الصحبة الشريرة تقسي القلب
قد يتقسى القلب أيضًا بسبب الصحبة الشريرة وتأثيرها على الإنسان.
ونضرب مثلًا لذلك آخاب الملك ومدي تأثير زوجته إيزابل الشريرة عليه في تقسيه قلبه.
لقد كان آخاب حزينًا لا يعرف كيفية الحصول على حقل نابوت اليزرعيلى واضطجع على سريره ولم يأكل خبزًا (1مل21). ولكن إيزابل رسمت له الخطة كيف يلفق تهمًا حول نابوت اليزرعليى، وكيف يتمكن من قتله والحصول على حقله..
فتقسي قلب آخاب، وقام من حزنه ويأسه، ونفذ الخطة وقتل نابوت.
ومن تأثير الصحبه الشريرة في نقسيية القلب نصائح الشباب لرحبعام ابن سليمان في معاملة الشعب الذي طلب تخفيف النير عنه..
كان الشيوخ قد نصحوه بالهدوء واللين والحب في معاملة الشعب. وقالوا له: "إن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب، وخدمتهم واحببتهم وكلمتهم كلامًا حسنًا، يكونون لك عبيدًا كل الأيام" (1مل12: 7).
ولكن الشباب أدخلوا القساوة إلى قلبه، واقنعوه بأهمية السلطة والكرامة ووجوب خضوع الناس له.
وقالوا له: هكذا تخاطبهم قائلًا" إن خنصري اغلظ من متني بي. أبي أدبكم بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب. أبي حملكم نيرًا ثقيلًا. وأنا أزيد النير عليكم" (1مل12: 1، 11). ونفذ رحبعام نصيحة الشباب. بكل قوة وكانت النتيجة إنشقاق المملكة عنه.
ما أسهل أن تقسي قلب أي شاب بأصدقاء يتأثر بهم، يدخلون في قلبه معاني جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية، والحقوق التي يطلبها..
وهكذا يثور على كل سلطة ورئاسة سواء في البيت أو المدرسة أو الشارع بل قد يثور أيضًا على النظام وعلى القانون ويري الرجولة في أن يفرض رأيه. وكثير من الشباب في بعض بلاد الغرب يرفضون الخضوع لآبائهم حينما يكبرون، بحجة الحرية الشخصية.
ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هي مجرد رأي، قابل للصحة والخطأ يمكن أن يأخذ به أو لا يأخذ!
وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده، وأيضًا من جهة أي أب روحي أو مرشد ويعتز برأيه، ويعتد برأيه. ويصر على أنه صاحب القرار، مهما كان حدثًا أو قليل الخبرة في الحياة! إننا نحتاج أن نربي أولادنا منذ طفولتهم المبكرة حتى لا تتلقفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسي قلوبهم.
نحتاج أن نحصن أولادنا قبل أن تقسي قلوبهم أفكار تدفعهم إلى الجدل في البديهيان، ورفض كل شيء لمجرد الرفض..
الأفكار التي تصور لهم الطاعة ضعفًا والخضوع خنوعًا، والهدوء خوفًا وجنبًا وفي تقسية قلوبهم تقلب لهم كل الموازين فيفرحون بهذا إحساسًا بالوجود والشخصية...
وإن تكلمنا عن أثر الصحبة الشريرة في تقسية القلب، لا نقصد بهذه الصحبة مجرد أشخاص، وإنما أيضًا الكتب والمطبوعات، وكل وسائل الأعلام، والوسائل السمعية والبصرية، التي يجب أن نتأكد من سلامتها.
وما نقوله عن الصغار، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضًا: في محيط الأسرة مثلًا..
مثال ذلك زوجة تقسي قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تصب في أذن ابنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها..
فعلي كل إنسان أن يكون حريصًا ولا يسمح للقسوة أن تزحف إليه من الآخرين ولا يصدق كل ما يسمعه.
من
كتاب الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث