وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضا (يو13: 34)
بدأ هذا الأصحاح العظيم بالإشارة إلى محبة الرب لخاصته (يو13: 1). لكن الرب ختمه بحديثه عن محبتنا بعضنا لبعض التي تتخذ من محبته هو لنا نموذجاً ومثالاً (ع34،35). وفي هذين العددين يشير الرب ثلاث إشارات لهذه المحبة إذ يقول « وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حبٌ بعضاً لبعض ».
لقد قال الرب هذه الأقوال المجيدة بمجرد خروج يهوذا الخائن (ع30،31) ففاض قلبه بالحديث إلى تلاميذه بأعذب حديث: عظة العُلية. وفي الواقع كانت بداية حديث الرب مع تلاميذه، تلك الأقوال عن المحبة التي نرى فيها: قيمة المحبة، ومثال المحبة، ونتيجة المحبة.
في إشارة الرب الأولى عن المحبة، نجد قيمة المحبة إذ يقول الرب « وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا ». لقد أبقى الرب هذه الوصية كآخر وصية له قبل أن يترك العالم، كما أنه دعاها « وصية جديدة ».
في الإشارة الثانية للمحبة نجد مثال المحبة. ليس فقط أن نحب بعضنا بعضاً، بل أننا نحب بعضنا كما أحبنا هو. هذا هو سبب تسميتها بالوصية الجديدة. فهي جديدة في مثالها وفي مقياسها. المقياس القديم كان « تحب قريبك كنفسك »، أما المقياس الجديد فتحب أخاك كما أحبك المسيح.
وفي الإشارة الثالثة نجد نتيجة المحبة « بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضاً لبعض ». هذا هو تأثير المحبة أن يعرف الجميع أننا أتباع المسيح.
لقد صدَّر الرب أقواله لتلاميذه بأن خاطبهم بتعبير لم يَقُله سوى في هذه المناسبة « يا أولادي » وهو تعبير يتناسب مع جو المحبة الذي ساد بعد خروج يهوذا. وقوة التعبير أنهم بالإيمان صاروا أولاد الله وانضموا إلى عائلة الله، العائلة التي أهم ما يميزها هو المحبة، لأن « الله محبة ». ولنلاحظ أن العالم لا يرى إيماننا، ولا يفهم رجاءنا، لكن أن يرانا نحب بعضنا بعضاً، فهذا يؤثر فيه بعمق ـ هذا العالم الفاسد الذي لا يعرف سوى الأنانية والشهوة. آه، كم نحن في هذا مقصرون! وكم شهادتنا في هذا باهتة. أين المحبة الأخوية بعضنا لبعض كما أحبنا المسيح؟!
يوسف رياض