رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شوكة المسيحية في عيون إبليس
كلّما تصفحت الكتاب المقدّس، ابتداء بالآية الأولى، تولّدت لديّ رغبة شديدة ومُلِحّة لكتابة موضوع جديد، لأنّ كلّ آية فيه تستحقّ الكتابة عنها بإسهاب وإطناب. فقد أخبر هذا الكتاب الرائع أخبارًا كثيرة ووفّر تعاليم سامية وتضمّن رموزًا أدركها العقل مع تطوّره، فلا يوجد رمز ليحتلّ مكانة فوق قابليّة العقل على إدراكه، لعلّ أهمّها رموز الخير التي مصدرها الله ورموز الشّرّ التي مصدرها إبليس. الله هو المحبّة الدائمة منذ الأزل وإلى الأبد، ومن ثمارها رجال الله القدّيسون ونساؤه القدّيسات، إذ اقترنت القداسة بقداسة الله؛ لو لم يكن الله قدّوسًا لما كان للقداسة معنى ولما كان لها محلّ من الإعراب. امّا إبليس فأفعاله على أطراف مضادّة للمحبّة، له بداية، منذ تكوين الخليقة، وله نهاية قريبة، أي بعد المجيء الثاني للسيد المسيح له المجد، لأنّ مجيئه قريب وسريع. فما أروع كلام الرّبّ: {مِن ثِمارهِمْ تعرفونهم} - متّى: الأصحاح 7 فإننا لم نر الله لأنّ {الله لم يَرَهُ أحد قطّ. الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر} يوحنّا 18:1 كما إننا لم نر إبليس ولا رأينا واحدًا من جنوده، لكننا رأينا أفعاله الشّرّيرة والتي لا يصحّ، في نظري، أن يُقال عنها “ثمارًا” بل ألاعيب وهي مستمرّة إلى زماننا، ظاهرة تارة في مكان ما وخفيّة تارة أخرى * * وقد سمح الله لإبليس أن يتعامل مع الناس بوسائله الماكرة والخبيثة منذ بدء الخليقة الأولى، إذ نجح إبليس في إسقاط حوّاء وآدم معه إلى خارج فردوس الله ليورث جميع الناس من بعدهما الخطيئة الأصلية، ما دعت الحاجة في ما بعد إلى الفادي والمخلّص، وهذا دليل على محبّة الله ورحمته اللتين لا نهاية لهما، حتّى تمّ الفداء وتاليًا الخلاص بشخص يسوع المسيح- آمين. لكنّ إبليس لم ينجح في إعثار أيّوب التّقيّ رَجُل الله- مثالًـا- وإن سمح الله لإبليس بتعذيب أيّوب (أيوب: 2) وهذان دليلان على أنّ قوّة الخير هي الغالبة؛ فأيّوب ارتاح آخر المطاف من آلامه وبرأ من أسقامه فعاش مدة طويلة بعد التجربة وشبع من أيّامه (أيوب 16:42) أمّا إبليس فقد ولّى عنه هاربًا مخزيًّا. ومعلوم أنّ المسيح قد سحق رأس إبليس بالصّليب المقدّس وانتصر بموته على الموت فقام في اليوم الثالث (كما ورد في النبوءات) وشهد كثيرون على قيامته فبشّروا بها، والقيامة هي بذرة المسيحيّة الأولى والتي انتشرت في أصقاع الأرض، أنظر-ي مَثَل حبّة الحنطة في يوحنّا: 12 ولا شكّ لديّ في وجود حكمة إلاهيّة معيّنة سمح الله بموجبها لإبليس بتجربة البشر، والحكمة على الأرجح كانت للتعليم والتأديب ولا تزال.حكمة إلاهيّة * * وفي مقابل انتشار المسيحيّة؛ توسّع عمل إبليس مُمَثَّلًـا بجنود وأعوان وعيون اضطهدوا المسيحيّين والمسيحيّات عبر التاريخ الكنسي، حتّى تعدّى عمله إلى إرسال مبعوثين إلى خمسين دولة، هي الأكثر اضطهادًا ضدّ المسيحيّين والمسيحيّات، فرحّبت بهم حكومات تلك الدول وأعطت الضوء الأخضر لهم لفتح سفارات وقنصليّات مع ملحقات ثقافية وتجارية، ما وجب علينا الصلاة من أجل المؤمنين والمؤمنات هناك. وقد برزت في مقدّمتها كوريا الشّمالية، بحسب تقرير حديث صدر هذه السنة (2012) لمنظمة أميركيّة “أوبن دورز” أي الأبواب المفتوحة، تلتها أفغانستان، متقدّمة في هذه السنة على المملكة العربيّة السّعوديّة التي احتلّت المرتبة الثانية في