بطرس
صياح الديك
بطرس اسم يونانيّ ومعناه «صخرة». بطرس من مدينة صيدا ومهنته صيد السمك، وأخوه إندراوس. ويبدو أنّ زوجته من كفرناحوم لأنّ فيها شفى يسوع حماة بطرس (متّى 8: 14-15). كتب رسالتين واستشهد مصلوباً في روما.
الموقف الأوّل :
تناول بطرس العشاء الأخير مع يسوع. لقد أحيا هذا العشاء الفاخر في ذهن بطرس تنصيب يسوع ملكاً، فشبّ النزاع بين التلاميذ لمعرفة مَن هو الأكبر في ملك يسوع (لو 22: 24). ومن الطبيعي أن يشعر بطرس بمكانته الخاصّة في هذا الملك، لكنّ يسوع حسم الجدال العقيم، وقلب سلّم القيم رأساً على عقب: «ليكن الأكبر فيكم كالأصغر» (لو 22: 25-27). ومع ذلك، احتجّ بطرس على يسوع حين تكلّم على آلامه: «حاشى يا ربّ أن يكون هذا» (متّى 16: 22).
المصلحة. كلمة واحدة تترجم في بعض الأحيان دوافعنا إلى الصلاة والتقرّب من الله. نحن لا نفعل هذا مجّاناً، بل ننتظر منه المنفعة. فنصلّي ونتعبّد ونخدم و... لكي ننال بالمقابل. وماذا لو لم ننل شيئاً؟ سنعاتب يسوع كما عاتبه بطرس. سنعاتبه عتاباً من الشيطان وليس من الله.
الموقف الثاني :
لم يقدر بطرس أن يسهر مع المسيح في محنته. وحين أتى يهوذا ليقبض على المسيح، ثارت حميّته، واستلّ سيفه وقطع أذن غلام رئيس الكهنة. فأنّبه يسوع لأنّ العنف ليس طريقاً للملكوت. حينها، تخاذل بطرس وهرب مع التلاميذ الآخرين.
كم مرّة نشعر بأنّ العنف هو الأمان الوحيد المضمون في هذا العالم، وأنّ لغة المحبّة لا تؤدّي إلاّ إلى الفشل. كم مرّة تضايقنا من إلحاح المسيح على المسامحة ومحبّة الأعداء. ولولا الخجل لأعلنّا أنّ هذه التعاليم خاطئة، أو أقلّه غير صالحة لزماننا. وفي النتيجة، الفرار والابتعاد عن يسوع لأنّ في المكوث بالقرب منه ضعف.
الموقف الثالث :
توقّف بطرس عن الهرب وقاد حبّه لمعلّمه خطواته وتبع يسوع عن بعد حتّى دار رئيس الكهنة. ومكث في الباحة يتدفّأ مع الخدم (متّى 26: 58). لقد ضاع في هذا الحشد فاكتسب قليلاً من الجرأة، لكنّ لهيب النار كشف أمره وعرفته إحدى الجواري من ملامحه وقالت أنت أيضاً كنت مع يسوع الناصريّ فأنكر، وكرّر إنكاره ثلاث مرّات. حينها تذكّر ما قاله يسوع له أنّه سينكره قبل صياح الديك.
لقد انتقل بطرس من الشجاعة إلى الخيانة. كانت خطيئته عظيمة، لكنّ توبته كانت أعظم. فقد بكى بكاءٍ مرّاً. كم مرّة نخون يسوع بشتّى الأشكال. كم مرّة ننكره بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة. لكنّ القضيّة ليست هنا، بل هل نندم ندامة حارّة، هل نذرف الدموع لأجل هذا، أم نبقى غير مبالين، وإذا اعترفنا بخطايانا لا نشعر بالخجل الشديد والعار لما اقترفته يدانا؟
وأخيراً يا صديقي: أيّ موقفٍ من هذه المواقف الثلاثة تعيشه أو عشته، وما الّذي ينبغي عليك أن تفعله؟