بينما يواصل النظام الإخوانى ووزارة داخليته، هدر دماء الثوار والمصريين فى السويس وبورسعيد والإسماعيلية والقاهرة، وعدد ليس بالقليل من المدن والمحافظات الغاضبة، واصل الجنيه انهياره ونزيفه وتراجعه الحاد أمام العملات الأجنبية، وفى مقدمتها الدولار، بينما تواجه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى ضغوطا ومطالبات من أجل رفع سعر الفائدة. وعلى ما يبدو، فإن الهدنة التى منحتها أجازتا المولد النبوى ونهاية الأسبوع للجنيه ليلتقط أنفاسه، قد انتهت أمس الأحد، على إيقاع كارثة جديدة، حيث ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه مجددا بنحو قرشين مقارنة بآخر سعر له الأسبوع الماضى. ومن ثم بلغ السعر الرسمى للدولار أمس فى سوق الإنتر بنك (ما بين البنوك)، نحو 668 قرشا، بينما بلغ السعر بشركات الصرافة بعد إضافة الرسوم التى تتراوح بين 5.0% و1%، نحو 675 قرشا، وفقا لبلال خليل، نائب الشعبة العامة للصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية. بينما تباينت الأسعار غير الرسمية داخل شركات الصرافة لتتراوح بين 680 قرشا و686 قرشا للدولار. أما السوق السوداء فحدِّث عن السعر فيها ولا حرج، حيث بلغ الحد الأدنى له 725 قرشا، بينما بلغ حده الأقصى 740 قرشا، وهو ما كشفه عضو بالشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، طلب عدم ذكر اسمه، مؤكدا أن شهر يناير تحديدا يعد موسما لإنهاء تعاقدات الاستيراد للعام بأكمله، أو على الأقل الشهور الأولى منه، مما يجعل الطلب على الدولار متزايدا، بل ويدفع المستوردين للجوء لكل الطرق للحصول عليه إنقاذا لأعمالهم، على حد قوله. ولم يكن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنية أمس بعيدا عن أحداث العنف والفوضى التى شهدتها محافظات الجمهورية منذ الخميس الماضى، وتواصلت فى الذكرى الثانية للثورة، وبعد الحكم فى قضية بورسعيد، حيث أثيرت مخاوف من حدوث مضاربات على الجنيه حال استمرار أعمال العنف والفوضى، مثلما حدث بعد التنحى، وهو الأمر الذى دفع المواطنين لزيادة الطلب على الدولار قبل الأحداث وبعدها، مما أسهم فى نقص الكميات الموجودة فى السوق ورفع السعر الرسمى وغير الرسمى بشركات الصرافة والسوق السوداء. جولة «التحرير» فى أسواق الصرافة، انتهت للنتيجة السابقة، فضلا عن استخلاص قاعدة مفادها، أنه حينما «ينتشر العنف والفوضى يختفى الدولار»، وهو ما أكدته أيضا رحلة البحث عن الدولار فى شركات الصرافة أمس الأحد، فى أول أيام التداول البنكى للعملات بعدة مناطق بالقاهرة والجيزة، بعيدا عن الشوارع السياحية، حيث كشف أحد موظفى مكتب التوحيد للصرافة بمدينة نصر عن عدم توافر أى مبالغ للدولار لديه، حتى مثول الجريدة للطبع، ولو حتى بالسعر غير الرسمى، وهو نفس ما أكده لـ«التحرير» مكتبا الجمهورية للصرافة بمنطقة مصر الجديدة، وآمون للصرافة بمنطقة الدقى بالجيزة. فى السياق نفسه تأثرت شركات الصرافة الموجودة فى محيط وسط البلد بما يحدث من عمليات كر وفر مستمرة منذ الخميس الماضى، مما دفع بعضها للإغلاق، بينما فتح البعض الآخر أبوابه على استحياء، مع توفير مزيد من التأمين الخاص من قِبل شركات الحراسة التى استعان بها أصحاب تلك الشركات فى الوقت الذى اختفت فيه الشرطة من هذا المحيط تماما، واكتفت بوجودها خلف الجدران الصخرية لمحمد محمود، ما أكده على الحريرى عضو شعبة الصرافة، الذى قال لـ«التحرير»، إن الوجود الشرطى على مكاتب الصرافة مدفوع الأجر، حيث تبلغ تكلفة الشرطى الواحد 3700 جنيه شهريا، تدفع لوزارة الداخلية للحصول على تأمين من فرد شرطى واحد مسلح لمدة 12 ساعة، وهو ما وصفه الحريرى بالتكلفة الباهظة.