رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زكريا من هو ربما لا نستطيع أن نفهم زكريا تمامًا إذا ذكرنا عصره. والعودة إلى تاريخ تلك الأيام قبيل ظهور المسيح، أشبه باجتياز الليل العميق الذي ينتظر ظهور الفجر، كانت طبقة الكهنة كما رأيناها في أيام ملاخي تزداد سوءاً قرنًا بعد قرن، وأين الكاهن في وضعه الصحيح، بما انتهى إليه الكهنة في أيام المسيح؟! لم تكن الخدمة الدينية عندهم سوى صور شكلية مظهرية تغطي الحقيقة البشعة هكذا كانت الحقيقة في أيام المسيح، وما تزال تظهر هنا وهناك في فترات متلاحقة متعاقبة من التاريخ، ومن الجدير بالذكر أن هذه الفترات على ما فيها من قسوة وظلام، تكون قبيل الفجر الذي يبعثه الله لينير الحياة، هكذا كانت في أيام زكريا الكاهن، إلى أن يأتي ابنه العظيم بين المولودين من النساء، ويندد بهذا الفساد صارخاً به في البرية بصوته المرعب، ليفزع الجميع، ولكنه ينادي بالحق الإلهي، دون خوف أو وجل!! في هذا التاريخ لا يمكن أن يترك الله نفسه بلا شاهد، بل يرسل في أعماق الليل البهيم نجومًا لامعة تسطع في الظلام، وتتلألأ في الدجى، وكان لزكريا ومعنى الاسم «الله ذكر»وزوجته أليصابات، بيت صغير، على ربي الجبال العالية في يهوذا أنا لا أعلم حظهما من الحياة المادية، وعلى أي مستوى كانت معيشتهما من وفرة المادة أو قلتها، فذلك شيء قد مر به كتاب الله دون أن يشير إليه، إلا أنه كشف لنا عن بيت وادع هانيء عظيم، لقد حرم هذا البيت مما كان يعتبره اليهودي أعظم بركة، إذ لم يكن للزوجين أولاد، مما قد يثير التساؤل أو الألم، أهو غضب من الله عليهما أن يحرمهما من الذرية، التي بها يمتد اسمهما بعد رحيلهما من هذه الدنيا، أو ليؤنس وحدتهما عندما يصبحان شيخين عجوزين يقعدان عن الحركة والحيوية، تلاحقهما صعفات الشيخوخة وأمراضها وأوصابها، على أي حال لم يكن هذان الزوجان هما أول من يتعرض لهذه المحنة، فقد تعرض لها الكثيرون قبلهما من خيرة الناس، وعلى رأسهم إبراهيم أبو المؤمنين عندما كانت سارة عاقرًا إلى وقت الشيخوخة، وعندما كانت راحيل عاقرًا، وأختها الكبرى تلد، وعندما كانت حنة مرة النفس، لأنها لا تنجب وضرتها تكيد لها وتضاعف من إحساسها بالحرمان، وما أكثر اللواتي أخفين نفوسهن عن عيون الناس كما أخفت إليصابات نفسها في الشيخوخة قبيل مجيء المعمدان!! على أي حال إن هذه المحنة التي لم تغير من حياة الشونمية العظيمة، وكانت مثالاً رائعًا رغم حرمانها الكبير، لم تفعل ذلك أيضًا، في حياة زكريا وأليصابات. إن علاقة هذين الزوجين بالله، ستبقى في الحرمان أو في العطاء، على حد سواء، علاقة البنوة لإله عظيم مجيد طيب، فإذا كان اسم زكريا معناه «الله ذكر» فإن الرجل كان يعلم يقينًا أن الله ذكره بالإحسان والمراحم قبل وبعد مجيء المعمدان، وأنه يرفل على الدوام في خيرات الله وبركاته الروحية والزمنية. وأن الاتكال على الله سيقوده إلى بركات متعددة، لعلها كانت واضحة أمام عينيه، ومن أخصها بركة الحياة الزوجية الممتلئة بدفء الحنان والحب والرقة، والقصة الكتابية ترينا اثنين سارا من مطلع الحياة حتى الشيخوخة كأجمل ما تكون العلاقة بين زوجين دون تأفف أو تذمر أو شكوى، حتى ولو حرماً من الأولاد، وضحكاتهم التي تملأ البيت سعادة، وتسد فراغ السكون الموحش، كما يـظهر في بيوت كثيرة ليس بها صغار يجرون هنا أو يلعبون هناك، أو يضجون في اللعب والضحك والبكاء كما يفعل عادة الأولاد في كل بيت! وفي الحقيقة إن أسعد إنسان هو الذي يحب الله لا لأنه يغنم أو يأخذ من هذا الحب ما يشتهي من عطايا أو بركات، بل لأنه يرى في مجرد العلاقة بالله، كل عطية وبركة وموهبة تامة في الحياة، فيحب الله لذاته، قبل أو بعد أن يأخذ ما يشتهي من الله، وكان زكريا من هذا الصنف من الناس، كان هو وزوجته بارين أمام الله، والمقصود بالبر هنا - في أقرب تعريف «البراءة» والبراءة بالنسبة للمتهم، عدم ثبوت الشكوى عليه، وبالنسبة للطفل، التصرف الخالي من الاحساس بالذنب، وكانت براءة زكريا بهذا المعنى المزدوج، فهو بريء من أي تهمة أو شكوى لأن الذبيحة التي يقدمها الله، والتي ترمز إلى المسيح، أعطته هذه البراءة الكاملة، وهو بريء بالاكتساب، وليس بالاصالة، هو بريء بالنيابة وليس بالخلو من الاثم والعيب، وهذا ما تفعله ذبيحة المسيح لكل واحد منا لأننا كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إشعياء 53 : 6) وبهذا المعنى القضائي كان زكريا باراً أو بريئًا،.. على أنه كان في براءة الطفل بالمعنى الأدبي، البراءة التي تفعل الشيء دون أن يكون قصدها الشر أو الخبث أو الحقد أوالضغينة أو الفساد أو ما أشبه، ونحن عندما ننظر إلى شخص طيب وادع جميل، كثيرًا ما نقول : إن له براءة الأطفال، وهكذا كان زكريا في حياته مع الله، وكما كان بارًا أمام الله، فإنه كان «بلا لوم» أمام الناس، كان هذا الكاهن غير ملوم، كان على الصورة التي يطلبها اللهمن الأسقف أو الكاهن، أن يكون «بلا لوم» ليست عليه شكاية صحيحة من أحد، وقد يختلف الناس معه في هذا أو ذاك من أمور الحياة، وقد لا يسيرون كما يسير، ولكنهم مع ذلك يشهدون له بالحياة المستقيمة الصحيحة غير الملومة! ومثل هذه الحياة لابد أن تضع نصب عينيها وتحرص على السلوك السليم : «سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم» (لو 1 : 6).. وربما يقصد بالوصايا، الجانب الأدبي، والأحكام الفرائض أو الجانب الطقسي، لم يتوان زكريا وأليصابات عن السلوك في الشريعة بشقيها الأدبي والطقسي كأفضل ما يفعل الإنسان بخوف الله وبكل أمانة!! |
30 - 03 - 2013, 02:10 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: زكريا من هو
أشكر حضرتك جدا جدا للموضوع القيم والرائع الرب يحفظك ويباركك |
||||
31 - 03 - 2013, 08:26 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: زكريا من هو
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صمت زكريا (ع18 - 22) |
شكّ زكريا |
زكريا |
سفر زكريا |
زكريا بن برخيا بن عدو و زكريا بن برخيا الكاهن |