لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ ( مر 16: 7 )
إذ دخلت النسوة إلى القبر وجدن في الحال رسولاً سماويًا ليطمئن قلوبهن ويهدئ من روعهن. لقد كن يطلبن الرب يسوع، وما دام الأمر كذلك، فلا بد أن الرب سيحقق مُرادهن بالرغم من جهلهن.
وماذا نطلب نحن؟ هل المسيح هو غرض القلب؟ ”إن تكريس القلب للرب هو الذي يُنير الذهن، وهو الذي يعطي المعرفة والفهم“. كثيرًا ما يكون سبب عمى البصيرة عن الحق، وعدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، هو أنه تنقصنا العين البسيطة التي لا ترى إلا المسيح غرضًا أمامها. كثيرًا ما نطلب ما تُمليه إرادتنا الذاتية، ونطلب مجد أنفسنا بدلاً من أن نطلب المسيح ومجده. وبقدر ما نطلب المسيح، بقدر ما تستنير قلوبنا وعقولنا.
ربما نطلب أشياء كثيرة قد تكون حسنة في حد ذاتها ولكنها تقف دون المسيح، فقد نطلب خلاص النفوس، وقد نطلب الخدمة وخير القديسين، ولكن هذه جميعها بخلاف طلب المسيح نفسه. أما إذا طلبنا المسيح أولاً، فكل شيء سيكون في مكانه الصحيح وسنجد نورًا لسبيلنا. وهكذا إذ طلبت أولئك النسوة المسيح، أخذن نورًا (إعلانًا جديدًا) من السماء، كما أُرسلن أيضًا للخدمة من قِبَل الرب. وكان عليهن أن يبلغّن الرسالة إلى «تلاميذه ولبطرس».
ومن المؤثر أن نلاحظ أن الإنجيل الذي أعطانا كل التفاصيل عن سقوط بطرس المؤسف، هو نفس الإنجيل الذي تَرِد فيه تلك الإشارة الخاصة لبطرس. فلو أن الرسالة كانت موجهة إلى التلاميذ ككل، كان من الممكن أن يقول بطرس: ”هذه الرسالة لا يمكن أن تشملني لأني لست بعد تلميذًا بعد أن أنكرت سيدي“. ولكن مثل هذا الفكر أُستبعد تمامًا بذكر اسم بطرس على وجه التخصيص.
وكان على التلاميذ أن يعرفوا أنه بالرغم من أنهم جميعًا قد تركوا الرب وهربوا، وأيضًا بالرغم من أن بطرس قد أنكره، إلا أن محبة قلب الرب لم تتغير من جهتهم. وكما كان في أيام وجوده معهم على الأرض، هكذا أيضًا في قيامته سوف «يسبقهم» لكي يقودهم في الطريق، وسوف «يرونه»، وسوف يتم كل «ما قاله لهم» ( مر 16: 7 ). ألا نستطيع أن نقول نحن على نطاق أوسع أنه بالرغم من فشل الكنيسة في مسؤوليتها وتفرُّق شعب الله، فلا بد أن يأتي الوقت الذي فيه سيجمع الرب المُقام والمُمجد كل خرافه حوله، وسوف نراه وجهًا لوجه، وسوف تتم كل كلمة قالها.