رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يهمنا جميعاً قبل أن نستعرض القوانين الكنسية أن نتعرف على بعض المصطلحات الهامة للغاية لكي نعيها ونفهم طبيعة القوانين الكنسية ونميزها عن القانون العادي أو المدني، لأن هناك فرق عظيم ما بين ما يخص المجتمع وتنظيمه وما بين الكنيسة ككيان حي قوامه جسد المسيح الرب والتي تنبض بروح الله الذي يملأها، وأيضاً لكي نُميز ما بين القوانين الملزمة في الكنيسة والقوانين التي تتغير حسب البيئة المحيطة والزمان، لأننا نرى أحياناً أن هناك قانون لا يتعامل به اليوم مثلما كان يُعمل به قديماً وكمثال صغير، كان هناك قانون في القرون الأولى يأمر بعدم ذهاب المسيحي إلى الملاعب أو المسارح، وطبعاً ذلك كان بسبب أن المسارح والملاعب قديماً مرتبطة بالأوثان والتعري الفاضح مع ممارسة الشعائر الوثنية القبيحة، لذلك بعد انتهاء عصور الوثنية لم ينطبق هذا القانون على أي عصرٌ آخر بل ولا يصح أن يتمسك به أحد تمسك حرفي، لأن ملاعب اليوم أو المسارح لا تقام فيها أي شعائر وثنية فاضحة، ولكن القانون هنا لم يتم إلغاؤه بل هو ساري على كل زمان لو حدث أن هناك ظهور لأي شيء من الفضائح الأخلاقية في أي مكان أو زمان، لذلك يتم الأخذ بروح القانون وليس نصه وذلك بحسب روح الإرشاد الذي يقود الكنيسة بحسب التقوى في سرّ حياة القداسة التي هي سمة المؤمنين في الكنيسة حسب وصية الله التي تعمل فينا بقوة النعمة [ كونوا قديسين لأني أنا قدوس ] (1بطرس 1: 16)، [ بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة ] (1بطرس 1: 15).... عموماً لابد من أن نتعرف على عدة مصطلحات سوف نشرحها تباعاً باختصار وتركيز لكي نفهم طبيعة القانون الكنسي ودور كل فرد في الكنيسة كمؤمنين، لذلك سنستعرض معاً معنى هذه المصطلحات: معنى كلمة قانون – الكنيسة شعب وإكليروس – العلماني (الذي هو عضو شعب الله )، وبعد شرح هذه المصطلحات وقبل كتابة القوانين أيضاً سنتكلم عن : القانون الكنسي كعلم – مصادر القانون الكنسي
(1) تأتي هذه اللفظة في اليوناني بمعنى [ κανὼν - canon ، قانون ، قاعدة ، معيار ]، ونجد أن هذه الكلمة في اللغة القديمة هي كلمة مستعارة من اللغة السامية، حيث تعني وصية أو حبل القياس، وتعني أيضاً أي شيء يُمكن أن يُستخدم لمد أي شيء آخر أو طيه أو قياسه. وفكرة القياس هي التي برزت في المعنى العام للكلمة، وفي النهاية اكتسبت كلمة κανὼν (قانون) وبصفة خاصة: [ حبل أو قصبة للقياس – قاعدة ثابتة، أو معيار – أو الأداة التي يستخدمها المهندسون والإنشائيون لعمل الخطوط المستقيمة، وهي المسطرة ] عموماً نجد هذه اللفظة في علم الرياضيات وعلم الفلك والتاريخ تأخذ معنى قائمة أو جدول، وفي الفن دليل، أما في الفلسفة فتعني معياراً للحكم. ونجدها وقد برزت في العهد القديم في معيار الحكم، رغم ندرة وجودها جداً في العهد القديم، لأن العهد القديم ركز على الناموس كأساس حقيقي للقانون ... (2) وفي العهد الجديد ترد هذه الكلمة κανὼν أربعة مرات في رسائل القديس بولس الرسول فقط، وهي تعني باختصار معنيين وهما: [ قاعدة لحياة المسيحي كفرد – المعيار الذي به نحكم على الآخرين ] [ وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم. لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الخليقة الجديدة. فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون عليهم سلام ورحمة وعلى إسرائيل الله ] (غلاطية 6: 14 – 16) وهنا في هذه الآية (فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون) يلخص القديس بولس الرسول كل ما سبق وقاله، ولاسيما عن موت المسيح الرب على الصليب، الأمر الذي يُعطي علاقة جديدة مع الله، وأساساً جديداً للحياة. والقانون (هنا) يُنشئ مقياساً جديداً للقيم، يختلف عن أي شيء آخر خارج نطاق الخلاص، ويجب تطبيق هذه القيم على حياتنا اليومية التي تتبع هذا القانون بحسب معناه: إذ أن الكيان الجديد (أي الخليقة الجديدة) الذي شكله عمل المسيح الخلاصي، يظهر نفسه في الفكر والعمل التطبيقي في الحياة اليومية المُعاشة [ فلنسلك بحسب ذلك القانون عينه ] (فيلبي 3: 