وبعد شهور قليلة من إنعقاد مجمع أنطاكية الأول الذى اطلق عليه المؤرخين ( مجمع أنطاكية التدشينى ) وإنتهائه أنعقد المجمع لثانى مرة وأطلق عليه المؤرخون ( مجمع أنطاكية الثانى ) وانعقد فى خريف سنة 341 م وقال البابا أثناسيوس عن هذا المجمع أنه كان هدفه إرسال بعثة وشاية لقسطانس إمبراطور الغرب : [ إجتمع 90 أسقفاً تحت رعاية القنصلين مارسيللينوس وبروبينوس فى سنة 341 م(3) وكان قسطنطيوس اللادينى حاضراً فى هذا المجمع ، كما دبروا ألمور هكذا فى انطاكية وقت التدشين ( المجمع الأول) رأوا ايضاً ( فى هذا المجمع) أن تركيباتهم لصيغ الإيمان لا تزال ناقصة فبدأوا مرة اخرى يصيغون منطوقاً آخر للأيمان ، وهكذا لم يكفوا عن تقلبهم ، وارسلوا بعثة من الأساقفة نارسيسوس ومارس وثيؤذوروس وماركوس إلى بلاد الغال(ترييف) مرسلين من قبل المجمع ليقدموا هذه الصيغة إلى صسطانس أغسطس المطوب الذكر ] (4)
الأريوسيين يرسلون بعثة للأمبراطور قسطانس أمبراطور الغرب
ويبدو أن الأمبراطور قسطتنس نفسه هو الذى طلب هذه البعثة ( بناء على توصية يوليوس أسقف روما ) وهذا ما ذكره المؤرخ سوزوم : [ ولما ادرم يوليوس أسق روما ، ان ما كتبه لذوى الكرامة الكهنوتية فى الشرق أصبح بلا فائدة ، اطلع الإمبراطور قسطانس على الأمر ( قسطانس إمبراطور على كل الغرب بعد موت أخيه قسطنطين الثانى ) وبناء على ذلك كتب قسطانس لأخية قسطنطيوس ( إمبراطور الشرق " الإمبراطورية البيزنطية " ) يرجوه إرسال بعض أساقفة من الشرق ليقدموا الأسباب التى من أجلها أصدروا قانون عزل الأساقفة ، وهؤلاء إختاروا ثلاثة اساقفة لهذا الغرض .. وبالأسم نارسيسوس أسقف ايرينوبوليس فى كيليكيا ، وثيئوذور أسقف هيراكليا فى تراس ، ومارك اسقف أريثوسا بسوريا ، وبوصولهم إلى إيطاليا ( ومنها إلى تريف) جاهدوا ليبرروا اعمالهم، ويقنعوا الإمبراطور أن الحكم الذى صدر من مجمع الشرق كان عادلاً ، ولما طلب منهم أن يقدموا منطوقاً مكتوباً لإيمانهم أخفوا الصيغة التى وضعوها فى أنطاكية وقدموا أعترافاً آخر مكتوباً ( وهذا ما قرره اثناسيوس أيضاً ) (5) وكان هذا مخالفاً أيضاً لأعتراف نيقية ، وأدرك قسطانس أنهم بغير حق تصيدوا بول ( بولس أسقف القسطنطينية ) واثناسيوس ( اسقف الإسكندرية ) وأنهم عزلوهما من الشركة ، ولا بسبب إتهامات تخص بالسلوك كما هو ثابت فى قرار العزل ، وإنما بسبب إختلاف العقيدة ، وبذلك طردهم دزن أن يعطيهم تصديق على صور افيمان ( التى أحضروها وحضروا من اجلها ] (6)
وذكر المؤرخ هيلارى اسقف بواتية أن الذى نبه الأمبراطور قسطانس لخداع هذه البعثة هو مكسيمنيوس أسقف تريف الرجل الصالح صديق اثناسيوس الذى كان حاضراً .. وهو الذى نبه الإمبراطور إلى خطورة هذه البعثة (7)
وذكر أيضاً المؤرخ سوزومين أن مكسيمنيوس أسقف تريف (*) رفض السماح لأعضاء هذه البعثة فى الإشتراك معه فى الصلاة معتبراً إياهم مقطوعين من الشركة لأنهم أريوسيين ، الأمر الذى أنتقم له اساقفة الغرب بعد ذلك وحكموا على مكسيمينوس وقطعة من الشركة ] (8)
