رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرومان تمتزج بدايات تاريخ مدينة روما بالأساطير. إذ يُحكى أنها سُميت على اسم مؤسسها رومُلوس الذي فر أجداده من تدمير اليونان لطروادة. ويُقال إن ذلك تم سنة 753 ق م. وقد درج الرومان المتأخرون على اعتبار هذه السنةِ بداءةَ تاريخهم. تاريخ قديم: ظلت روما عدة قرون دولةَ مدينةٍ صغيرةً مُجاهِدة. ولكنها كانت ذات موقعٍ جيد، عند ضفاف نهر التيبر في وسط إيطاليا. وكان لها في البداية ملوكٌ ربما انتمى بعضهم إلى شعبٍ غامضٍ يكاد يكون منسياً وهم الإترُسكيون. أخيراً طُرد هؤلاء الملوك وصارت روما "جمهورية" يرئسها قنصلان يُنتخبان لمدة سنة ومجلسٌ للشيوخ. وبعد أزمنة صراعٍ وفقر وحرب، أخذت روما تتوطد وتصعد، حتى سيطرت على إيطاليا عام 275 ق م. تعاظمت روما بواسطة الحروب جزئياً، ولكن أيضاً بسياسة تحالُفات مُنح الحلفاء بموجبها حق المواطنية الرومانية وسواه من الحقوق دون مقابل. ومن أول الطريق أحسن الرومان التنظيم. فقد بنوا طرقاتٍ حسنة ووحدوا إيطاليا بكاملها. وكانوا يختلفون بطبعهم عن اليونان. فلم يكونوا أصحاب تُراثٍ عريق، لكنهم كانوا قوماً عمليين مُوالين للدولة ومجتهدين ونظاميين. حروبٌ طاحنة: لم يمضِ وقتٌ طويل حتى واجهت روما عدواً جديداً في قرطاجة. وكانت قرطاجة على ساحل تونس الحديثة، وقد سيطرت على المسالك البحرية والتجارة في غرب المتوسط. ودام النزاع أكثر من قرن. وطلع عند القرطاجيين قائدٌ عبقريٌّ هو هنيبعل وما زال يُذكر لعبوره جبال الألب على متون الأفيال. هذا غزا روما وهزمها في عقر دارها، لكنه لم يتلقَّ أي إمداد، فاضطُر أخيراً إلى الانكفاء. وفي 146 ق م دمر الرومان قرطاجة. وكانت روما في تلك الأثناء قد جُرَّت إلى شؤون الشرق، حيث تحالف هنيبعل مع أعداء روما. ثم هزم الرومان انطيوخس الثالث ملك سورية وأعطوا أراضيه في آسيا الصغرى لحليفهم أُمِينيس الثاني البرغامي. بعد ذلك دمروا كورنثوس 146 ق م، وتولوا حكم اليونان مباشرة. وفي 133 ق م تخلى آخرُ ملك برغامي عن أراضيه للرومان، فجعلوها مقاطعة "أسيّا" الرومانية. قوّة عالميَّة: وهكذا صارت روما قوة عالمية. ولكن تغيُّرات كبيرةً حصلت. فقد كان لليونانيين تأثير كبير في فاتحيهم. إذ درس الرومان اليونانية وقلدوا أساليب اليونان في فنهم وأدبهم. إنما حصلت تبدلاتٌ أخرى نحو الأردأ. فقد كانت أسيّا على الخصوص غنية جداً، وبدأ الموظفون الرومان الرسميُّون يستغلون مناصبهم لاصطناع الثروة بسلب مرؤوسيهم. ولم يتمكن مجلس الشيوخ في روما من السيطرة على هؤلاء. وكان ذلك مجرد جزءٍ من مشكلة أكبر. فلم يكن ممكناً حُكم إمبراطورية عالمية على طريقة حُكم مدينة صغيرة. وهكذا دعت الحاجة إلى جيوشٍ كبيرة ومؤسسات نظامية. وأخذ الطامحون يتصارعون على السلطة، حتى نتج من ذلك عدة حروب أهلية في القرن الأول ق م. وفي 63 ق م احتلّ القائد الروماني بومبيي أورشليم. ومنذ ذلك الحين صار لروما نفوذٌ وسيطرة في فلسطين. وفي ما بعد صار بومبيي هو البطل الجمهوري في مواجهة يوليوس قيصر الطامع. لكنَّ يوليوس قيصر هزمه وحاز لقب "الدكتاتور"، وفَّر له سلطاتٍ طارئة خاصة. وقد كان قيصر حاكماً نشيطاً وقديراً وفهيماً. لكنه اغتيل في 44 ق م بمكيدةٍ دبرها الجمهوريان بروتُس وكاسيوس. ثم هزم أنطونيوسُ (صديق قيصر) وأُكتافيوسُ (وريثهُ) الجمهوريِّين في 42 ق م في مدينة فيلبي المكدونية- وهي مدينةٌ شهيرة في العهد الجديد. وبعد ذلك تناحر المنتصران. وهزم أكتافيوسُ أنطونيوسَ وحليفته كليوباترا ملكة مصر. الإمبراطورية والأباطرة: أعيا الناس من سني الحرب الطويلة حتى أتى أُكتافيوس إليهم بالسلام. وفي 27 ق م نال لقب "أوغسطس" (المبجَّل). وقد