رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السفن
كان السفر بالبحر في أزمنة العهد القديم أصعب منه في البرّ. فلم يكن المتوسط صالحاً للملاحة الأمينة إلا صيفاً. وما كانت السفن ما بين تشرين وآذار (نوفمبر ومارس) لتُبحر إلا في حالات الضرورة القُصوى. وكان أمهرَ شعبين في ركوب الأمواج آنذاك هما المصريون والفينيقيون. فقد بنوا السفن الحربية والتجارية التي تدفعها الأشرعة أو المجاذيف. والمحاولة الناجحة الوحيدة التي قام بها العبرانيون لإنشاء أسطول حصلت في عهد سليمان الذهبي، أيام كان الفينيقيون أسيادَ الملاحة في المتوسط. يوم ذاك كانت رقعة البلد قد امتدت جنوباً حتى البحر الأحمر، وسليمانُ قد عقد تحالفاً مع حيرام ملك صور الفينيقية، فتيسَّرت الخبرة اللازمة لإنشاء أُسطول تجاري قاعدته مدينة عصيون جابر عند رأس خليج العقبة. وصارت عصيون جابر مركزاً تجارياً مهماً من هناك حُمِّلت سفن سليمان نحاساً وحديداً إلى "أوفير" (ربما في جنوب بلاد العرب، عند الطرف الآخر من البحر الأحمر) وعادت محملةً بضائع فاخرة. وكانت السفرة كلها، ذهاباً وإياباً، تستغرق ثلاث سنين، والمسافة كلها نحو 4000 كلم. وبعد قرنٍ، في 850 ق م تقريباً، حاول الملك يهوشافاط أن يُحيي التجارة البحرية، ولكن أُسطوله تحطم من جراء عاصفة عنيفة، فانتهى بذلك تاريخ الملاحة القصير عند العبرانيين. يروي العهد الجديد كتَبة الإنجيل خبر بضع مناسباتٍ فيها عبر المسيح بحر الجليل بالقارب. وربما تمت هذه السفرات بقوارب الصيد المستعملة في هذه البحيرة الداخلية البالغ عرضها 12 كلمً. وكانت الرياح المندفعة من التلال المجاورة تثير في البحيرة أحياناً عواصف عنيفة مفاجئة. وقد تضمنت سفرات بولس رحلاتٍ بحريةً وسفراً طويلاً على البرّ. حتى إن خبر سفره إلى روما كما هو مدون في سفر الأعمال يبدو أشبه بيوميات سفينة تنطوي على تفاصيل تتعلق بأحوال الجو ووقائع الإبحار، وتشير أيضاً إلى لائحة المسافرين. و في ذلك الخبر واحدٌ من أدقِّ الأوصاف وأكثرها حيويةً لسفرةٍ بحرية وَرَدَت في الأدب القديم. وفي أيام المسيح كانت روما مسيطرةً على البحر المتوسط. وكانت الحنطة المصرية المستوردة من الإسكندرية على دلتا النيل ضروريةً جداً للاستقرار . الاقتصادي في الإمبراطورية. وقد تولَّت نقل الحنطة إلى إيطاليا سُفنُ شحنٍ تابعة للدولة، طولُ بعضِها نحو 60 مً. وكانت الرياح تدفع السفن صيفاً في عرض البحر مباشرةً من مصر إلى إيطاليا، ولكن الإبحار على مراحل أقصر، أو قُرب السواحل، كان أكثر أماناً في سائر الفصول. سافر بولس في سفينة حنطة تُبحر في الطريق الأكثر أماناً، في أواخر أيلول (سبتمبر) أو أوائل تشرين الأول (أكتوبر). ولمَّا انكسرت السفينة، طُرح في البحر ما تحمله من بضائع وما فيها من أثاث قبل طرح الحنطة الثمينة. وبعد تحطُم السفينة، سافر بولس في سفينة أُخرى من الإسكندرية أقلَّته من مالطا إلى إيطاليا. وقد ظلت بوطيولي، على خليج نابولي، هي الميناء الرئيسية في روما حتى أزمنة العهد الجديد، عندما تم تحسين مرفأ أُوستيا الأقرب إلى روما إلى أن صار في الأخير هو الميناء الرئيسيّة لعاصمة الإمبراطورية الرومانية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صغـر السـن |
السفن |
نار في السفن |
نار فى السفن !! |
نار فى السفن !! |