رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مسيحنا المفقود أين هو؟ أين ذهب؟ ما لي لا أراه في الكنائس أو المجامع، أو المؤتمرات، أو الندوات الدينية؟ لقد اختفى فجأة وكأنه لم يكن في يوم من الأيام رب كنائسنا، أو المالك على بيوتنا، أو القائد لمعاركنا الروحية ضد أجناد الشر. أين هو؟ كيف يمكنني أن ألتقي به، وأتحدّث إليه، وقد أصبح ذكره في الكنائس منسياً، ووضعته التقاليد على الرفوف المغبَّرة في أقبية مظلمة يتعذَّر على المرء الوصول إليها. دارت جميع هذه الخواطر في ذهني وأنا أحتلُّ مقعداً في ندوة دينية دُعيت للاشتراك فيها. كان موضوع الندوة: هل هناك خلاص أبدي عن غير طريق المسيح في موته، وقيامته، وفدائه للجنس البشري؟ السؤال كما ترون يا قرائي، هو على جانب كبير من الأهمية لأنه محور التعليم الكتابي في الدرجة الأولى. فالمسيح، كما تعلمون، في تجسده وموته على الصليب، وقيامته، هو المرتكز الأساسي، والغرض الجوهري في العقيدة المسيحية، فمن غير المسيح، كما يعلن الكتاب، لا مسيحية، ومن غير صلبه، وفدائه، وقيامته، لا خلاص إذ من غير سفك دم لا تحصل مغفرة. هذا هو تعليم الكتاب الصريح. فالمسيحية من غير المسيح هي مسيحية متحجّرة ميتة. ولكن هذه الندوة، على الرغم من خطورة موضوعها لم تعنِ كثيراً بالحديث عن خلاص المسيح، وأنه هو الطريق الوحيد للحصول على الحياة الأبدية. تحدَّث في هذه الندوة ثلاثة لاهوتيين من طوائف مختلفة، إنجيلية وغير إنجيلية، وألقى كل واحد منهم مقالاً مدبّجاً بأسماء عريضة لكبار اللاهوتيين، تردّدت فيه اقتباسات مفصِّلة أو مجملة عما أعربوا عنه من آراء في موضوع الخلاص، فوجدت نفسي أغرق في بحر من التساؤلات في محاولة مني أن استوعب هذه الظاهرة التي جعلت من هؤلاء اللاهوتيين الاعتماد على نظريات أناس نظيرهم، ولم يلجأوا إلى تعليم الكتاب المقدس أو إلى أقوال المسيح بالذات، وكأني بهم يعلنون بصريح العبارة، أن اقتباساتهم واستشهاداتهم التي هي وليدة الفكر البشري، أهمّ، وأكثر صدقاً من إعلان الوحي الإلهي. وجهدت في تلك اللحظات من الانتظار أن أتحكّم بشفتيّ لئلا يصدر عني ما لا يليق بي. وعندما حان دوري للكلام، أهملت ما كنت قد أعددته من خواطر وأفكار، وتناولت الكتاب المقدس، وخاطبت المشتركين في الندوة، متكلمين وحضوراً قائلا: "إن كنّا حقاً ندّعي بأننا مسيحيون ولا نؤمن بما ورد في هذا الكتاب الإلهي، فخير لنا أن لا ندّعي المسيحية. لا يصح لنا أن نؤمن بجزء من هذا ونرفض الجزء الآخر. فالكتاب، كما ينص عليه الوحي الإلهي صادر عن الله للتعليم والتأديب والإرشاد، لنمونا الروحي، ولنزداد معرفة بشخص المسيح المخلص الوحيد لأنه ليس بأحد غيره الخلاص. هذا ما تؤكده كلمة الله الحية، فإن كنا حقاً مسيحيين علينا أن نثق بالوحي الإلهي قبل أن نتهافت على مؤلفات اللاهوتيين الذين هم بشرٌ مثلنا عرضة للخطأ، وقد يقعون، في شروحهم وتعليلاتهم، تحت تأثير ظروفهم الاجتماعية والسياسية وانتماءاتهم العقائدية، فتتقولب آراءهم، ومفاهيمهم طبقاً لهذه المؤثرات التي لعبت دوراً في صياغتها، وإخراجها إلى حيّز الوجود. لهذا، بكل ثقة ويقين، أقول أنني أرفض كل رأي أو نظرية تتناقض مع تعليم الوحي الإلهي لأن في قبولها اعتراف برفض الوحي." ثم بعد ذلك