا يجروا معاه علشان يشوفوا أيه الحكاية , فهو نظر لعبيده وقال لهم أخرجوا الحلة الأولى ولبسوه وضعوا خاتم فى أيديه وحذاء فى رجليه وأذبحوا العجل المسمن والسؤال كما قلت مين هم هؤلاء العبيد اللى حايلبسوا واللى حايضعوا واللى حايذبحوا مين هؤلاء العبيد؟ هم الكهنة والخدام اللى يستقبلوا الخاطى علشان ينظفوه ويلبسوه ويأكلوه , وأمرهم أنهم يلبسوه كأبن , وكان ممكن يقول الأب طيب روح أنت دلوقتى البيت أستحمى وأنظف وشوف ليك حاجة ألبسها بدل من الهدوم اللى أنت لابسها دى , لكن الأب ماعملش كده , لكن أمر عبيده أن يلبسوه ويخدموه ويكرموه كأبن فى البيت , وصدقونى حتى مش كلمة كأبن لأن هو فعلا أبن , وأصر أن العبيد يخدموه معترفين بأنه أبن , ورد ليه مكانته وكرامته , وه عارف أنه تعبان ومش حايقدر ينظف نفسه ويلبس نفسه , فأمر عبيده أنهم يخدموا هذا الإبن , وأعطاه مكانته كأبن فى البيت , والحلة الأولى , طيب أيه هى هذه الحلة الأولى ؟ طيب ما يلبسوه أى ثياب ولكن الأب قال الحلة الأولى , وعلشان نعرف أيه هى الحلة الأولى فى معناها , فلو رجعنا لسفر أستير 6: 6- 9 6وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُلٍ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟» فَقَالَ هَامَانُ فِي قَلْبِهِ: «مَنْ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟» 7فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ 8يَأْتُونَ بِاللِّبَاسِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي يَلْبِسُهُ الْمَلِكُ وَبِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ وَبِتَاجِ الْمُلْكِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ 9وَيُدْفَعُ اللِّبَاسُ وَالْفَرَسُ لِرَجُلٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الأَشْرَافِ وَيُلْبِسُونَ الرَّجُلَ الَّذِي سُرَّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ وَيُرَكِّبُونَهُ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ وَيُنَادُونَ قُدَّامَهُ: هَكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ».لما الملك أحشويرش أحب أنه يكرم مردخاى فسأل ماذا يفعل بمن يسر الملك بأن يكرمه فقال هامان اللى كان عايز يجعل الملك يصلب مردخاى , وأرجعوا للقصة , قال هامان يأتون باللباس السلطانى الذى يلبسه الملك , يعنى يلبسوه هدوم الملك , وهى دى الحلة الأولى , إذا الحلة الأولى هى ثياب الأب يعنى ملابس الأب نفسه , وقال ليهم أخرجوا الحلة الأولى ولبسوها ليه , يعنى هدومى أعطوها له , وأنا عايز الأبن يحضر الوليمة وهو لابس هدومى أو الثياب الخاصة بى , ما هى الوليمة دى رمز للملكوت اللى الخاطى مدعو إليه , وفى الملكوت الخاطى حايلبس الحلة الأولى اللى هى ثياب السيد المسيح , وهذا ما يترنم بيه أشعياء النبى فى إصحاح 61: 10 10فَرَحاً أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا.ولما يجىء الضيوف حايشوفوا الأبن لابس الحلة الأولى أو ثياب الأب فيدركوا إلى أى مدى رحب الأب بعودة الأبن ولأى مدى أن الأبن صارت له كل حقوق البنوية وإكرام البنوية , فالحلة الأولى هى بر السيد المسيح بل هى ثياب السيد المسيح , وعلشان كده لما بنيجى للسيد المسيح فى المعمودية بيقول بولس الرسول فى رسالته لغلاطية 3: 27 27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. أنتم الذين أعتمدتم قد لبستم السيد المسيح وهى دى الحلة الأولى وعلشان كده جاء تعبير " إخرجوا " الذى يعنى حاجة مستخبية وأخرجوها وأظهروها , وما هى دى سر ولذلك بنسميها سر المعمودية , أو هى عمل خفى لكن يظهر , وأن الإنسان فى المعمودية يرتدى الحلة الأولى أو ثياب السيد المسيح , وبعدين بيقول أجعلوا خاتم فى يده , والخاتم هنا رمز السلطان والقوة , وفى سفر التكوين 41: 41- 42 41ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «انْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ». 42وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ فرعون عمل يوسف الرجل الثانى ولذلك أعطاه خاتمه دليل على أن ليه كل السلطان , والأب هنا ثبته فى مكانه , يعنى وضع الخاتم فى يد الأبن دليل على أن الأبن أخذ مكانته وأنه أستعاد كل سلطاته , وهو ده سر التثبيت وهو ده اللى أحنا بنلاقيه فى سر الميرون , أن أحنا بنثبت كأبناء , وليس فقط نأخذ مكاننا كأبناء لكن أيضا نثبت فى البنوية , وبعدين قال وحذاء فى رجليه , لأنه كانت عادة زمان أن اللى بيلبس الحذاء هو الأبن بينما العبيد يمشوا حافيين , وهنا أسترد الكرامة كأبن , علشان وهو ماشى فى الأرض رجليه ما تتجرحش بالشوك والحسك , والحذاء ده بيحفظ رجليه من أنها تتجرح وتدمى , وكلنا عارفين أن الشوك والحسك طلعوا فى الآرض نتيجة الخطية , ودلوقتى أصبح هناك حذاء يحميه من أثار الخطية وده اللى بيقوله بولس الرسول فى رسالته لأهل أفسس 6: 15 15وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. ولبس الحذاء إشارة إلى الكرازة والخدمة , وكلمة حاذين يعنى واضعين فى أرجلكم أحذية , وهذه الأحذية هى إنجيل السلام أو بشارة السلام , وهنا الأبن ليس فقط سيأخذ مركزه كأبن ويثبت , لكن كمان حايخدم بهذا المركز اللى ثبت فيه كأبن , وبعدين قال وقدموا العجل المثمن وأذبحوه فنأكل ونفرح , والعجل المسمن هو ذبيحة الإفخارستيا أو سر الشركة , وكلمة " قدموا " بتساوى على طول ذبيحة لأن الذبائح هى التى تقدم , لأنه تعبير بيستخدم مع الذبيحة , وبعدين كلمة نأكل ونفرح , يعنى الأب سيأكل مع الأبن ومع العبيد ومع الضيوف والكل حايشترك فى سر الشركة أو فى سر الإفخارستيا , وهنا فى ملاحظة لطيفة أن قبل ما الأبن يأكل من العجل المثمن كان لابد أن يعترف ويقول أخطأت ولست مستحق , وهنا حرص الآب أنه يعيد للأبن مكانته وعلاقته ليست فقط بيه لكن كمان بجميع الموجودين حواليه أو بالناس اللى سيتعامل معاها زى العبيد والضيوف , هو أعاد للأبن مكانته , وإذا كان الأب قبله وأعطاه كل ما للأبن من حقوق فيجب على كل الناس أنها تعامل هذا الإنسان على هذا المستوى أنه أبن متمتع بكل الحقوق , وشيوخ المدينة عليهم أنهم يقبلوه ويرحبوا بيه ولا أحد منهم يعايره ولا أحد يفكره بماضيه , وإذا كان الأب قبله وأعطاه هذا المركز يبقى محدش من حقه أنه يعترض ولذلك أدخله فى الشركة وجعله يأكل مع الناس ومع العبيد , وهى دى وليمة الأفخارستيا اللى بندخل فيها فى شركة مع السيد المسيح ومع القديسين ومع الشيوخ ومع الخدام ومع كل الموجودين , يعنى محدش كان يقدر أنه يصلح وضع هذا الإنسان الخاطى إلا الأب نفسه وعن طريق نعمته أصلح كل شىء , وده كان رد كبير جدا على الفريسيين والكتبة اللى كانوا فى أول الإصحاح بيتذمروا وبيتريقوا على السيد المسيح لأنه قبل الخطاة وأكل معاهم , وهنا السيد المسيح بيعلن أنه ليس فقط بيقبل الخطاة ولكن أيضا بيرحب بيهم وبيحتضنهم وبيقبلهم , وهو كمان مش بس بيأكل معاهم ده كمان بيذبح من أجلهم العجل المسمن , وهو ده رد السيد المسيح على الكتبة والفريسيين اللى أتذمروا فى الأول خالص , ولكن ماذا سيكون تصرف هذا الأبن بعد عودته , سؤال مهم جدا نتكلم فيه فى الجزء التالى .

والى اللقاء مع الجزء الرابع من تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال , راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الخامس والأخير
تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الرابع
تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الثانى
تأملات وقراءات فى الأسبوع الثالث من الصيام الكبير أحد الإبن الضال الجزء الأول
تأملات وقراءات فى الأسبوع الأول من الصيام الكبير أحد الكنوز الجزء الثانى


الساعة الآن 05:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024