ويقول البابا أثناسيوس للأمبراطور قسطنطيوس بعد أن أستدعى لمقابله الإمبراطور أخيه قسطتنس فى ميلان عاصمة شمال إيطاليا : [ وانا لم اكتب إلى أخيك ( الإمبراطور قسطانس) إلا عندما كتب إليه يوسابيوس ، واتباعه سبقوا وكتبوا إليه يتهموننى ، فكنت مضطراً وأنا مقيم فى ألسكندرية آنئذ أن أدافع عن نفسى ، ثم كتبت إليه مرة أخرى عندما أرسلت إليه المجلدات ( طرد من الكتب ) التى تحوى الأسفار المقدسة ( كان مركز البهنسا مركز توزيع عالمى لهذه الأسفار ) التى كان قد سبق وطلب منى أن أعدها له ، وأنه يليق بى وأنا بصدد الدفاع عن نفسى أن أقول الحق " لتقواكم " أنه بعد مضى ثلاث سنوات منذ اقامته فى روما كتب إلى فى السنة الرابعة ( صيف سنة 342م) يأمرنى بالمثول أمامه .. وقد كان وقتها فى ميلان ، وأنا عندما أستفسرت عن السبب لأنى كنت أجهل ذلك والرب شاهد لى ، علمت أن بعض الساقفة ذهبوا غليه يترجونه فى الكتابة لكم راغبين أن يعقد مجمع ، وصدقنى يا سيدى أن هذا هو حقيقة الأمر ، وأنا لا أكذب ، وبناء لما تقدم ذهبت إلى ميلان وأستقبلت منه بلطف كثير لأنه تنازل لرؤيتى ، وأخبرونى أنه ارسل خطابات إليك يرجو فيها أن يدعوا إلى مجمع ، ولما كنت فى المدينة (ميلان) (#) أرسل إلى لأذهب إلى الغال ، لأن الأب عوسيوس كان سيذهب إلى هناك ، وحتى نرحل من هناك إلى سرديكا ( صوفيا عاصمة بلغارياا الآن على نهر الدانوب ] (9) وطبقاً لقول أثناسيوس السابق يكون قول بعض المؤرخين ومن ضمنهم المؤرخ ثيئوذوريت : أن أثناسيوس قد ترجى ألمبراكور قسطانس أن يدعوا لمجمع عام يضم اساقفة الشرق والغرب قولاً غير صحيحاً .
أما المؤرخ جواتكن أن مقابلة أثناسيوس للأمبراطور قسطانس فى ميلان قد تمت فى مايو سنة 342م بحضور بروتاسيوس أسقف ميلان (10) ورحلة البابا اثناسيوس من ميلان إلى تريف بفرنسا فكانت فى خريف عام 342م ، وإنتقال قسطانس السريع من ميلان عاصمة شمال إيطاليا إلى تريف عاصمة فرنسا , فقد كانت بسبب ثورة الفرنسيين ( الفرنك) التى أراد أن يخمدها بنفسه ، وبعدها رحل إلى بريطانيا ولم يعد من هناك إلا قبل إنعقاد مجمع سرديكا ز
المــــــــــــــــراجع
(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 173 وما بعدها
(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
(3) ما كتبه هؤلاء المؤرخون تحقق منه ومطابق للتاريخ الرومانى القديم الذى سجله القديس أثناسيوس وبذلك يعتبر مركز تحقيق هام فى مجريات الحوادث .
(4) De Synod. 25.
(5) Ibid.
(6) Sozom., E, H.III. 10.
(7) Hil., Frag. III. 27.
(8) Sozom., E, H.III.11.
(9) Apol, ad. Coast., 14.
(10) Gwakin., op. cit., p 122.
(*) تريف مدينة فى آلمانيا إسمها الآن Trier وقد كان كثيراً ما يتواجد فيها الأباطرة الرومان ، وكانت تعتبر عاصمة فرنسا فى ذلك الوقت .
كاتدرائية القديس بطرس بناها الأمبراطور قسطنطين Constantine , وهذه الكنيسة تعتبر أقدم كنيسة فى ألمانيا ، وما زال يقصدها الألاف من الزائرين حتى الآن , ويرجح المؤرخين ان هذه كانت من ضمن الكنائس التى صلى فيها البابا أثناسيوس الرسولى .
It houses an array of artworks and a holy relic that still receives many pilgrims: the Holy Robe of Christ
(#) مدينة ميلان ----------->