ادعى أنَّه استعاد الجمهورية، وحرص على "تقنيع" قوته الحقيقية، وسيطر على الجيش، فأصبح بالحقيقة الحاكم الأول لِما ندعوه بالإمبراطورية، وإن كان لم يستعمل هذه الكلمة قط. فقد وحد عالم البحر المتوسط كله تحت حكومة واحدة أحلَّت السلام. وغدا ممكناً أن يسافر المرء إلى أيِّ جزء من الإمبراطورية برّاً أو بحراً. حتى عمَّ الشكر في كل مكان عرفاناً بفضله. وكانت وفاته عام 14 م. في عهد أوغسطس قيصر وُلِد المسيح (لوقا 2: 1). وقد جرى تعليمه وموته وقيامته في مُلك طيباريوس، الإمبراطور الثاني (14- 37 م). وقام بولس بسفراته خلال عهدي كلوديوس (41- 54 م). ونيرون (54- 68 م) وهو القيصر الذي إليه استأنف بولس دعواه (أعمال 25: 11). الرومان واليهود: كان الرومان محتلِّين فلسطين في زمن المسيح. وقد حاولوا بادئَ بدء أن يحكموها بواسطة ملوك من أسرة هيرودس. ولمَا فشل هذا في اليهودية، أرسلوا حاكماً رومانياً كانوا يسمونه "الوكيل"، أو الوالي. ومع أن الأباطرة الأولين حرصوا عادةً على احترام مشاعر رعاياهم، فقد استصعبوا مداراة دين اليهود وقوميتهم. وقد غضب اليهودُ من جرَّاء المعاملة القاسية التي عاملهم بها بنطيُّوس بيلاطُس (26- 36 م) وخلفاؤه، فحصلت ثورة يائسة على الرومان عام 66 م. وبُعيد موت نيرون تنازع قوّاده المتنافسون لأجل السلطة في روما. أخيراً فاز فِسْباسيان، قائد جيش الجبهة السورية، وتولى عرش الإمبراطورية (69- 79 م). فكان ابنُه تيطُس من وضع حداً لتمرد اليهود. وفي السنة 70 م دمَّر أورشليم وهيكلها. وكانت روما قبل ذلك تعطف غالباً على اليهود. فبولس مثلاً كان يهودياً ومواطناً رومانياً، وكان من الطبيعي أن يلتمس لدى الرومان إنصافه وحمايته. وقد وفرت روما السلام وحرية السفر لنشر الإنجيل. ولما عومل بولس بغير عدل لجأ إلى حقه برفع دعواه إلى القيصر. وربما لم يكن يعلم آنذاك أي إنسانٍ شرير كان نيرون آخذاً أن يصير. الحياة في روما: كانت روما آنذاك مركز المسكونة، وعدد سكانها يزيد عن مليون نسمة. ولنا صورة حية عن الحياة فيها: مبانٍ عالية وشوارعٍ ضيَّقة مزدحمة، حيث يسيطر على الناس الخوفُ من الحرائق، وقرقعة العربات تُقلِقهم طولَ الليل. وقد عاش الأباطرة والنبلاء في رفاهية عظيمة لكن في خوفٍ أيضاً. وازدحمت الشوارع بالأحرار والعبيد من كل جنس. وقد حاول الأباطرة الحفاظ على السلام بتنظيم نقل الحنطة من مصر وإقامة حفلات المصارعة التي فيها كان يتنازل الرجال أو الوحوش حتى الموت. ولما شبَّ حريق كبير في روما عام 64 م، اتهم نيرون المسيحيين وعذب كثيرين منهم حتى الموت. الصالح والطالح: رُغم جميع الانجازات التي حققتها الحضارة الرومانية، كان لها جانبٌ سيء . وقد تزايد العداء لروما في فلسطين المحتلة. فلم يهتم الولاة، مثل بيلاطس وفبلكس وفستوس بقضايا الإيمان التي تجادل فيها اليهود والمسيحيون. غير أن المسيح امتدح إيمان رومانيٍّ (لوقا 7: 1 وما يلي) ووجد بطرس ضابطاً رومانياً كان مخلصاً في البحث عن الله (أعمال 10 و 11). وبعد سقوط أورشليم واجه المسيحيون مشاكل جديدة. فقد أصر الإمبراطور دوميتان (81- 96 م) على أن تقدم له فروض العبادة كإله. ولم يكن معقولاً أن يُطيع المسيحيُّ المؤمن أمراً كهذا. فاعتُبر المسيحيون أعداءً لروما. وقد كُتب سفر الرؤيا في زمنٍ احتاج المسيحيون فيه إلى القوة لمواجهة الاضطهاد الروماني. وتظهر روما في سفر الرؤيا بصورة زانيةٍ مترفِّهة، شأنها شأن بابل قديماً. . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أن الغرباء هنا هم الأباطرة الرومان |
خفايا فسيفساء الرومان |
من أشهر أباطرة الرومان-دوميتيان |
أباطرة الرومان فى عصر المسيح |
تعرف على فوائد الرومان |