إحصائيّات عدّة سابقة. وقد تفوّقت الدول الأخرى على بعضها بالمراتب التالية- وفق التقرير: 4 الصومال 5 إيران 6 جزر المالديف 7 أوزبكستان 8 اليمن 9 العراق 10 باكستان 11 أريتريا 12 لاوس 13 شماليّ نيجيريا 14 موريتانيا 15 مصر 16 السودان 17 بوتان 18 تركمانستان 19 فيتنام 20 الشيشان 21 الصين 22 قطر 23 الجزائر 24 جزر القمر 25 أذربيجان 26 ليبيا 27 عُمان 28 بروناي 29 المغرب 30 الكويت 31 تركيا 32 الهند 33 ميانمار أي بورما 34 طاجيكستان 35 تونس 36 سورية 37 الإمارات العربيّة المتحدة 38 أثيوبيا 39 جيبوتي 40 الأردن 41 كوبا 42 بيلاروسيا أي روسيا البيضاء 43 إندونيسيا 44 القطاعات الفلسطينية 45 كازاخستان 46 البحرين 47 كولومبيا 48 قيرغستان 49 بنغلاديش 50 ماليزيا. وقد لوحظ بين هذه المراتب تقدّم مع الزمن وتخلّف، بحسب اجتهاد إبليس وقوّة تأثيره. لكنّ الملاحظ أيضًا أنّ للدول ذوات الغالبيّة الإسلاميّة حصّة الأسد في هذا التقرير. لذا أطالب جميع الحكومات المعنيّة بإغلاق ممثّليّات إبليس كافّة، الدائميّة منها والمؤقّتة، والتوقف عن سياسة هزّ الذَّنَب (الذيل) للمجرمين الذين استخدموا نصوصًا إسلاميّة ضدّ معارضيهم وضد المختلفين معهم وإن كانوا أحيانًا من أبناء جلدتهم، لأنّ لتلك النصوص ظروفًا خاصّة، حصلت في أعقاب بداية الدعوة إلى الإسلام لوجود معارضين ومعارضات، ما لا يصحّ تطبيقه في أيّ زمان آخر. أمّا الشيوعيّة البائسة، التي اضطهد رفاقها المسيحيّين والمسيحيّات كثيرًا، فقد انهار قسم كبير منها والانهيار مستمرّ. قال الرّبّ يسوع: {السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول} متّى 35:24 ومرقس 31:13 ولوقا 33:21.ممثّليّات إبليس * * أمّا سبب غضب إبليس على المسيحيّة بشكل خاص وواضح فهو أنّ المسيحيّة كانت شوكة حارقة خارقة في عيون إبليس ولا تزال وستبقى، هي الوحيدة التي لا يُطيق إبليس النظر إليها ولا القراءة عنها ولا سماع أخبارها، إذ أصبحت منذ بزوغ شمسها حجر عثرة لجميع مخطّطاته وعلامة سقوط تام له ولتجارته ولا سيّما تجارة السلاح المستخدم لقتل البشر، بل الوحيدة التي قصمت ظهره وستبقى حتى اليوم المرتقب لعودة المسيح، يوم لا ملاذ لإبليس في ذلك اليوم ولا نصير ولا شفيع، لا على الأرض ولا في السماء. وإنّما المسيحيّة في جهة وإبليس في جهة مقابلة، على طرفي نقيض؛إبليس ضدّ المسيحيّة 1. هي تدعو إلى المحبّة والسلام والإخاء وصناعة صداقات وبناء أطيب العلاقات بين الإنسان وربّه وبين الإنسان وأخيه الإنسان، أمّا هو فيُناصِبُ النّاس الشّـرّ ويختلق الجفاء بين الإنسان وربّه والعداء بين الإنسان وأخيه الإنسان والبُغض والكراهية والانتقام والحرب فلا يكفّ عن صناعة كمائن معرقلة لحركات الناس وإلحاق الأذى بمَن هبّ ودبّ والتدخّل المفضوح بشؤونهم العامّة منها والخاصّة 2. هي شجاعة بمبادئها وأهدافها لأنّ شمسها ظاهرة للعيان نارُ أشعّتها لا تخبو بل نورُها يهدي جميع الناس إلى الطريق الصحيح، أمّا هو فالجبان القابع في ظلام دامس والباحث باستمرار عن طرائق للخداع والغـدر الهدف منها هو الإيقاع بالإنسان وإنزاله إلى الحضيض ومحاولة إطفاء النور أينما وُجد والتعتيم على أماكن الضياء ما أمكن 3. هي سامية لأنها امتداد لمحبّة الله وأبوّته، أمّا هو فأسفل سافلين لأنه تمرَّدَ على الله أي تمرّد على خطّته وشريعته ووصاياه منذ عصر التكوين. * * * |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|