16)، ونجد في سياق الكلام للقديس بولس الرسول أنه يظهر أن المسيح الرب قد أدركه، وهذا اختبار أعطاه القدرة أن يسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العُليا: [ ليس إني قد نلت أو صرت كاملا و لكني أسعى لعلي أدرك الذي لأجله أدركني أيضاً المسيح يسوع. أيها الإخوة أنا لست أحسب نفسي إني قد أدركت و لكني افعل شيئا واحداً إذ أنا أنسى ما هو وراء و امتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع. فليفتكر هذا جميع الكاملين منا وأن افتكرتم شيئا بخلافه فالله سيعلن لكم هذا أيضاً. وأما ما قد أدركناه فلنسلك بحسب ذلك القانون عينه ونفتكر ذلك عينه. كونوا متمثلين بي معاً أيها الإخوة ولاحظوا الذين يسيرون هكذا كما نحن عندكم قدوة. لأن كثيرين يسيرون ممن كنت اذكرهم لكم مراراً والآن أذكرهم أيضاً باكياً وهم أعداء صليب المسيح. الذين نهايتهم الهلاك الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم الذين يفتكرون في الأرضيات. فأن سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها أيضاً ننتظر مُخلصاً هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء ] (فيلبي3 : 12 – 21) عموماً كل من يعيش بهذا القانون ويحفظ نفسه ويقتاد بالقديسين ناظراً لنهاية سيرتهم متمثلاً بإيمانهم ينتمي إلى [ إسرائيل الله أي شعب الله المختار (الكنيسة) ] + عموماً نجد أن كلمة (قانون) استخدمت بعد ذلك مرتبطة بالإيمان وأصبحت مصطلحاً عاماً يرددها الجميع هكذا [ قانون الإيمان ]، وأيضاً أُطلقت على إسفار الوحي الإلهي الذي اعترفت بها الكنيسة والتي تمت تسميتها بـ [ الأسفار القانونية ] (3) عموماً من المُلاحظ أنه على مدى الثلاثة القرون الأولى، نادراً ما تُستخدم كلمة (قانون) للقرارات الكنسية، بل كانت – كما رأينا – تُستخدم للإشارة إلى قانون الإيمان عموماً، وكلمة قوانين نادرة الاستخدام جداً في كتابات الآباء الأولين في الثلاثة القرون الأولى، ومع حلول القرن الرابع بدأ استخدام كلمة "قانون" للقرارات التنظيمية للكنيسة، نتيجة استخدامها بهذا المعنى في المجمع المسكوني الأول في نيقية (325م). أما كلمة "قرار" أو "مرسوم" (decretum) فبالرغم من أنها كانت تعني خلال نفس الفترة قراراً مُلزماً، إلا أنها بدأت تتحدد في المسائل العقائدية، بينما استخدمت كلمة قانون بالتحديد لقوانين النظام في الكنيسة. وفي مجمع نيقية أصبحت التعليمات المختصة بالنظام والتي أصدرها مجمع الأساقفة تأخذ اسم [قانون]، على أن بعد مجمع نيقية لم تعد التعليمات المختصة بالنظام تأخذ كلمة (قانون) بل (مرسوم) أو (قرار) Decretum .
2 – القاموس الموسوعي للعهد القديم يشتمل على المفردات اللاهوتية لكلمات العهد القديم في لغته الأصلية – العبرية + القاموس الموسوعي للعهد الجديد يشتمل على المفردات اللاهوتية لكلمات العهد الجديد في لغته الأصلية – اليونانية . 3 – كتاب تعاليم الرسل – الدسقولية – للدتور وليم سليمان قلادة الطبعة الثانية 4 – مجموعة NICENE & POST-NICENE FATHERS المجموعة الثانية، المجلد 14 الخاص بقوانين المجامع 5 – التقنين الكنسي – عوني برسوم المستشار – إصدار بيت الشمامسة القبطي بالجيزة 1994 6 – تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصري – ترجمة القمص مرقس داود 7 – قصة الكنيسة القبطية – إيريس حبيب المصري 8 – المجموع الصفوي لابن العسال (مخطوط من القرن ال 13 – جرجس فيلوثاؤس عوض 1624 ش ؛ 1908 م – الطبعة الثانية 9 – الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة – يوحنا بن زكريا 10 – ترتيب الكهنوت – الأنبا ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين، إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999 . 11 – الطب الروحاني – إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999 . 12 – قوانين البابا أثناسيوس بطريرك الإسكندرية – مصادر طقوس الكنيسة (10 /1) – راهب من الكنيسة القبطية 13 – سوف نذكر لاحقاً بعض المراجع الأخرى من ضمن الجزء الذي سوف تتم كتابته .... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|