عرضت مجموعة من نصوص الكتاب المقدس التي تؤكد أن هناك طريقاً واحداً لخلاص الجنس البشري وهو طريق الصليب. فلو كانت كل الطرق تؤدي إلى روما، لكانت كل الطرق السابقة لمجيء المسيح كافية لخلاص الإنسان، ولا حاجة إلى اختلاق طريق جديدة. من المؤسف حقاً أن الإنسان، على الرغم مما أصابه من علم ومعرفة، ما برح يعاني من عقدة النقص. ويتمحور على "أناه"، ظناً منه أن الذات هذه، قادرة أن تقيه العثرات الفكرية والروحية واللاهوتية، في حين أن الحلول والأجوبة الصحيحة متوافرة لديه، في كتاب محفوظ من كل خطأ، موحى به من خالق الكون الذي أعدّ للإنسان خريطة حياة واضحة المعالم لا يمكن للمرء أن يضيع في متاهاتها. وفي طريق عودتي إلى منزلي رحت أفكر بالدواعي التي تدفع بالإنسان إلى طرح الخريطة الإلهية الدقيقة بعيداً، واللجوء إلى اختيارات يضل الإنسان في قفارها ومغاوزها؟ ولست أقصد بالإنسان هنا أي إنسان، بل أعني به، ذلك اللاهوتي أو المسيحي الذي يقرّ بمسيحيته، ولكنه يختار منها ما يتّفق مع أهوائه وعقائده، ويتخلّى عما لا يرضيه؟ ولم أجد تفسيراً لذلك سوى أن مثل هذا الإنسان قد وقع في أسر ذاته، واعتقد في نفسه أن هناك وسائل أخرى في خلاص الجنس البشري لم يعبِّر عنها الله في كتابه. بل تركها للإنسان كي يستكشفها بنفسه، ومن ثم يختار ما يشاء منها، وبذلك يكون الإنسان قد ارتكب مرة ثانية، نفس الخطيئة التي اقترفها آدم وحواء، عندما تاقا أن يصبحا كالله عارفَين للخير والشر، أي صارا قادرين على الرفض أو الاختيار ولو كان موقفهما مناقضاً للإرادة الإلهية أو الخطة الإلهية. ولست أدّعي هنا أن الله يريد منا أن نكون كحجارة شطرنج لا نفكر ولا نختار، ولكن عندما تكون القضية مصيرية ومتعلقة بالخطة الإلهية، وأن الله نفسه قد تدخل بصورة مباشرة في رسم هذه الخطة وتنفيذها وفقاً لإرادة سابقة محتمة، ثم يأتي الإنسان ويقول لله، أنا لديّ خطة أفضل من خطتك لأن خطتك تشوبها العيوب ولا تكفي لتحقيق الغرض منها، أما خطتي فهي الأكمل والأصلح، عندئذ يبلغ الموقف الإنساني حيّز الخطورة والتمرّد والرفض. إن الله يحترم إرادة الإنسان، وفي وسع الإنسان أن يختار طريقه التي تناسبه، ولكنه يكون مسؤولاً عن عواقب اختياره، فكما أن الله مسؤول عن نجاح خطته، وضمان نتائجها، يكون الإنسان أيضاً مسؤولاً عن عواقب تصرفاته واختياراته. ولكن، في نهاية المطاف، يمكن القول أن رفض الخطة الإلهية التي انبثقت من قلب محب هو رفض لله نفسه، ولفداء المسيح على الصليب، ولكل ما خطه الله من أجل تحرير الإنسان من عبودية الخطيئة، ومن الدينونة الأبدية، فيسوع هو القائل: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي" (يوحنا 6:14). فهل من يطيع صوت فدائه؟ الاب الأرشمندريت أغابيوس أبو سعدى |
10 - 12 - 2012, 02:03 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مسيحنا المفقود
شكرا على المشاركة المثمرة
ربنا يفرح قلبك |
||||
10 - 12 - 2012, 08:19 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مسيحنا المفقود
شكراً أختى مارى على مرورك الجميل
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مثل (الدرهم المفقود) |
في عالمي المفقود |
لا تفكر في المفقود |
الايصال المفقود |
الفردوس المفقود |