الخل والمرارة
اعتاد العسكر الرومانى أن يُقدّموا للمحكوم عليه بالإعدام خلاً أو خمراً، لتسكين آلامه بإسكاره وتخديره، ولهذا قدموا ليسوع خلاً ممزوجاً بمرارة ليشرب، أما هو فبعد أن ذاق رفض أن يشرب (مت34:27)، وإلى هذا الحدث قد أشـار داود النبى بقوله: " وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَماً وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاًًّ " (مز21:69).
أمَّا السبب الذى من أجله رفض المسيح أن يشرب: هو رغبته فى احتمال الآلام بإرادته الحرّة، لأنَّه لأجل هذه الساعة قد أتى ولهذا " بَعْدَ هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: أَنَا عَطْشَانُ وَكَانَ إِنَاءٌ مَوْضُوعاً مَمْلُوّاً خَلاّ ًفَمَلأُوا إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا إِلَى فَمِهِ فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: قَدْ أُكْمِلَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ " (يو19: 28ـ 30).
بهذا كافئوا من كان يجول في كل مكان يصنع خيراً، فعوض المن الحلو الذي أكلوه فى البرية أعطوه المر، وعوض المياه التى أخرجها لهم من الصخرة مزجوا له الخل، أمَّا الرب فإن كان قد تألم من مرارة الخل، إلاَّ أنَّه تألم أكثر من مرارة خطاياهم.